في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، ألغت صحيفة “واشنطن بوست” بشكل مُفاجئ إعلانًا كان من المُقرر نشره الثلاثاء 18 فبراير 2025، يدعو إلى عزل إيلون ماسك من منصبه الحكومي.
وجاء هذا الإلغاء بعد أن حصل الإعلان مسبقًا على موافقة قسم الإعلانات، مما أثار تساؤلات بشأن الأسباب الحقيقية لهذا القرار، وتم إعداد الإعلان بالتعاون بين منظمة “Common Cause” الشعبية المختصة بدعم القيم الأساسية للديمقراطية الأمريكية، وصندوق عمل مركز قانون الفقر الجنوبي المتخصص في قضايا الحقوق المدنية والمصلحة العامة، وبلغت التكلفة الإجمالية للإعلان 115 ألف دولار.
من يحكم أمريكا؟
حسب صحيفة “ذا هيل”، الثلاثاء 18 فبراير 2025، كان من المفترض أن يُنشر الإعلان في إصدارات الصحيفة الموجهة إلى البيت الأبيض والبنتاجون والكونجرس، حيث يغطي الصفحتين الأمامية والخلفية، وتضمن الإعلان صورة ساخرة لماسك يضحك أمام البيت الأبيض، مع نص يتساءل: “من يدير هذا البلد: دونالد ترامب أم إيلون ماسك؟”.
وإلى جانب دعوة مباشرة للقراء للضغط على أعضاء الكونجرس للمطالبة بإقالته، ورغم التزام الإعلان بالمعايير التحريرية للصحيفة، إلا أنه سُحب لاحقًا دون تقديم مبررات واضحة، مما دفع المديرة التنفيذية لمنظمة “Common Cause”، فيرجينيا كاس سولومون، لوصف القرار بـ”الغامض”.
ردود الأفعال والتطورات
أعربت منظمة “Common Cause” عن استيائها من قرار الإلغاء، مُشددة على أن الإعلان كان سيُسلَّم للمشتركين في الكونجرس والبنتاجون والبيت الأبيض، ونشرت المنظمة على منصة إكس صورة للإعلان تُظهر ماسك ممسكًا بنموذج صغير من البيت الأبيض، مع تعليق يقول: “لم تكن صحيفة واشنطن بوست التابعة لجيف بيزوس تريدك أن ترى إعلاننا، لن نتوقف عن محاسبة السلطة”.
وشاركت المنظمة صورة تقول: “لم ينتخب أحد إيلون ماسك”، وأدرجت عنوان موقع: FireMusk.org أي “افصلو ماسك”، وجاء في نص الإعلان: “منذ اليوم الأول، أوجد ماسك الفوضى والارتباك وعرض سبل عيشنا للخطر، وهو لا يتحمل المسؤولية أمام أحد سوى نفسه”، كما يقول الإعلان بخط صغير.
دعوة لإقالة ماسك
قالت المنظمة إن “الدستور يسمح فقط برئيس واحد في كل مرة، وناشدت الناخب الأمريكي: “اتصل بأعضاء مجلس الشيوخ، وأخبرهم أنه حان الوقت لدونالد ترامب كي يقيل إيلون ماسك”.
وفي السياق ذاته، شددت مارجريت هوانج من مركز قانون الفقر الجنوبي على أن سياسات ماسك قد تؤثر سلبًا على الفئات ذات الدخل المحدود والمجتمعات المهمشة، لافتة إلى أن الحملة تهدف إلى “فرض المساءلة” على من يتولون مناصب حكومية دون الخضوع لمعايير الشفافية المعتادة.
الصحيفة تحت المجهر
يأتي هذا الجدل في وقت تواجه فيه “واشنطن بوست” انتقادات متزايدة لتوجهاتها التحريرية، خاصة بعد قرارها العام الماضي بإيقاف تقليدها في دعم المرشحين الرئاسيين، إلى جانب حضور مالكها جيف بيزوس لحفل تنصيب ترامب، كما أعرب أكثر من 400 موظف في الصحيفة عن قلقهم إزاء قرارات الإدارة التي “تهدد مصداقية المؤسسة”، مطالبين بمناقشة سياسات التحرير.
وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان التوتر المستمر بين الحرية التحريرية والضغوط السياسية، حيث سبقتها حالات مشابهة، مثل رفض قناة “فوكس نيوز” بث إعلان لمجموعة ديمقراطية تنتقد تجميد الإنفاق الفيدرالي لترامب، وهو ما يعكس التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية في الموازنة بين الاستقلال التحريري والتأثيرات السياسية والاقتصادية.
ويظل قرار “واشنطن بوست” بإلغاء الإعلان محل تساؤل، خاصة في ظل عدم تقديم مُبررات واضحة، ومع استمرار الانتقادات الموجهة إلى الصحيفة تحت ملكية بيزوس، فإن الجدل بشأن استقلالية الإعلام الأمريكي في مواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية سيظل قائمًا.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2139513