«مهمة أرتميس 1 المنحوسة».. مسار رحلة الصاروخ العاجز عن الوصول إلى القمر

نادية عبد الباري

نجاح أرتميس تمهيد لمشروع أكبر يتضمن تحركًا مستمرًّا بين الأرض والقمر، كما هو الحال في محطة الفضاء الدولية، وستكون هذه المهمة جزءًا من مهمة كبرى تسمى "من القمر إلى المريخ"، فتستهدف الوكالة إطلاق أولى رحلات المريخ المأهولة من قاعدة قمرية تُنشأ بعد نجاح أرتميس في مهامها.


تبدو مهمة “أرتميس 1″، التي تسعى وكالة الفضاء والطيران الأمريكية لإطلاقها، لا يحالفها الحظ، ليصفها البعض بـ”المنحوسة”.

والمهمة “أرتميس 1” المؤجلة حتى الآن، بدأت منذ إعلان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش 2004، عن رحلة تعيد أمريكا مرة أخرى إلى القمر وتعيدها للصدارة بحلول 2020، وحينها أوضحت “ناسا” أنها شرعت في تنفيذ المشروع.

حلم أرتميس يعيد أمجاد أرمسترونج

منذ هذا التاريخ وتخرج ناسا بخطوات وصور تمهد لعملية الإطلاق، وتضع مواعيد لتنفيذ المهمة، ثم يتبخر الحلم الذي ينتظره الملايين الذين لم يشهدوا الرحلات الأولى للقمر في الرحلة التي استمرت من عام 1958، وعادت إلى الأرض 1966، وتوجد حالة من التساؤل عن الأسباب.

وأوضح مدير “ناسا”، جيم بريدينستاين، في تصريحات نشرتها العديد من وسائل الإعلام، من بينها موقع “سبكتبروم” الألماني، الخميس الماضي 10 نوفمبر 2022: “ناسا على طريق جيد في ما يخص التعامل مع المخاطر التقنية، أما الأمر الأهم والأصعب فهو المخاطر السياسية”.

أرتميس

أرتميس

بالضغط على القادة «ناسا» حصلت على التمويل

بعد رحيل أوباما وقدوم ترامب وجد علماء ناسا أن مشروعهم المرجو لن ينفَّذ إلا بالضغط على الساسة من أجل تقديم الدعم المالي الكافي، وفي أثناء الحملة الانتخابية لترامب طالبوه بذلك، وهو تعهد بالتمويل وإكمال “أرتميس”، وبالمناسبة اسم “أرتميس” يشير إلى الأخت التوأم لأبولو وآلهة القمر.

وقالت “ناسا” إنها تحتاج إلى ما بين 20 و30 مليار دولار، تنفق على 5 سنوات، لتمويل هذا المشروع الضخم، وفقًا لموقع “ساين إكس إكس” الألماني العلمي، من هنا كان يجب على الحكومة الأمريكية زيادة ميزانية وكالة الفضاء، فتحصل ناسا سنويًّا من الحكومة الأمريكية على 20 مليار دولار، لتمويل أنشطتها المختلفة كافة.

086eb6c44ad9e38489fc90be27cafcbc

ميزانية إضافية

حسب ما قدرت وكلة ناسا الفضائية فإنه ينبغي أن تحصل سنويًّا على ستة إلى ثمانية مليارات، تضاف إلى الميزانية، وهو أمر ليس بهين على نظام الإدارة في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن المقترح بالزيادة قدّم للكونجرس من الرئيس السابق ترامب المؤيد للمشروع في يونيو 2019.

وقد عرض ترامب اقتراحًا ماليًّا، يجب أن يحظى بموافقة لجنة مختصة من الكونجرس قبل عرضه للتصويت، ولكن تعطل المشروع في مرحلة اعتماد الميزانية حتى عام 2020، وجاءت جائحة فيروس كورونا، كوفيد19، التي تسببت في أزمة اقتصادية كبيرة.

فشل مستمر في إطلاق صواريخ مهمة أرتميس

لإصرار الرئيس الأمريكي السابق، وقت حكمه، دونالد ترامب، جرى اعتماد المشروع والعمل عليه، وبعد مجيء الرئيس الجديد جون بايدن، لم يقف المشروع، وأعلنت وكالة رويترز يوم 24 أغسطس 2022، أن إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا)، ستطلق المركبة الفضائية “أوريون” المدمجة، الاثنين 29 أغسطس.

وقد نشر حساب “ناسا” على “تويتر”، بالتاريخ السالف، أن الإطلاق لم يجر بنجاح وأرفقت عدة صور توضح ذلك. وفي 30 أغسطس، أعلنت أن الوكالة ستجري محاولة ثانية لإطلاق صاروخها القمري القوي الجديد، بعد 5 أيام من فشل محاولة أولية، بسبب مشكلات فنية.

مشكلات مستمرة تعطل أرتميس 1

انتظر الملايين بثًّا حيًّا لإطلاق آخر في 4 سبتمبر، ولكن “ناسا” أعلنت الفشل للمرة الثانية، وعللت ذلك بأن المهندسين في موقع الإطلاق في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا وجدوا مشكلات في RS-25، أحد المحركات الأربعة للصاروخ “أرتميس 1” (Artemis 1)، ولم يتمكنوا من إصلاحها في الوقت المناسب لنافذة الإطلاق المجدولة.

وفي 6 سبتمبر 2022، وبعد أكثر من تأجيل، أعلنت (ناسا) موعدًا جديدًا لإطلاق مهمة “أرتميس 1″، ناحية القمر بنجاح بالتعاون مع عدة وكالات فضائية دولية أخرى، في 19 سبتمبر أو 4 أكتوبر، وهي المهمة التي تحمل مجموعة من 3 دمى تجريبية و10 أقمار اصطناعية صغيرة، في أول تحرك جدي ضمن خطة العودة إلى القمر.

تأجيلات أسبابها غير منطقية

في 28 سبتمبر، أوضح مسؤول في ناسا أن إجراء محاولة جديدة لإطلاق صاروخ وكالة الفضاء الأمريكية العملاق إلى القمر في أكتوبر سيكون “صعبًا”، مرجحًا حدوث ذلك في نوفمبر، ثم قال رئيس وكالة “ناسا” بيل نيلسون لشبكة “سي إن إن” الإخبارية: “ندرك أنّ أقرب موعد للإقلاع سيكون نهاية أكتوبر، لكننا سنضطر، على الأرجح، إلى إنجاز المهمة في منتصف نوفمبر الحالي”.

download 18

وفي بيان رسمي، نشر في “سكاي نيوز” مساء 10 سبتمبر، تذكر ناسا أنه تأجل إطلاق الصاروخ المنحوس إلى يوم 16 نوفمبر، بسبب اقتراب العاصفة الاستوائية “نيكول”، وأضافت الوكالة: “تستمر ناسا في متابعة العاصفة الاستوائية نيكول، لذلك قررت تأجيل إطلاق مهمة Artemis 1 إلى الأربعاء 16 نوفمبر”.

نظام الإطلاق الصاروخي «SLS»

download 17

حسب ما أوضحت ناسا أن “أرتميس 1” جزء من مهمة أكبر تتكون من 3 أجزاء، الأول هذا العام، والثاني ينطلق في 2024، أما الثالث فمن المتوقع أن ينطلق في عام 2025، وستحمل رواد فضاء إلى أرض القمر، في عودة تاريخية للمرة الأولى منذ سبعينيات القرن الماضي، حينما انطلق نيل أرمسترونج على القمر الصناعي أبولو 1958 م.

ونظام SLS هو نظام الإطلاق الصاروخي لأرتميس، يمكنه إرسال حمولة تقارب 20 طنًّا إلى القمر (ناسا)، وسيخوض رحلة اختبارية، تتراوح المدة المخطط لها ما بين 26 و42 يومًا منذ لحظة انطلاقها، فيأتي في إطار المهمة إطلاق الأقمار الصناعية الصغيرة من فئة “كيوب سات” CubeSat لدراسة سطح القمر وبناء خرائط حديثة لمناطق نزول رواد الفضاء.

أرتميس تتميز بإراحة رواد الفضاء

تستخدم المهمة “أرتميس 1” نظام الإطلاق الصاروخي (Space Launch SysteM)، وهو صاروخ جديد يبلغ ارتفاعه 98 مترًا ويزن نحو 3 ملايين كيلوجرام، بحسب ناسا، فهو أقوى الصواريخ التي طوَّرتها على الإطلاق، ويمكنه إرسال حمولة تقارب 20 طنًّا إلى القمر.

وأعلى الصاروخ توجد كبسولة رواد الفضاء المسماة “أوريون”، وهي النسخة الأحدث على الإطلاق من كبسولات رواد الفضاء. والرحلة ستكون أكثر راحة لرواد الفضاء، فتحتوي كبسولة أوريون على نظم حماية مطوّلة من الإشعاع، ومكان متسع لراحة رواد الفضاء (ناسا).

الرحلة تصل إلى حدود ما بعد القمر

تصميم أوريون جاء بالأساس لحمل البشر إلى مسافات أبعد بكثير من القمر، وهي كبسولات مريحة لرواد الفضاء، كونها توفر مساحة متسعة لراحة رواد الفضاء، ومرحاضًا، وموضعًا للتمارين الرياضية، فيمكن أن تصاب عضلات رواد الفضاء بالضمور في حالة فقدان الجاذبية فترات طويلة.

630f49774c59b7692e24b502

ومع نجاح رحلة أرتميس المنحوسة، يتوقع أن تحمل الرحلة التالية رواد فضاء إلى القمر، لكنهم لن ينزلوا إليه، وبافتراض نجاح الرحلة الثانية في 2024 ستنطلق الرحلة الثالثة والأخيرة عام 2025، حاملة رواد فضاء للنزول إلى سطح القمر، ذلك أنها لا تهدف إلى نزول البشر على سطح القمر مرة واحدة.

 

 

ربما يعجبك أيضا