مع ضغط أوكرانيا.. ماذا تعني خسارة خيرسون بالنسبة إلى روسيا؟

أحمد ليثي

ألقى بوتين باللوم في هجوم جسر كيرتش على المخابرات العسكرية الأوكرانية ورد بأمر بقصف البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء أوكرانيا، وأعلن الأحكام العرفية في خيرسون والمناطق الثلاث الأخرى الملحقة في محاولة لتعزيز قبضة موسكو.


تركز قوات أوكرانيا الضغط على منطقة الجنوب في خيرسون، العاصمة الإقليمية التي كانت تحت سيطرة موسكو منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” في تقرير نشرته اليوم السبت 22 أكتوبر 2022، أن من شأن السقوط المحتمل للمدينة أن يمثل إذلالًا آخر لموسكو، بعد سلسلة من الهزائم في ساحة المعركة.. فماذا يعني فقدان خيرسون بالنسبة إلى روسيا؟

أهمية خيرسون لأوكرانيا

سقطت مدينة خيرسون والمناطق المحيطة بها في أيدي موسكو في الأيام الأولى من الصراع، وسرعان ما شددت القوات الروسية هجومها شمالًا من شبه جزيرة القرم، المنطقة التي ضمتها روسيا عام 2014، وكانت خيرسون هي العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها القوات الروسية.

وحسب تقرير “أسوشيتد برس”، كانت خسارة خيرسون ضربة كبيرة لأوكرانيا بسبب موقعها على نهر دنيبر، بالقرب من مصب البحر الأسود، ودورها كمركز صناعي رئيس. ومنذ ذلك الحين، سعى مقاتلو المقاومة الأوكرانية للسيطرة على المدينة، مع تنفيذ أعمال تخريب واغتيال لمسؤولين عينتهم موسكو.

ضم غير قانوني

تقع خيرسون في نقطة تستطيع فيها أوكرانيا قطع المياه العذبة من نهر دنيبر إلى شبه جزيرة القرم، حيث منعت كييف تلك الإمدادات الحيوية بعد ضم شبه الجزيرة. وخلال الصيف، شنت القوات الأوكرانية هجمات لاستعادة أجزاء من المقاطعة.

وخيرسون واحدة من 4 مناطق ضمتها روسيا بنحو غير قانوني بعد استفتاءات صورية الشهر الماضي، واستخدمت أوكرانيا راجمة الصواريخ سريعة الحركة (هيمارس) التي قدمتها الولايات المتحدة لضرب جسر كيرتش الرئيس على نهر الدنيبر في خيرسون، الذي يربط البر الرئيس لروسيا بشبه جزيرة القرم.

ماذا كان رد روسيا؟

حسب التقرير، ألقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، باللوم في هجوم جسر كيرتش على المخابرات العسكرية الأوكرانية. ورد بوتين بقصف البنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء أوكرانيا، وأعلن الأحكام العرفية في خيرسون والمناطق الـ3 الأخرى الملحقة، في محاولة لتعزيز قبضة موسكو.

ووجدت القوات الروسية صعوبة متزايدة في وقف تقدم القوات الأوكرانية، بعدما شددت هجومها على الجنوب الغربي إلى جانب نهر دنيبر. وبدا أن القائد الروسي المعين حديثًا في أوكرانيا، الجنرال سيرجي سوروفيكين، يمهد الطريق لانسحاب محتمل من خيرسون، معترفًا بأن الوضع في المنطقة “صعب للغاية” بالنسبة إلى موسكو.

قصف مكثف من أوكرانيا

حذرت السلطات الروسية من أن خيرسون قد تتعرض لقصف أوكراني مكثف، وشجعت السكان على مغادرة المناطق التي تسيطر عليها روسيا. وقال مسؤولون إنهم نقلوا ما بين 15 ألفًا من أصل 60 ألف مواطن حتى الخميس الماضي.

من جهتها، حذرت موسكو من أن أوكرانيا قد تحاول مهاجمة السد في محطة كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية على بعد نحو 50 كيلومترًا من خيرسون، وإغراق مناطق واسعة، بما في ذلك مدينة خيرسون. ونفت أوكرانيا ذلك، واتهمت روسيا بالتخطيط لتفجيرها لإحداث فيضانات كارثية قبل انسحابها.

ماذا يعني فقدان خيرسون؟

الانسحاب من خيرسون ومناطق أخرى على الضفة الغربية لدنيبر، من شأنه أن يحطم الآمال الروسية لشن هجوم غربي على ميكولايف وأوديسا، لمنع وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود، وهو ما من شأنه أن يوجه ضربة مدمرة إلى اقتصادها، ويسمح لموسكو ببناء ممر بري إلى منطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدوفا.

ومن جهته، قال المحلل العسكري الأوكراني، أوليه جدانوف، إن “خسارة خيرسون ستحول كل أحلام الكرملين في جنوب أوكرانيا إلى غبار. خيرسون هي مفتاح المنطقة الجنوبية بأكملها، ما سيسمح لأوكرانيا باستهداف طرق الإمداد الرئيسة للقوات الروسية”.

معنى استرجاع أوكرانيا لخيرسون

بالنسبة إلى أوكرانيا، فإن استرجاع خيرسون من شأنه أن يمهد الطريق لاستعادة الجزء الذي تسيطر عليه روسيا من منطقة زاباروجيا ومناطق أخرى في الجنوب، وفي النهاية العودة إلى شبه جزيرة القرم.

وقال جدانوف: “أوكرانيا تحتاج فقط إلى الانتظار حتى تقع خيرسون في أيديها مثل تفاحة ناضجة، خاصة وأن الإمدادات الروسية في وضع حرج ويتفاقم يومًا بعد يوم”. وتأمل أوكرانيا مضاعفة أعداد راجمات الصواريخ سريعة الحركة (هيمارس) التي زودتها بها أمريكا ويمكن أن تضرب أهدافًا على بعد 80 كيلومترًا بدقة.

انهيار خيرسون

قال جدانوف: “بعد انهيار خيرسون، سيعاني الروس مرة أخرى من مشكلات المياه العذبة في شبه جزيرة القرم”، مشيرًا إلى أن “الروس سيكونون مستعدين لمحو خيرسون من فوق الأرض بدلًا من إعطائها لأوكرانيا”.

ورأى جدانوف أن الروس يمكن أن يدمروا السد لإحداث فيضانات هائلة في المنطقة، ونوَّه بأن الروس يريدون إظهار أن الهجوم المضاد الأوكراني سيواجه ردًّا قاسيًا من الكرملين الذي أعلن أن المنطقة جزء من روسيا.

معاناة الكرملين

قال رئيس مركز “بينتا سنتر” المستقل في كييف، فلاديمير فيسينكو، إن الحفاظ على منطقة خيرسون ومناطق جنوبية أخرى، سيكون بمثابة جائزة لروسيا، وستكون لخسارتها عواقب وخيمة على بوتين في الداخل والخارج.

وأضاف فيسينكو: “إذا غادر الروس خيرسون، فإن الكرملين سيواجه موجة أخرى من الانتقادات الشديدة للقيادة العسكرية من دوائر قومية متطرفة،” مضيفًا أن سقوط المدينة سيزيد من إضعاف معنويات القوات المسلحة وتأجيج المعارضة لجهود التعبئة. وأشار إلى أن الصين والهند ستجدان في سقوط خيرسون علامة على ضعف روسيا.

ربما يعجبك أيضا