خلال تجمع انتخابي في ولاية ويسكونسن في سبتمبر 2024، صرح الرئيس المنتخب دونالد ترامب بأن “الكثير من الدول تتخلى عن الدولار، لكنها لن تتخلى عنه معي سأقول لهم، إذا تركتم الدولار، فلن تتعاملوا مع الولايات المتحدة، لأننا سنفرض رسوماً جمركية بنسبة 100% على بضائعكم”.
وكان ترامب يشير بذلك إلى دول تحالف بريكس+، وهي مجموعة تضم عدداً من الدول التي تنتقد النظام الدولي القائم على “القواعد” الذي وضعته الولايات المتحدة منذ عصر بريتون وودز، والذي يراه الكثيرون من هذه الدول مُنحازًا لصالح الغرب، وبشكل خاص الولايات المتحدة، على حساب الدول النامية في الجنوب العالمي.
تحدٍ لهيمنة الدولار
تأسست مجموعة بريكس عام 2009 بتعاون بين البرازيل وروسيا والهند والصين، تحت قيادة روسيا؛ وفي العام التالي انضمت إليها جنوب إفريقيا، ليتم تغيير اسم المجموعة إلى بريكس، ومنذ ذلك الحين، انضمت دول أخرى.
وعلى الرغم من أن بعض الخبراء يصفون المجموعة بأنها “ما دون إمبريالية” بدلاً من مناهضة الإمبريالية، إلا أن تحالف بريكس+ يمثل أول تحد حقيقي لهيمنة الدولار التي استمرت لعقود، وبالتالي لهيمنة الولايات المتحدة على السياسة العالمية.
وفي قمة هذا العام في روسيا، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اقتراحه لإنشاء “بريكس باي”، وهي شبكة مدفوعات تهدف لمساعدة الدول على تجاوز النظام المالي العالمي القائم على الدولار، حسب مقال لمجلة ريسبنسبول ستيت كرافت الأمريكية، نشرته في 28 نوفمبر 2024.
الدولار كأداة عقوبات
على مر السنين، استخدمت الولايات المتحدة الدولار كأداة لفرض العقوبات على دول معادية مثل كوبا وفنزويلا وإيران وأفغانستان وكوريا الشمالية والصين.
وفي أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، استخدمت الولايات المتحدة نظام المدفوعات بالدولار لتجميد 300 مليار دولار من احتياطيات روسيا بالعملات الأجنبية، وهو ما وصفه الاقتصادي روبرت ه. ويد بأنه “سلاح اقتصادي جديد” وفق المقال.
ما بعد ترامب
على الرغم من أن فك الارتباط بالدولار قد لا يحدث قريباً، إلا أن حقيقة أن دول بريكس+ التي تمثل 35% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و45% من سكان العالم، تتخذ هذا الموضوع على محمل الجد، ما يمثل مصدر قلق حقيقي للقيادة الأمريكية، بما في ذلك ترامب.. فكيف قد يؤثر انتخاب ترامب على هذا التحالف؟
وفي فترته الرئاسية السابقة، بدأ ترامب حرباً تجارية مع الصين، وهو ما استمر في عهد إدارة بايدن، إضافة إلى فرضه عقوبات جديدة على إيران وفنزويلا وروسيا.
وإذا عاود ترامب استخدام العقوبات كسلاح، فإن المزيد من الدول قد تسعى لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة. وفقاً لأحمد عبودة، زميل في “تشاثام هاوس” ورئيس وحدة البحث عن الصين في “مركز الإمارات للدراسات”، فإن ذلك قد يعزز قيادة الصين لتحالف بريكس ويعزز الابتكار في البنية التحتية المالية والتعاون بين هذه الدول.
مسار غير مرجح
مع ذلك، من غير المرجح أن يتم تنفيذ هذه المبادرات بسرعة، بسبب وجود عدد من العوامل؛ ترامب أوضح نيته بخصوص الدول التي ترغب في الابتعاد عن الدولار، وذلك من خلال فرض رسوم جمركية كبيرة على بضائعها.
في حين أن العديد من الاقتصاديين يرون أن هذه الرسوم ستكون مسكلة كبيرة للتجار الذين سيضطرون إلى تحميل هذه التكاليف على المستهلكين، كما أن العملة الخاصة بـ بريكس+ قد تكون بديلاً للدولار في التجارة العالمية، بدلاً من استبداله تمامًا.
وفيما يخص الآراء داخل مجموعة بريكس+، ليس هناك توافق واضح حول كيفية المضي قدمًا في مبادراتهم المقترحة، وبما أن فك الارتباط بالدولار يُعد خطًا أحمر بالنسبة للإدارة الأمريكية، فإن “الكثير من الدول لن ترغب في مواجهة غضب الولايات المتحدة، مما يعني أن ترامب سيؤخر تنفيذ “بريكس باي” و”بريكس بريدج”.
نهاية الهيمنة الأمريكية
الواقع الحالي يوضح أن تحالف بريكس+ يمثل تقريباً نصف سكان العالم، في حين أن الناتج الإجمالي لدوله يتفوق بالفعل على الناتج الإجمالي للولايات المتحدة وحلفائها من مجموعة السبع الكبرى.
وبحسب الاقتصادي ريتشارد وولف، فإن “أكبر حقيقة نواجهها الآن هي نهاية الإمبراطورية الأمريكية”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة فشلت في إعاقة صعود الصين وتحالف بريكس+.
وحتى إذا فرض ترامب رسوماً جمركية ضخمة على الصين ودول أخرى من بريكس+، فمن غير المحتمل أن يتمكن الغرب من وقف صعود هذا التحالف.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2062272