مستقبل سوريا بعد الأسد.. تساؤلات بلا إجابات

شروق صبري

بعد 13 عامًا من الحرب المدمرة، حققت الفصائل السورية انتصارًا مفاجئًا، حيث أسقطت نظام بشار الأسد في أقل من أسبوع.

وكان الهجوم الثوري الذي استهدف دمشق سريعًا وغير المتوقع، أدى إلى تحول كبير في السيطرة على الأراضي وإعادة بناء الدولة السورية.

ما مصير الأسد؟

بعد أكثر من 50 عامًا من حكم عائلة الأسد، وانهيار السيطرة على العديد من المناطق السورية، تمكنت الفصائل المسلحة من الإطاحة بالنظام.

جاء هذا الحدث بعد أكثر من عشر سنوات من الانتفاضة الشعبية ضد بشار الأسد، الذي اضطر للهرب إلى روسيا مع انهيار قواته العسكرية وسقوط دمشق بيد الفصائل، معلنًا بذلك نهاية حقبة حكمه.

من هم الثوار الذين أسقطوا دمشق؟

أشارت وول ستريت جورنال الأمريكية، أمس الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 إلى تنوع القوى التي ساهمت في الإطاحة بنظام الأسد، حيث تحركت عدة مجموعات على محاور متعددة. من بين هذه القوى، كان هناك قوات كردية مدعومة من الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى مجموعات مسلحة في الشمال مثل “هيئة تحرير الشام” بقيادة أبو محمد الجولاني، التي تمكنت من السيطرة على مدن استراتيجية مثل حلب وحماة وحمص قبل الوصول إلى دمشق.

كيف تمت الإطاحة السريعة بالأسد؟

نجحت الفصائل في إسقاط النظام خلال 11 يومًا فقط، وهو ما كان يبدو مستحيلًا بعد سنوات من القتال العنيف.

وجزء من هذا النجاح يعود إلى الضعف العسكري لنظام الأسد بعد سنوات الانقسامات داخل الجيش. كما أن تراجع دعم الحلفاء مثل إيران وروسيا أسهم في سرعة انهيار النظام.

ما هي القوى الفاعلة حاليا؟

ضمن القوى الفاعلة في سوريا، كانت القوات الموالية للنظام التي اعتمدت على دعم روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، لكنها انهارت بسرعة بعد الهجوم المفاجئ من الفصائل. وفق ما نشرت وكالة بلومبرج الأمريكية يوم 8 ديسمبر 2024.

وأحد أبرز القادة الجدد في هذا المشهد هو أبو محمد الجولاني، قائد “هيئة تحرير الشام”، التي كانت في الأصل جزءًا من جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، لكنها أعادت تشكيل نفسها في 2017 بهدف تقديم صورة أكثر اعتدالًا. وتحت قيادته، أصبح للجولاني نفوذًا كبيرًا بعد سيطرته على دمشق.

لعب فصيل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا دورًا مهمًا في الهجوم على النظام، رغم افتقاره للتنظيم الكامل. ولكن، تمكن من التوحد مع فصائل أخرى لتحقيق هدف الإطاحة بالنظام ومواجهة نفوذ “هيئة تحرير الشام”. كما كان لوحدات حماية الشعب الكردية دور بارز، حيث تسعى لتحقيق حكم ذاتي للأكراد السوريين، وأظهرت مرونة في التعامل مع مختلف القوى لتحقيق أهدافها.

سوريا ما بعد الأسد تحديات داخلية ومستقبل غامض
ما دور القوى الخارجية في الصراع؟

بعد سقوط الأسد، وجدت روسيا التي كانت الحليف الرئيسي للنظام نفسها في موقف صعب، حيث منحت اللجوء للأسد وعائلته. أما إيران، التي كانت تقاتل عبر قوات الحرس الثوري وحزب الله، فقد تضررت من انهيار حليفها الرئيسي وفقدت ممرها البري الممتد من إيران إلى لبنان.

وتركيا كانت من أبرز المستفيدين من الوضع الجديد، حيث عززت دعمها للفصائل لتحقيق مصالحها السياسية والأمنية، خاصة في مواجهة القوات الكردية. في المقابل، تتبنى الولايات المتحدة سياسة غير واضحة، خاصة مع تغيير الإدارة الأمريكية، ما يعنى أنها قد تعيد تقييم سياستها تجاه الوضع السوري.

من يقود سوريا؟

القيادة المستقبلية لسوريا لا تزال غير واضحة. في الوقت الحالي، تقوم “هيئة تحرير الشام” بتأمين دمشق، وأعلنت عن تشكيل حكومة انتقالية برئاسة محمد البشير، الذي كان يدير حكومة غير رسمية في المناطق الشمالية الغربية. ومع ذلك، يظل التساؤل قائمًا حول كيفية توزيع السلطة بين الفصائل الثورية المختلفة.

لكن أحد أبرز التحديات التي ستواجه سوريا في المرحلة المقبلة هو كيفية إدارة الفصائل للمرحلة الانتقالية، وما إذا كانت قادرة على التوحد لتشكيل حكومة شاملة تعكس التنوع الطائفي والعرقي في البلاد.

وسيعتمد الوضع المستقبلي على قدرة هذه الفصائل على تجاوز الخلافات الداخلية وتوفير إدارة فعالة للبلاد. ومع ذلك، هناك مخاوف من أن يؤدي الفراغ السياسي الناتج عن انهيار النظام إلى مزيد من الفوضى والانقسامات، مما قد يعوق تشكيل حكومة مستقرة.

ما دور القوى الكبرى؟

الولايات المتحدة التي تملك وجودًا عسكريًا في سوريا، اكتفت بمراقبة تطورات الأحداث، وقامت بضربات جوية ضد تنظيم “داعش” بعد سقوط دمشق. وفي المقابل، كانت روسيا وإيران غير قادرتين على تقديم الدعم العسكري الكافي لبشار الأسد، ما ساهم في تسريع سقوطه.

وبعد سقوط الأسد سيكون للأطراف الكبرى دور كبير في تشكيل مصير سوريا. فالقوى الإقليمية والدولية تتنافس لتحقيق مصالحها في المنطقة، ما يزيد من تعقيد الوضع. ويكمن التحدي الأكبر في كيفية ملء الفراغ السياسي بعد سقوط النظام، وضمان عدم انزلاق سوريا إلى مزيد من الفوضى.

هل تمتلك سوريا أسلحة كيميائية؟

منذ سنوات، أشارت تقارير إلى أن النظام السوري أسلحة كيميائية. ورغم اتفاقات سابقة لتدمير المخزون الكيميائي في 2014، لا تزال هناك شكوك حول وجود مخزونات غير معلنة.

ولكن الفصائل أكدت أنها لن تستخدم هذه الأسلحة وستعمل مع المجتمع الدولي لمراقبتها.

ما الذي أشعل الحرب السورية؟

بدأت الحرب الأهلية السورية في عام 2011 عندما قامت قوات الأسد بقمع الاحتجاجات السلمية التي اندلعت في البلاد خلال ثورات الربيع العربي. وقد أدى هذا القمع إلى نشوء تمرد مسلح ضد الحكومة، سرعان ما تحول إلى انتفاضة في بعض المناطق، ما ساهم في تصاعد الصراع وتحوله إلى حرب أهلية طويلة الأمد.

وقد دمرت الحرب المستمرة الاقتصاد السوري، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي، وأصبحت سوريا من الدول ذات الدخل المنخفض منذ عام 2018. كما ارتفعت معدلات البطالة، وتدهور التعليم والخدمات الصحية، مما أدى إلى تراجع مؤشر التنمية البشرية إلى أدنى مستوياته منذ عقود. إضافة إلى ذلك، انهارت القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، وكل هذه العوامل زادت من حدت التمرد وعجّلت بسقوط نظام الأسد.

ربما يعجبك أيضا