نالت إشادة ترامب.. باكستان تستهدف داعش خراسان 

محمد النحاس

في يناير الماضي، تلقى رئيس الاستخبارات الباكستانية مكالمة من مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جون راتكليف، وكان الطلب واضحًا: المساعدة في القبض على المسؤولين عن تفجير بوابة آبي في كابول، الذي أسفر عن مقتل 170 مدنيًا أفغانيًا و13 جنديًا أمريكيًا.

ما تبع ذلك كان عملية استخباراتية كبرى شملت تعاونًا استخباراتيًا عبر 21 دولة، وانتهت باعتقال محمد شريف الله و38 آخرين، وشكلت هذه العملية انتصارًا لباكستان، التي استعادت موقعها كعنصر محوري في الحرب ضد داعش خراسان.

عملية ناجحة 

قاد العملية جهاز الاستخبارات الباكستاني (ISI) تحت إشراف مديره العام، الفريق عاصم مالك، الذي التقى راتكليف على هامش مؤتمر أمني في ألمانيا لوضع خطة العملية.

ماذا نعرف عن داعش خراسان؟ scaled.jpg وجرى تفكيك خلية عمليات خارجية تابعة لداعش خراسان والتي كانت مسؤولة عن هجمات دامية خلال السنوات الأخيرة، وتم ترحيل أخطر عناصرها إلى دول منها الولايات المتحدة، وروسيا، وتركيا، وإيران، حسب صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، الأحد 16 مارس 2025.

إشادة نادرة من ترامب

جاء اعتقال شريف الله، وهو أفغاني اعترف بتدبير تفجير بوابة آبي خلال الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان في أغسطس 2021، كإنجاز دبلوماسي لكل من إسلام آباد وواشنطن، وأدى ذلك إلى إشادة نادرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي شكر الحكومة الباكستانية في 4 مارس على “المساعدة في القبض على هذا الوحش”، وذلك في أول خطاب له أمام الكونجرس منذ عودته للرئاسة.

ترامب، الذي كان قد جمد المساعدات العسكرية لباكستان خلال ولايته الأولى بسبب اتهامها بتوفير ملاذ لطالبان، بدا وكأنه سيكرر النهج نفسه، إذ تم وضع 397 مليون دولار مخصصة لصيانة مقاتلات F-16 الباكستانية ضمن خطة لتجميد المساعدات الخارجية.

 لكن في 23 فبراير، تم استثناء هذا المبلغ، ما فُسر على أنه مكافأة لدور باكستان في اعتقال مدبري تفجير بوابة آبي، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، شكر رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف ترامب على تقديره لدور بلاده في مكافحة الإرهاب، وأكد أن “باكستان ستواصل شراكتها الوثيقة مع الولايات المتحدة لتحقيق السلام والاستقرار الإقليمي”.

تورط في هجمات موسكو وإيران

لم يكن اعتقال شريف الله سوى بداية للكشف عن شبكة إرهابية أوسع؛ في الشهر الماضي، أعلنت باكستان أن بعض عناصر داعش-خراسان الذين تم اعتقالهم خلال العملية كانوا متورطين في هجمات كارثية في كل من إيران وروسيا.

وفي يناير 2024، نفذت المجموعة هجومًا في مدينة كرمان الإيرانية، أسفر عن مقتل 95 شخصًا وإصابة 284 آخرين، وبعد أسابيع، في مارس، نفذت الشبكة نفسها هجومًا على قاعة كروكس سيتي هول في موسكو، أسفر عن مقتل 145 شخصًا وإصابة أكثر من 500.

كما تورطت داعش-خراسان في محاولات هجوم فاشلة في أوروبا، من بينها محاولة استهداف حفل للمغنية تايلور سويفت في فيينا العام الماضي.

باكستان.. خط الدفاع الأول

قال ريكاردو فالي، وهو من مُعدي “مؤشر الإرهاب العالمي 2024″، إن باكستان كانت دائمًا على “الخطوط الأمامية” في مواجهة داعش – خراسان، مشيرًا إلى أن الجماعة التي تأسست عام 2015 لا تزال متشابكة مع السياسات الأفغانية والباكستانية نظرًا لتاريخهما المشترك في محاربة الإرهاب.

استخدمت داعش-خراسان المناطق الحدودية في خيبر بختونخوا وبلوشستان لإنشاء شبكات تهريب للمقاتلين والأسلحة، وأوضح الباحث عبد الباسط، الزميل في مركز دراسات العنف السياسي والإرهاب في سنغافورة، أن موقع باكستان يجعلها نقطة عبور رئيسية للمسلحين المنتقلين بين آسيا الوسطى، وإيران، وتركيا.

تحالفات هشة

لكن معركة باكستان ضد الإرهاب تعقدها علاقتها المضطربة مع نظام طالبان في أفغانستان، رغم عدائهما المشترك لداعش-خراسان، ترفض طالبان الأفغانية اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتمردين الباكستانيين الذين ينفذون هجمات عبر الحدود.

وتشمل هذه الجماعات حركة طالبان باكستان، التي كثفت هجماتها في خيبر بختونخوا، إلى جانب الانفصاليين البلوش الذين صعدوا تمردهم من قواعد في أفغانستان وإيران.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة، شنت طالبان الأفغانية حملة “قاسية” على داعش-خراسان، مما أدى إلى طردها من معاقلها في شرق وجنوب أفغانستان، ولكن بدلاً من القضاء عليها، انتقل بعض مقاتليها إلى خيبر بختونخوا، بينما لجأ آخرون إلى إقليم بلوشستان الشاسع، الذي توفر حدوده المفتوحة ممرًا آمنًا لحركة المسلحين.

غياب التنسيق الإقليمي

يؤكد المحللون أن غياب التنسيق بين باكستان وأفغانستان وإيران قد يمنح داعش-خراسان فرصة لإعادة تنظيم صفوفها، وأشار فالي إلى أن التنظيم استفاد من التوترات بين هذه الدول لنقل مقاتليه بحرية، كما أن الخلافات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة، وروسيا، وإيران أدت إلى عرقلة الجهود الدولية لمكافحة داعش-خراسان.

ويقول عبد الباسط إن نجاح باكستان الأخير في تفكيك خلية داعش-خراسان يُظهر أن التعاون ممكن، لكنه يظل “مؤقتًا”، مضيفًا أن الحاجة الملحة الآن هي لإنشاء آلية استخباراتية مشتركة للحفاظ على الضغط على التنظيم، محذرًا من أن استمرار الجهود الباكستانية سيعتمد على التعاون غير المنتظم مع الحكومات الأخرى.

ورغم التعقيدات الإقليمية، فإن العملية الأخيرة عززت مكانة باكستان في الحرب العالمية ضد الإرهاب، ورسّخت دورها كفاعل أساسي في القضاء على داعش-خراسان، وبينما يستمر التهديد الإرهابي، تظل إسلام آباد في مواجهة مفتوحة مع الجماعات المتطرفة، في معركة لا يبدو أنها ستنتهي قريبًا.

ربما يعجبك أيضا