منافسة جديدة على الأبواب.. الصين تعزز وجودها في القارة القطبية الجنوبية

بكين افتتحت محطة أبحاث علمية خامسة في أنتاركتيكا

آية سيد
منافسة جديدة على الأبواب.. الصين تعزز وجودها في القارة القطبية الجنوبية

السرعة التي توسع بها الصين وجودها في أنتاركتيكا تثير المخاوف بشأن طموحات بكين.


افتتحت الصين، في فبراير الماضي، محطة أبحاث علمية جديدة في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا).

وهذه المحطة، وهي الخامسة للصين في المنطقة، تثير القلق بشأن طموحات الصين في القارة القطبية الجنوبية، التي تخفي تحت ثلوجها وفرة من الموارد والمعادن، ومن المتوقع أن تصبح ساحة للتنافس بين القوى العظمى، حسب تحليل لصحيفة التليجراف البريطانية، أمس السبت 9 مارس 2024.

المحطة الجديدة

تقع قاعدة “تشينلينج” الصينية على مساحة 5244 متر مربع بالقرب من بحر روس، ويمكنها العمل أثناء أشهر الشتاء القارس واستضافة ما يصل إلى 80 شخصًا في الصيف.

وحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، من المتوقع أن تضم القاعدة رصيفًا لكاسحات الجليد، وهي في موقع يتيح لها جمع استخبارات الإشارات فوق أستراليا ونيوزيلندا وبيانات القياس عن بُعد الخاصة بالصواريخ التي يطلقها مركز أرنهيم للفضاء بأستراليا. وستساعد الصين أيضًا في “سد فجوة هائلة” في قدرتها على الوصول إلى أنتاركتيكا.

الجليد البحري في أنتاركتيكا يتراجع إلى مستوى قياسي جديد

تشقق الجليد البحري وذوبانه في بحر ودل بأنتاركتيكا

وأشار تحليل التليجراف إلى أن “تشينلينج” تضع الصين في مصاف الفاعلين الرئيسين الآخرين في القارة، وهم بريطانيا، وروسيا، والولايات المتحدة، التي تمتلك أكبر وجود بحثي، ويشمل أكبر منشأة في قاعدة “ماك موردو”.

طموحات بكين

لفت التحليل إلى أن السرعة التي توسع بها الصين وجودها تثير المخاوف من أن بكين تهدف إلى توسيع قدراتها في مجال المراقبة، أو كسب السيطرة الاستراتيجية على الموارد الثمينة وطرق الشحن، أو حتى تأسيس وجود عسكري مستقبلي هناك عندما تنتهي المعاهدة التي تحكم القارة في 2048.

وفي هذا السياق، قالت الزميلة بكلية الأمن الوطني التابعة لجامعة أستراليا الوطنية، إليزابيث بوكانان، إن بكين “مثل كل الأطراف، طموحاتها في أنتاركتيكا تتجاوز العلوم”.

وأضافت، في تصريحاتها للصحيفة البريطانية، أن المشكلة، بالنسبة للغرب، هي أن “الصين تمتلك قدرًا أكبر من القدرة والموثوقية من ناحية المخاوف المتعلقة بأنها قد تتطلع في يوم ما لاستغلال وجودها من أجل تحقيق الأفضلية الاقتصادية والاستراتيجية. هذا لأنه يمكن تجديد أي قاعدة من أجل الأغراض العسكرية”.

من يحكم القارة؟

تتمسك 7 دول، وهي بريطانيا وأستراليا وفرنسا ونيوزيلندا والنرويج والأرجنتين وتشيلي، بمطالباتها الإقليمية في أنتاركتيكا، التي لا تعترف بها معظم الدول الأخرى. وحسب التحليل، مطالبات الولايات المتحدة وروسيا لها “أساس”.

ومن الناحية العملية، يحكم القارة أطراف معاهدة القارة القطبية الجنوبية، التي جرى توقيعها عام 1959، وتقصر الأنشطة على “الأنشطة السلمية فقط”. ويمكن للأفراد العسكريين إجراء أبحاث علمية لكن يُحظر عليهم إنشاء قواعد، أو إجراء مناورات، أو اختبار أسلحة.

منافسة على النفوذ

من المقرر مراجعة هذه المعاهدة في 2048. ووفق التحليل، قد تؤدي المطالبات السيادية الجديدة إلى التدافع من أجل النفوذ على المعادن، مثل الذهب والكروم واليورانيوم والفحم، والموارد والأراضي.

منافسة جديدة على الأبواب.. الصين تعزز وجودها في القارة القطبية الجنوبية

خريطة لمواقع القواعد الصينية والروسية والأمريكية والبريطانية في أنتاركتيكا

وفي هذا الشأن، قال الباحث في شؤون أمن أمريكا اللاتينية بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، كارلوس سولار، إن الدول قد تقاتل في المستقبل “لتأمين تلك الموارد المعدنية التي ستصبح ثمينة جدًا في غضون 10 إلى 20 عامًا”.

وأضاف أن بكين، عبر إنشاء قاعدة خامسة، تعلن تركيزها القوي على أنتاركتيكا في الوقت الذي تتراجع الدول الأخرى عن مناطق العالم المختلفة للتركيز على الموارد، لافتًا إلى أن “مصالح الصين هي أن تكون في أفضل وضع ممكن قبل 2048”.

اتهامات بالتجسس

في 2022، دعم تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وجهة النظر التي ترجح أن البنية التحتية الجديدة للصين تهدف جزئيًا لتعزيز المطالبات المستقبلية بالموارد الطبيعية، وتحسين قدرات الجيش الصيني.

وحسب دراسة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في إبريل الماضي، هذا قد يعني زيادة المراقبة لأن معدات تشينلينج “يمكن استخدامها بالتزامن لاعتراض اتصالات الدول الأخرى عبر الأقمار الاصطناعية”.

إلا أن الصين رفضت الادعاءات بأن محطاتها ستُستخدم للتجسس. والشهر الماضي، صرحت وزارة الخارجية الصينية أن إنشاء تشينلينج “يتفق تمامًا مع القواعد والإجراءات الدولية المتعلقة بأنتاركتيكا”.

ربما يعجبك أيضا