نظام إيراني سري للالتفاف على العقوبات.. ما التفاصيل؟

ولاء عدلان

عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني غلام رضا مصباحي مقدم: معاملات الاستيراد والتصدير الإيرانية السرية تصل إلى 80 مليار دولار سنويًا.


قال المتحدث باسم الجمارك الإيرانية روح الله لطيفي، الأحد 20 مارس 2022، إن روسيا يمكن أن تستفيد من تجربة إيران في مواجهة العقوبات، وأنها يجب أن تصبح “ممرًّا لتلبية احتياجات روسيا”.

تمكنت إيران الخاضعة لعقوبات أمريكية منذ مايو 2018، خلال السنوات القليلة الماضية من الالتفاف على هذه العقوبات بعدة وسائل كالمقايضة وتهريب السلع، وأنها أنشأت نظامًا سريًّا لإدارة عشرات المليارات من الدولارات في تجارتها المحظورة، بحسب ما أفاد تقرير حديث لـ”وول ستريت جورنال”.

نظام مصرفي سري

أفاد دبلوماسيين غربيين ومسؤولو استخبارات لـ”وول ستريت جورنال” بأن إيران أنشأت نظامًا مصرفيًّا وماليًّا سريًّا للاتفاف على العقوبات، ما مكّنها من تحمل ضغوط واشنطن ومنحها موقعًا تفويضيًّا أفضل في المحادثات النووية الجارية الآن مع مجموعة الـ”5+1″ التي تشمل أمريكا وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا، وساعدها في المضي قدمًا في برنامجها النووي.

ويتألف هذا النظام من حسابات في بنوك تجارية أجنبية وشركات تجارية ومالية تعمل كوكلاء عن النظام الإيراني مسجلة في الخارج، بالإضافة إلى غرفة للمقاصة ولإدارة معاملات هذه الشركات من داخل إيران، وبحسب المسؤولين الغربيين نجح هذا النظام لدرجة أن السلطات الإيرانية تسعى لجعله جزءًا دائمًا من اقتصادها، لحماية إيران من العقوبات المحتملة في المستقبل.

عملية غير مسبوقة لغسيل الأموال

نقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين غربيين أن هذا النظام الإيراني السري يعد عملية غير مسبوقة لغسل الأموال يديرها نظام رسمي، لافتة إلى أن النظام المصرفي الذي أنشأته طهران للتحايل على العقوبات يعمل على النحو التالي تُنشئ الشركات المحظورة من الاستيراد والتصدير بموجب العقوبات شركات أخرى خارج الحدود تحت أسماء مختلفة لتكون بمثابة وكلاء خارجيين.

وأوضحت أن هذه الشركات التي تعمل بالوكالة تتاجر مع المشترين الأجانب للنفط الإيراني والسلع الأخرى أو بائعي البضائع لاستيرادها إلى إيران، ومن خلال حسابات في بنوك أجنبية يجرى إتمام المعاملات النقدية بينهم، لافتة إلى أن جزءًا من الإيرادات يهرب إلى إيران نقدًا، فيما تبقي جانبًا من هذه الإيرادات في حساب الشركات الوكيلة لاستيراد سلع حيوية كالآلات الصناعية وواردات التكنولوجيا.

80 مليار دولار حجم المعاملات السرية

أفادت “وول ستريت جورنال” بأنها اطلعت على صفقات لعشرات الشركات التي تعمل بالوكالة لصالح الشركات الإيرانية ورصدت 61 حسابًا لهذه الشركات في 28 بنكًا أجنبيًّا في دول مثل الصين وهونج كونج وسنغافورة، ومن وقت لآخر يتباهى المسؤولون الإيرانيون علنًا بجهودهم للالتفاف على العقوبات دون ذكر تفاصيل.

ونقلت الصحيفة عن عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني غلام رضا مصباحي مقدم وهو شخصية مقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي قوله في يناير 2021، إن معاملات الاستيراد والتصدير السرية تصل إلى 80 مليار دولار سنويًا، وإن غالبية الصادرات الإيرانية من البنزين والصلب والبتروكيماويات الخاضعة للعقوبات الأمريكية، تدار عبر قنوات سرية.

صندوق النقد الدولي يتوقع نمو التجارة الإيرانية

وأشارت إلى أن صندوق النقد الدولي يتوقع نمو التجارة الإيرانية إلى 150 مليار دولار خلال العام الجاري، بما في ذلك عائدات تجارتها المحظورة.

وذكر أن تجارة إيران تراجعت خلال الفترة من 2010 إلى 2015 بفعل العقوبات الدولية بـ55% إلى 79.7 مليار دولار، فيما عادت تدريجيًّا إلى مستوياتها بعد توقيع الاتفاق النووي في 2015، لتسجل في 2017  نحو 117.5 مليار دولار.

خبرة في التعايش مع العقوبات

نقلت “رويترز” في 2019 عن مسؤولين إيرانيين ورجال أعمال أن إيران تحملت العقوبات الأمريكية بفضل زيادة صادراتها من السلع غير النفطية وزيادة الضرائب والأهم استعانتها بصفقات المقايضة والتهريب وبعض الصفقات السرية للالتفاف على العقوبات، ونقلت عن مسؤول إيراني قوله إن أمريكا إذا نجحت في وقف صادراتنا من النفط، فسنصدر أي شيء نتمكن من تصديره.

وقال مدير مشروع إيران بمجموعة الأزمات الدولية علي واعظ لـ”رويترز” إن إيران صاحبة خبرة كبيرة في العيش تحت الضغط الاقتصادي، فمنذ 2010 عززت صادراتها غير النفطية كثيرًا، وكذلك التجارة مع الدول المجاورة مثل العراق وأفغانستان، هذا فضلًا عن قدرتها على تهريب النفط والالتفاف على العقوبات.

بنية تحتية غير فعالة

اعتبر مسؤولون غربيون وإيرانيون في تصريح لـ”وول ستريت جورنال” أن البنية التحتية المالية “السرية” في إيران غير فعالة ومكلفة وعرضة للفساد، وقالوا: حتى في حال توصلت طهران إلى إحياء الاتفاق النووي خلال الأيام المقبلة وسمح ذلك بإعادة ربط تعاملات لتجارية والمالية بالاقتصاد العالمي، فإن البنوك والشركات الأجنبية من غير المرجح أن تعاود التعامل مع إيران بالسرعة ذاتها.

وأوضحوا أن الشركات الأجنبية ستتوخى الحذر في إعادة علاقاتها مع إيران إلى ما كانت عليه قبل مرحلة العقوبات، وذلك خشية السقوط تحت وطأة عقوبات مستقبلية أو الملاحقة بموجب قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

ربما يعجبك أيضا