من الفضاء إلى الفوضى.. هروب 43 قردًا يثير مخاوف العالم

من المختبر إلى الفضاء.. لماذا أصبح هروب القرود حديث العالم؟

شروق صبري
هروب القرود

في حادثة غير مسبوقة هذا الأسبوع، فر 43 قردًا من نوع الريسوس من منشأة بحثية بولاية ساوث كارولينا الأمريكية، مما أثار حالة من الذعر والقلق في المنطقة.

تعتبر قرود الريسوس من أكثر الحيوانات التي تمت دراستها في التاريخ، وهي تحظى بأهمية كبيرة في الأبحاث الطبية والعلمية، هذه القرود كانت جزءًا من تجارب طبية وفي مجالات الفضاء، واستخدمت في العديد من الدراسات المتعلقة باللقاحات وزراعة الأعضاء، كما كانت تُستَخدم في تجارب وكالة ناسا.

تاريخ طويل من البحث العلمي

مع ذلك، فإن هروب قرود الريسوس (Rhesus Macaque) من منشأة طبية في ساوث كارولينا هذا الأسبوع أثار جدلًا واسعًا، مما سلط الضوء على القضايا المرتبطة باستخدام هذه الحيوانات في الأبحاث العلمية وبيئاتها المغلقة.

ووفق ما نشرت “الاندبندنت” البريطانية، السبت 9 نوفمبر 2024، تُعتبر قرود الريسوس جزءًا أساسيًا من العديد من الدراسات العلمية، ومنذ أكثر من قرن كانت هذه القرود موضع اهتمام كبير في مجالات مختلفة مثل علوم الأجنة، والفضاء، والجينوم.

دورها في أبحاث الفضاء

تعد قرود الريسوس جزءًا مهمًا من برامج الفضاء التي اعتمدت عليها وكالة ناسا لدراسة تأثيرات الفضاء على الكائنات الحية، في خمسينيات القرن الماضي، تم اختيارها للمشاركة في تجارب سباق الفضاء، لما تتمتع به من تشابهات بيولوجية مع الإنسان.

وقد أطلقت ناسا قردة ريسوس تُدعى “ميس سام” إلى الفضاء على متن كبسولة “ميركوري” عام 1960، حيث وصلت سرعتها إلى 1,800 ميل في الساعة وبلغت ارتفاعًا قدره 9 أميال عن سطح الأرض، مساهمةً في دراسة تأثيرات الرحلات الفضائية على الجسم الحيوي، مما أسهم في تقدم أبحاث الفضاء وسلامة الرحلات البشرية لاحقًا.

الأبحاث الطبية

يعود تاريخ استخدام قرود الريسوس في الأبحاث الطبية إلى أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت موضوعًا رئيسًا لدراسة التطور وعلم الأجنة، وفي عام 1893، تم نشر أول دراسة عن هذه القرود التي ركزت على تشريح الحمل المتقدم.

وفي 1925، أنشأ معهد “كارنيجي” للعلوم مجموعة تكاثرية لدراسة خصوبة هذه القرود، وبفضل تكاثرها الواسع ووفرتها، أصبحت هذه الحيوانات مثالية للاستخدام في الأبحاث العلمية المختلفة.

دور القرود في مكافحة الأمراض

أصبحت هذه القرود موضوعًا رئيسًا في دراسة الأمراض البشرية، حيث ساعدت في تطوير لقاحات ضد شلل الأطفال والإيدز وكوفيد-19.

ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأت الأبحاث عن هذه القرود، خصوصًا فيما يتعلق بتشريحها وسلوكها وجيناتها، وقد شهدت خمسينيات القرن الماضي استخدام كُلى قرود الريسوس في إنتاج لقاح شلل الأطفال.

الجينوم والسلوك الاجتماعي

في 2007، كشف العلماء عن الشفرة الجينية لقرود الريسوس، فتبيّن أن جينومها يتشابه بنسبة 93% مع البشر. وهذا جعلها نموذجًا مثاليًا لفهم تطور الأنواع البشرية.

كما أظهرت دراسات سلوكية لهذه القرود تشابهًا كبيرًا مع البشر في تصرفاتها الاجتماعية، إذ تميل قرود الريسوس إلى تشكيل تحالفات اجتماعية مع أفراد العشيرة، وهو سلوك يعكس تعقيدات العلاقات البشرية في الحياة اليومية.

شعبية القرود

إحدى الأسباب التي جعلت قرود الريسوس تحظى بشعبية كبيرة هي وفرتها، حيث تتواجد بشكل واسع في مناطق تمتد من أفغانستان والهند وصولًا إلى فيتنام والصين، كما أن هذه القرود تُعتبر من الأنواع القوية، مما يسهل تربيتها واستخدامها في الأبحاث العلمية.

ولم يقتصر دورها على المختبرات؛ فقد ظهرت هذه القرود أيضًا كنجمات في برامج تلفزيون الواقع، مما أكسبها شهرة واسعة خارج حدود الأبحاث العلمية.

بداية نهاية العالم

مؤخرًا، أثار فرار الـ43 قردًا قلقًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت تعليقات على تطبيق إكس، تشبّه حادثة الهروب بأحداث فيلم “28 يومًا بعد ذلك”، الذي أخرجه داني بويل عام 2002، و في الفيلم، يتسبب إطلاق ناشطين حقوقيين لقردة مصابة من مختبر إلى تفشي الفوضى وبدء نهاية العالم.

وأضاف هذا التشبيه طابعًا دراميًا على الواقعة، وكأن الهروب الأخير لهذه القرود قد يحمل تهديدًا مشابهًا، ما أثار خيالات المتابعين عن مخاطر محتملة تشبه ما جلبته تلك القردة في أحداث الفيلم.

التعامل مع القرود الهاربة

أثار الهروب العديد من الأسئلة بشأن طريقة تعامل المنشآت البحثية مع هذه الحيوانات في بيئات مغلقة، وذكر رئيس شرطة بلدة يماسي التي يقع بها معمل الأبحاث الطبية الذي هربت منه القرود، جريجوري ألكسندر، في تصريح لصحيفة “بوست آند كوريير”، أن القردة هربت يوم الأربعاء 6 نوفمبر 2024، وهي ليست مصابة بأية أمراض، وقد هربت لأن موظف مستجد لم يغلق عليهم القفص بإحكام.

وأوضح أنه يحب على المواطنين الامتناع عن محاولة الإمساك بالقردة أو إيوائها في منازلهم، كما حذر من أن هذا قد يكون جريمة، حيث أن هذه الحيوانات لا تنتمي لهم.

مصير غامض

لم يتم الكشف عن ما إذا كانت القردة الهاربة قد خضعت لأي تجارب أو اختبارات قبل الهروب، كما لم يتم تحديد ما إذا كانت جزءًا من تجربة سريرية معينة.

وتشير التقارير إلى أن القردة ملك لشركة “ألفا جينيسيس”، وهي واحدة من أكبر المنشآت الخاصة التي تعنى بالقردة في الولايات المتحدة.

ربما يعجبك أيضا