مصادرة أراضي البيض.. خلاف مُحتدم بين أمريكا وجنوب إفريقيا

محمد النحاس
جنوب إفريقيا تُطالب «العدل الدولية» بمزيد من الإجراءات ضد إسرائيل

تمر العلاقات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا بأسوأ أزماتها منذ عقود، بعد أن أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بتجميد المساعدات الأمريكية لها، ردًا على قانون جديد يسمح بمُصادرة الأراضي دون تعويض.

القانون، الذي أقرته حكومة الرئيس سيريل رامافوزا، يهدف إلى تصحيح إرث الفصل العنصري من خلال إعادة توزيع الأراضي، لكنه أثار انتقادات حادة من واشنطن، حيث وصفه ترامب بأنه “تمييز عنصري ضد الأقلية الأفريكانية”.

تصاعد الخلاف

تبع ذلك إعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مقاطعة اجتماعات وزراء خارجية مجموعة العشرين، التي تستضيفها جنوب إفريقيا في نوفمبر.

وفق مقال لمعهد “كوينسي”، المنشور الثلاثاء 11 فبراير 2025، فإن الهجوم الأمريكي أثار غضب رامافوزا، الذي رد في البرلمان قائلًا: “نحن لا نمارس الاضطهاد ضد أي مجموعة، ولن نقبل بالترهيب”.

تداعيات اقتصادية وصحية

رغم تأكيد الحكومة الجنوب إفريقية أن القانون لن يؤدي إلى عمليات مصادرة عشوائية، إلا أن جماعات الضغط المؤيدة للمزارعين البيض في الولايات المتحدة، مثل “أفري فوروم”، واصلت حملتها ضد التشريع.

التوتر السياسي انعكس على ملفات أخرى، أبرزها قرار واشنطن تجميد تمويل برنامج “بيبفار” الذي يساهم في علاج مرضى الإيدز بجنوب إفريقيا، وبعد احتجاجات واسعة من الأطباء، أعلنت الإدارة الأمريكية استثناءً جزئيًا، لكن البرنامج لم يُستأنف بالكامل بعد.

قضية مُعقدة

وفق المقال، فإن قضية إصلاح الأراضي تظل من أكثر القضايا حساسية في جنوب إفريقيا؛ فمنذ نهاية نظام الفصل العنصري، لا يزال 70% من الأراضي الزراعية في أيدي البيض، الذين يشكلون 7% فقط من السكان.

وبينما تخشى بعض المنظمات الزراعية من أن يتحول الوضع إلى سيناريو شبيه بزيمبابوي، يؤكد خبراء حقوق الإنسان أن لا أدلة على “إبادة جماعية” تستهدف المزارعين البيض.

البُعد السياسي

الأمر التنفيذي الأمريكي لم يقتصر على قضية الأراضي، بل شمل انتقادات لمواقف جنوب إفريقيا من إسرائيل وإيران، خاصة بعد رفعها دعوى في محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة.

ويبدو أن هذا البُعد الإقليمي يضيف مزيدًا من التعقيد للعلاقات بين البلدين، وفي ظل هذا التصعيد، لا تزال حكومة رامافوزا تأمل في احتواء الأزمة، حيث أعلنت عن إرسال وفد إلى واشنطن لمحاولة التوصل إلى حل، لكن مع تشدد المواقف، يبدو أن الخلاف بين الجانبين قد يستمر لفترة طويلة.

ربما يعجبك أيضا