عثرت قوات أمن بونتلاند على مخبأ رئيسي لتنظيم داعش في بلدة شباب النائية، مخفيًا تحت مزرعة خضراوات، وكان المخبأ يحتوي على تجهيزات عسكرية وإمدادات معيشية تدل على أنه كان مركز عمليات رئيسي لقادة التنظيم.
وكشفت قوات بونتلاند عن هذا الموقع، في 24 فبراير 2025، حيث عثرت على أسلاك كهربائية، ومصابيح، وأنابيب تهوية، إلى جانب إمدادات غذائية وطبية وأسلحة، كما اكتشفت مقبرتين جماعيتين، يُعتقد أنهما تضمان رفات أعضاء بارزين في التنظيم قُتلوا في المعارك الأخيرة.
عملية “هيلاع”
أوضح منتدى الدفاع الإفريقي، في تقرير نشره الأربعاء 26 مارس 2025، أن قوات بونتلاند بدأت حملتها الأمنية، المعروفة باسم “عملية هيلاع”، في نوفمبر 2024، وحققت تقدمًا ملحوظًا في تضييق الخناق على تنظيم داعش في المنطقة، وأعلن رئيس بونتلاند، سعيد عبد الله ديني، عن بدء المرحلة الأخيرة من العملية في 28 فبراير، بهدف تصفية المسلحين الذين تراجعوا إلى المناطق الجبلية الوعرة.
وقال ديني، في تصريحاته لإذاعة صوت أمريكا، إن التنظيم كان يعتمد على وعورة التضاريس الجبلية لحماية نفسه، لكنها لم تعد ملاذًا آمنًا له بعد تقدم قوات بونتلاند مدعومة بالقوات الجوية والبرية، معلنًا عن عفو عام لمدة أسبوع، يشمل النساء والأطفال وأعضاء التنظيم السابقين الذين يقررون تسليم أنفسهم.
انهيار دفاعات داعش
ذكر المنتدى في تقريره أن قوات بونتلاند واصلت تقدمها في الوديان والكهوف الممتدة عبر جبال “كال ميسكااد”، ما أجبر مسلحي داعش على الانسحاب من وادي “توغا جعيل” الاستراتيجي، الذي يمتد لمسافة 40 كيلومترًا، في انتكاسة كبرى للتنظيم الذي خسر أبرز معاقله لصالح القوات الحكومية.
ووفقًا لمصادر أمنية صومالية وغربية، كان التنظيم يضم نحو 1600 مقاتل، جاء بعضهم من دول مثل إثيوبيا والسودان وسوريا والمغرب وتنزانيا واليمن. ولكن بعد سلسلة من الهزائم، قُتل نحو 500 عنصر من التنظيم، ما قلل قدرته على الصمود في المعارك المقبلة.

بونتلاند توجه ضربات قاصمة لفرع داعش في الصومال
فرار مقاتلي داعش
مع اشتداد الحملة العسكرية، انقسم مقاتلو داعش إلى ثلاث مجموعات، حيث توجهت مجموعة صغيرة تضم نحو 100 مقاتل مع أفراد عائلاتهم إلى منطقة “كارينكا قندلة” الجبلية، بينما فرّت مجموعتان أكبر إلى منطقتي “توج ميرالي” و”توج كورار” في محاولة لإعادة التمركز.
ولم تترك قوات بونتلاند الأمر للصدفة، بل استهدفت المجموعة التي توجهت إلى ميرالي بغارات جوية مكثفة، ما أسفر عن خسائر إضافية في صفوف التنظيم. وجاءت هذه الضربات كجزء من استراتيجية تهدف إلى شلّ تحركات داعش ومنع إعادة انتشار عناصره في المناطق الجبلية الوعرة.
تحديات أمنية
أشارت تقارير استخباراتية إلى أن فلول داعش قد تحاول إعادة تنظيم صفوفها في مناطق نائية أخرى، ووفقًا للعميد أحمد عبد الله شيخ، القائد السابق لقوات داناب الصومالية، فإن التنظيم قد يلجأ إلى حرب العصابات بعد خسارته وادي توغا جعيل.
وقال شيخ في تصريحاته لإذاعة صوت أمريكا: “رغم نجاح العملية العسكرية، لا تزال هناك تحديات في تأمين المناطق المحررة، ما قد يمنح التنظيم فرصة لإعادة بناء نفسه عبر تكتيكات غير نظامية”.
الميليشيات المحلية.. دور محوري
وفق موقع “هيران” الإخباري الصومالي، لعبت ميليشيات “المعويسلي” المحلية دورًا مهمًا في الدفاع عن المناطق المحررة، وتتكون هذه الميليشيات بشكل أساسي من رعاة محليين عانوا من بطش التنظيم، ومع دعم إدارة بونتلاند لهم، أصبحوا جزءًا رئيسًا من الجهود الأمنية لضمان عدم عودة داعش إلى المناطق المحررة.
ورغم النجاحات العسكرية، لم تعثر قوات بونتلاند حتى الآن على زعيم داعش في الصومال، عبد القادر مؤمن، الذي يُعتقد أنه يقود عمليات التنظيم في المنطقة. كما لا يزال كلٌّ من قائد العمليات عبد الرحمن فاهية عيسى، والمدير المالي عبد الولي محمد يوسف، متوارين عن الأنظار.

قوات أمن بونتلاند تجند العشائر في حربها على داعش
مواجهة طويلة الأمد
أوضح تقرير المنتدى أنه في ظل العمليات المستمرة ضد داعش، تبرز تساؤلات حول مدى قدرة قوات بونتلاند على تأمين الأراضي المحررة ومنع التنظيم من العودة، تقول الخبيرة الأمنية المختصة بشؤون منطقة القرن الإفريقي، سميرة قايد: “يبدو أن القوات الحكومية مستعدة لمواجهة طويلة الأمد، لكن النجاح يعتمد على مدى قدرتها على الاحتفاظ بالمناطق وتأمينها على المدى الطويل”.
ومن المرجح أن تواصل بونتلاند عملياتها لتعزيز الأمن والاستقرار، مع التركيز على منع عودة التنظيم وقطع خطوط إمداده. ومع ذلك، فإن استمرار التهديدات الإرهابية في المنطقة يتطلب يقظة مستمرة وتعاونًا أمنيًا إقليميًا ودوليًا لمواجهة خطر داعش في القرن الإفريقي.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2177360