معركة الأونروا والاحتلال.. لماذا ألغت إسرائيل اتفاقية 1967؟

إسراء عبدالمطلب

في خطوة غير مسبوقة، أبلغت إسرائيل الاثنين 4 نوفمبر 2024، الأمم المتحدة، بإلغاء الاتفاقية الموقعة عام 1967 مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وأثار هذا القرار موجة من الانتقادات الدولية والقلق بشأن مستقبل الخدمات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، بتوجيه من يسرائيل كاتس، أنها أبلغت الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاقية.

تداعيات القرار على اللاجئين الفلسطينيين

حسب هيئة الإذاعة البريطانية، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن الأونروا “تمثل جزءًا من المشكلة في قطاع غزة، حسب تصريحات كاتس، الذي زعم أن موظفي الوكالة مرتبطون بحركة حماس ويشكلون خطرًا أمنيًا.

b4d05ba6 cf46 4e39 a2ee 5c6147d8dd76

ويُخشى أن يؤدي إلغاء الاتفاقية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، إذ تقدم الأونروا منذ عقود خدمات التعليم والصحة والإغاثة لما يقرب من 6 ملايين لاجئ فلسطيني في 5 مناطق هي: قطاع غزة، الضفة الغربية، الأردن، سوريا، ولبنان، وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية عدوانًا إسرائيليًا واسعًا، وتزداد حاجة اللاجئين إلى المساعدات الأساسية.

تبعات قانون الكنيست الجديد

في الأسبوع الماضي، أقر الكنيست الإسرائيلي قانونًا يحظر عمل الأونروا في الأراضي المحتلة، ويمنع التواصل مع موظفيها. ومن المرجح أن يعقد هذا القانون عمل الوكالة في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يعتمد السكان بشكل كبير على خدماتها، وقد حذرت الوكالة من أن تنفيذ القانون قد يؤدي إلى انهيار العمليات الإنسانية في غزة، وفقًا لتصريحات المتحدث باسم الأونروا، جوناثان فاولر.

وأثار القرار ردود فعل قوية، حيث عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن “قلق بالغ” تجاه اعتماد القانونين الإسرائيليين الجديدين، وحذّر من أن منعهما لعمل الأونروا سيؤدي إلى “عواقب مدمرة على لاجئي فلسطين في الأراضي المحتلة”، ودعا جوتيريش إسرائيل للالتزام بميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، مؤكدًا أنه “لا بديل عن الأونروا”.

الأبعاد القانونية والإنسانية للقرار

ترى دائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن أن هذه الخطوة تمثل “تحديًا للمجتمع الدولي”، حيث تأسست الأونروا بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 لتقديم الإغاثة للاجئين الفلسطينيين، وأشار مدير الدائرة، رفيق خرفان، إلى أن محاولة إسرائيل تصفية الوكالة تنطوي على خطورة كبيرة لأنها تمسّ بحقوق العودة والتعويض للاجئين، مضيفًا أن حظر التواصل الإسرائيلي مع الوكالة سيعقد عملها في الضفة الغربية وغزة.

وتضمنت الاتفاقية الأصلية بين إسرائيل والأونروا، الموقعة عام 1967، تعهد إسرائيل بتيسير عمل الوكالة وضمان أمن وسلامة موظفيها وممتلكاتها، إلى جانب تقديم تسهيلات أخرى مثل حرية الحركة والإعفاءات الضريبية والجمارك، ورغم التحديات، استمرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجديد تفويض الأونروا، حيث تم تمديد عملها حتى 30 يونيو 2026.

قلق دولي واسع

أثار القرار الإسرائيلي قلقًا واسعًا على الصعيدين الإنساني والدولي، إذ تخشى الأمم المتحدة من أن يؤدي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل أكبر في الأراضي الفلسطينية، وتبقى الأونروا ركيزة أساسية في تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين، ويؤكد المجتمع الدولي ضرورة الحفاظ على دورها الحيوي في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة.

ويقول أستاذ القانون الدولي والنظم السياسية الفلسطيني، الدكتور جهاد أبولحية، إن إسرائيل تصعّد بشكل خطير ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وذلك في إطار تكملة جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني.

زيادة المعاناة

يضيف أبولحية، في تصريحات خاصة لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، أن خطوة إلغاء اتفاق عام 1967 بشأن عمليات الأونروا جاءت بعد أيام من إقرار الكنيست الإسرائيلي تشريعًا يحظر عمل الوكالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويلفت إلى أن إسرائيل تسعى بكل قوتها إلى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني، الذي يعتمد بشكل كبير على خدمات الأونروا في مجالات الإغاثة والصحة والتعليم، في ظل الحرب العنيفة في غزة، والاعتداءات في الضفة الغربية، ومحاولات تهويد القدس الشرقية.

القضاء على قضية اللاجئين

يضيف أبولحية أن هذه الخطوات المتسارعة تهدف إلى القضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين هُجّروا قسرًا بعد نكبة 1948 ونكسة 1967، مشيرًا إلى أن وجود الأونروا يمثل شاهدًا حيًا على استمرار هذه القضية، وأن استهداف الوكالة يُعد استهدافًا لحقوق اللاجئين الفلسطينيين.

ويشير إلى أن هذا القرار يؤثر سلبًا على أكثر من 18 ألف موظف يعملون لدى الأونروا، ما قد يعرضهم وعائلاتهم لظروف معيشية صعبة في حال فقدان وظائفهم، داعيًا الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها وحماية مؤسساتها التي أنشأتها، وذلك بمعاقبة كل من يجرؤ على استهداف هذه المؤسسات بشكل غير قانوني وفج.

ويشدد على ضرورة تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة وفرض عقوبات فورية عليها، ردًا على تصرفاتها غير القانونية ضد وكالة الأونروا.

ربما يعجبك أيضا