مصر والأردن في مرمى ترامب.. هل المساعدات مهمة فعلًا؟

أخطر أزمة تشهدها العلاقات المصرية والأردنية مع الولايات المتحدة منذ سنوات

عمر رأفت
ترامب

في أخطر أزمة تشهدها العلاقات بين مصر والأردن من جانب والولايات المتحدة من الجانب الآخر، خلال الثلاث عقود الماضية، أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تحويل غزة إلى “جحيم” وتهديده بوقف المساعدات لمصر والأردن، موجة واسعة من الانتقادات بين الأوساط السياسية، على المستويين العربي والدولي.

ترامب هدد، الثلاثاء 11 فبراير 2025، بإلغاء وقف إطلاق النار في قطاع غزة إذا لم يتم الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، وأن يوم السبت المقبل قد يكون الموعد النهائي لهذا الإجراء، كما لوّح بقطع المساعدات الأمريكية عن كل من مصر والأردن.

0139eabe 4dd0 4b0f 9da6 d43935b7f64c

 

موقف صعب

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أعرب المسؤولون في القاهرة عن مخاوفهم من أن يؤدي نقل الفلسطينيين إلى مصر إلى اضطرابات أمنية، بالإضافة إلى ذلك، تخشى مصر أن يؤدي قبول اللاجئين من غزة إلى تشجيع إسرائيل على الدفع نحو المزيد من النزوح من الضفة الغربية.

وزعمت صحيفة “بيزنس ستاندرد” الأمريكية أن اقتراح ترامب بخفض المساعدات يضع الأردن ومصر في موقف صعب، فكلا البلدين من بين أكبر المتلقين للمساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية، ففي 2023، تلقت الأردن ما يقرب من 1.69 مليار دولار، بينما حصلت مصر على 1.5 مليار دولار من المساعدات الخارجية الأمريكية، وفقًا للبيانات الفيدرالية.

المساعدات مهمة

من جهته، قال زياد داود كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة لدى بلومبيرج، إن الولايات المتحدة تعهدت بتقديم 1.45 مليار دولار سنويا للأردن بين 2023 و2029، واصفًا الدعم السنوي بالمهم، وقال إنه يعادل 3% من اقتصاد الأردن، وبفضله رفعت وكالة ستاندرد اند بورز تصنيف الأردن الائتماني في سبتمبر الماضي.

وأضاف داود، عبر حسابه على منصة إكس، أنه “في المقابل بلغت مساعدات الخليج للأردن 9 مليار دولار بين عامي 2011 و2022 ويمثل هذا الرقم 17% من حجم اقتصاد الأردن في 2023، وحصلت مصر على 48 مليار دولار من الخليج في نفس الفترة، أي ما يعادل 12% من اقتصادها”.
وتابع: “هل يمكن أن يستخدم ترمب الضغط الاقتصادي لإجبار الأردن ومصر على استقبال المهجرين من غزة، كما ضغط على كولومبيا والمكسيك وكندا؟ الجواب: هذا الضغط سيكون أقل فعالية لأن التكلفة الاقتصادية يمكن تعويضها، لكن المخاطر السياسية والأمنية أكبر بكثيرلكن التكلفة الاقتصادية التي قد تتحملها مصر والأردن نتيجة الضغط الأمريكي يمكن تعويضها من دول الخليج”.

ترجع أهمية المساعدات

وتعد المساعدة الأمريكية مبلغًا ثابتًا سنويًا تتلقاه مصر من الولايات المتحدة منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، حيث أعلن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمى كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل.

شهدت المساعدات الأمريكية لمصر تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، إذ لم تعد القاهرة تحصل على 2.1 مليار دولار سنويًا كما كان متوقعًا، بل بلغ متوسط ما تلقته من المساعدات الأمريكية بين عامي 2019 و2023 نحو 1.5 مليار دولار سنويًا، وفقًا لبيانات موقع المساعدات الأجنبية الفيدرالي الأمريكي.

وعلى مدار العقود الماضية، احتلت مصر موقعًا متقدمًا بين الدول المستفيدة من المساعدات الأمريكية. فمنذ عام 1946 وحتى 2024، كانت مصر ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات الأمريكية عالميًا بعد إسرائيل، وليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، بحسب بيانات مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي.

ورغم استمرار هذه المساعدات، فإن أهميتها النسبية للاقتصاد المصري تراجعت، إذ باتت تشكل نسبة ضئيلة من إجمالي الإيرادات الدولارية السنوية للبلاد، والتي تتراوح بين 90 و100 مليار دولار، وهو ما يشير إلى تقلص تأثير المساعدات الأمريكية على الاقتصاد المصري مقارنة بفترات سابقة.

موقف موحد

من جانبه، دعا المُحلل السياسي الفلسطيني، محمد جودة، إلى اتخاذ موقف موحد في مواجهة السياسة الأمريكية الحالية، وممارسة الضغط على الولايات المتحدة من خلال قطع العلاقات الاقتصادية ورفض الابتزاز الذي يمارسه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عبر المساعدات المُقدمة لبعض الدول العربية.

وأضاف جودة، في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، أن العلاقات مع الولايات المتحدة يجب ألا تكون على حساب الحقوق الفلسطينية أو مصالح الدول العربية في المنطقة.

قال جودة: “في ظل هذه المعطيات، يُطالب العديد من الخبراء بأن تُترجم القمّة العربية المقبلة، والتي ستُعقد في نهاية الشهر الجاري، التصريحات السياسية إلى أفعال حقيقية، فالشعب الفلسطيني لا يمكنه قبول أي حلول لا تمنحه حقوقه في أرضه”.

ربما يعجبك أيضا