نفاد الخيارات.. شكوك في قدرة أوكرانيا على استعادة الأراضي

آية سيد
الخيارات تنفد من أوكرانيا.. شكوك في قدرة كييف على استعادة الأراضي

عجز أوكرانيا عن إظهار النجاح الحاسم في ميدان المعركة يؤجج المخاوف بشأن وصول الصراع إلى طريق مسدود وإمكانية تراجع الدعم الدولي.


نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تحليلًا يفيد بأن خيارات أوكرانيا تنفد لاستعادة الأراضي المهمة التي تحتلها روسيا.

وأشارت الصحفية سوزانا جورج، في التحليل المنشور اليوم الأحد 20 أغسطس 2023، إلى أن الهجوم الأوكراني المضاد يُظهر علامات على التعثر، في حين تتقدم القوات الروسية في الشمال، وأجّلت واشنطن خطة تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16.

مخاوف من العجز الأوكراني

يظل التقدم الذي حققته كييف مقتصرًا على بضعة قرى. ولهذا، فإن عجز أوكرانيا عن إظهار النجاح الحاسم في ميدان المعركة يؤجج المخاوف بشأن وصول الصراع إلى طريق مسدود وإمكانية تراجع الدعم الدولي.

وفي هذا السياق، أشار التحليل إلى تقرير استخباراتي أمريكي سري تنبأ بأن الهجوم المضاد سيفشل في الوصول إلى مدينة ميليتوبول الرئيسة، الواقعة جنوبي شرق أوكرانيا، هذا العام.

وفي الوقت ذاته، يتلهف الشعب الأوكراني المنهك من الحرب على أن يحقق القادة في كييف النصر. بينما في واشنطن، من المتوقع أن تتزايد دعوات تقليص المساعدات لأوكرانيا في الفترة التي تسبق انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، وفق التحليل.

التقدم مستبعد

استبعد محللون أن تستطيع أوكرانيا تحقيق تقدم كبير من دون المزيد من الأسلحة المتطورة لتعزيز الجبهة أو إرسال كل قوات الاحتياط. وفي هذا الشأن، قال الزميل بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومركز الأمن الأمريكي الجديد، فرانز ستيفان جادي: “السؤال هو أي الجانبين سيُنهك أولًا”.

وأضاف: “لا ينبغي أن نتوقع تحقيق أي أهداف عسكرية كبرى بين ليلة وضحاها”، مشيرًا إلى أن روسيا وأوكرانيا الآن في مرحلة “استنزاف” لموارد إحداهما الأخرى، بدلًا من تأمين تقدمات إقليمية كبيرة.

وعند سؤالهم عن تقدم الهجوم المضاد، دعا المسؤولون الغربيون والأوكرانيون إلى الصبر، واصفين القتال بأنه أبطأ من المتوقع، لكنهم أصروا على أنه يحقق مكاسب بثبات. لكن حسب التحليل، نافذة الوقت ضيقة أمام أوكرانيا لتنفيذ عمليات هجومية بسبب اقتراب الشتاء.

هجمات المسيّرات

في ظل تقدم القوات البرية ببطء، صعّدت أوكرانيا هجمات المسيّرات على الأراضي الروسية، في الوقت الذي تنتظر المزيد من الذخيرة المتطورة والتدريب، حسب مستشار وزير الدفاع الأوكراني، يوري ساك.

ووفق التحليل، قال ساك: “لا نمتلك مقاتلات إف-16 بعد، لذلك علينا إيجاد طريقة لتعويض غيابها”، موضحًا أن المسيّرات تُستخدم نوعًا ما لتعويض نقص الطائرات.

اقرأ أيضًا| ضرب روسيا بالمسيّرات.. هكذا ستتغير تكتيكات الحرب مستقبلًا

وسيلة غير كافية                                

يحذر المحللون من أنه في حين أن هجمات المسيّرات يمكنها تحويل الانتباه بعيدًا عن بطء الهجوم الأوكراني المضاد على الأرض، من المستبعد أن تقلب موازين الحرب لصالح كييف.

وفي هذا السياق، قال الكولونيل الأمريكي المتقاعد ومدير الأبحاث ببرنامج أوراسيا في معهد أبحاث السياسة الخارجية، بوب هاميلتون، إن الأوكرانيين” لا يملكون القدرة على بناء مسيّرات وضرب أهداف داخل العمق الروسي بما يكفي لتقويض رغبة الروس في القتال”.

وأشار التحليل إلى أن روسيا لديها طرق متطورة لمكافحة المسيّرات الأوكرانية باستخدام أجهزة التشويش والرصد. وفي هذا الإطار، قال هاميلتون: “لا أعتقد أن منظومة سلاح واحدة يمكنها أن تكون حلًا سحريًا”.

الذخيرة بعيدة المدى

تضرب أوكرانيا أيضًا أهدافًا لوجيستية روسية بذخيرة بعيدة المدى، بعيدًا عن خط الجبهة، منذ أشهر، لكن تأثير هذه الضربات حتى الآن لم ينعكس على خط الجبهة الروسي، وفق جادي، الذي زار أوكرانيا مؤخرًا. وقال: “نحن نعلم أن الموقف الروسي تدهور، لكنه لم يتدهور إلى درجة توقع انهيار وشيك”.

وأوضح التحليل أن حملة الضربات بعيدة المدى، التي يُشار إليها بـ”المعركة العميقة”، يمكن وصفها بأنها ناجحة عندما لا تستطيع قوات الخصم استدعاء قوات الاحتياط أو إجراء مهام الدعم الأساسية، مثل إعادة التزويد.

إلا أن القوات الروسية تُظهر مقاومة شرسة وتحقق تقدمات عسكرية، مثلما فعلت في كوبيانسك، شمالي شرق أوكرانيا. بينما على الجبهة الجنوبية، تواصل القوات الأوكرانية استخدام نهج بطئ لتحقيق التقدم، بدلًا من السرعة التي أوصى بها الحلفاء الغربيون، مثل الولايات المتحدة.

اقرأ أيضًا| أوكرانيا تستهدف جسر كيرتش وروسيا تتوعد.. دلالات وأبعاد

تمهيد الطريق

عزا مستشار وزير الدفاع الأوكراني، ساك، التقدم البطيء إلى إزالة حقول الألغام على طول الجبهة. وقال: “لإرسال قوات الاحتياط، نحتاج أولًا إلى التأكد من أن الطرق خالية من الألغام. نحن نفضل التقدم ببطء والتأكد من الحفاظ على أرواح قواتنا”.

وحسب التحليل، استعادت القوات الأوكرانية 209.7 كيلومتر مربع من الأراضي المحتلة منذ بدء الهجوم المضاد في يونيو الماضي، وكانت أكبر مكاسبها بالقرب من باخموت في الشرق، وجنوبي أورخيف في منطقة زابوروجيا.

استراتيجية خطيرة

لخلق نوع من الزخم، ورفع تكلفة الحرب على المواطنين الروس العاديين، زادت أوكرانيا هجماتها داخل روسيا. لكن وفق المحللين، هذه الاستراتيجية تأتي بمخاطر. وقالت الزميلة بمركز ستيمسون، كيلي جريكو: “منذ بداية الحرب، كان أحد الأمور التي قلق حلفاء أوكرانيا بشأنها هي أن ينتهي الأمر بتصعيد غير مقصود”.

لكنها أشارت إلى أن إدارة جو بايدن أدارت خطر الصراع المباشر مع روسيا بنجاح عبر تزويد كييف بالمنظومات المتطورة والذخيرة بعيدة المدى تدريجيًا. وأضافت جريكو أن زيادة مدى منظومات الأسلحة التي تقدمها واشنطن وحلفاؤها “حدث بالكثير من الضمانات من كييف بأنها لن تستخدمها لاستهداف الأراضي الروسية”.

ولفتت الباحثة الأمريكية إلى أنه إذا وسعت أوكرانيا استخدام المسيّرات، واستمر الهجوم المضاد ببطء، “قد يجعل هذا الغرب قلقًا بشأن ما إذا كانت أوكرانيا ستستمر في ممارسة نفس القدر من ضبط النفس”.

ربما يعجبك أيضا