في الثالث من أكتوبر 2023، ألقى المرشد الإيراني علي خامنئي خطابًا أمام حشد كبير من المسؤولين الحكوميين والزوار الدوليين في طهران.
واختتم خامنئي حديثه بتصريحات مثيرة عن إسرائيل، إذ استشهد بآية قرآنية مؤكداً أن “الدولة اليهودية ستنفجر من غيظها”. كما ذكر أن مؤسس النظام الإيراني، روح الله الخميني، وصف إسرائيل بالسرطان، متنبئًا بإبادتها على يد الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة في المنطقة.
هجوم 7 أكتوبر 2023
بعد أربعة أيام من خطاب خامنئي، تعرضت إسرائيل لهجوم من قطاع غزة، حيث أُطلق أكثر من 1000 صاروخ على جنوب إسرائيل، تلاه اجتياح جماعي عبر الحدود باستخدام دراجات نارية، وسيارات جيب، وقوارب، ومناطيد، وأسفرالهجوم عن مقتل 1180 إسرائيليًا واحتجاز 251 آخرين.
ووفق ما نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية الثلاثاء الماضي 10 ديسمبر 2024، جاء رد إسرائيل على الهجوم بسرعة وقوة، مستهدفةً قيادات حماس والقضاء عليها، بالإضافة إلى استشهاد الآلاف من مقاتلي حماس وتدمير البنية التحتية لغزة.
رغم أن طهران لم تكن طرفًا مباشرًا في الهجوم، إلا أن القيادة الإيرانية استغلت هذا الحدث لتعزيز موقفها في المنطقة. وبحلول 13 إبريل 2024، أطلقت إيران سلسلة من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد إسرائيل، مما شكل أول هجوم مباشر من الأراضي الإيرانية على إسرائيل.
إيران وإسرائيل
قبل الثورة الإيرانية عام 1979، كانت إيران تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي تقيم علاقات اقتصادية وأمنية قوية مع إسرائيل.
ولكن بعد الثورة الإسلامية، تحولت العلاقات بشكل جذري، حيث أصبح العداء لإسرائيل جزءًا من عقيدة النظام الجديد. ورغم محاولات إسرائيل لإيجاد قنوات اتصال مع النظام الإيراني، فإنها فشلت في تغيير مسار العلاقات التي أصبحت مشحونة بالتوترات.
البرنامج النووي الإيراني
منذ عام 2002، بدأ البرنامج النووي الإيراني يثير القلق الدولي، خاصة بعد الكشف عن منشآت نووية غير معلنة كانت تهدف إلى إنتاج وقود يمكن استخدامه في الأسلحة النووية.
في 2015، تم توقيع الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، لكن بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق في 2018، تصاعدت التوترات مرة أخرى. ردت إيران بتصعيد الهجمات ضد مصالح الدول الغربية، ما أدى إلى زيادة المخاوف من احتمال حصولها على أسلحة نووية.
التصعيد الإقليمي
في العقدين الأخيرين، بدأت إيران تتوسع في تدخلاتها الإقليمية، خاصة في سوريا ولبنان واليمن، حيث عززت من وجودها العسكري ودعمت ميليشياتها بما في ذلك حزب الله لتعزيز نفوذها في المنطقة.
ومع زيادة قدراتها العسكرية، بدأ القلق الإسرائيلي يتصاعد من احتمالية استهداف إيران لخطوطها الحمراء، خاصة فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
إيران تتحدى إسرائيل
بحلول نهاية حرب إيران والعراق في عام 1988، أصبحت إيران في وضع يمكنها من تحدي إسرائيل بشكل أكثر جدية. رغم أن الجمهورية الإسلامية خرجت من تلك الحرب منهكة وفقيرة، إلا أن الصراع ساعد النظام على تعزيز سلطته.
في هذه المرحلة، بدأت إيران بتسريع استئناف برنامجها النووي، وفي عام 2002، كشف معارضون إيرانيون عن مواقع نووية غير معلنة، كانت مخصصة لإنتاج وقود قابل للاستخدام في الأسلحة النووية، وهو ما يعد خرقًا لاتفاقات طهران الدولية.
وقد أكدت هذه الاكتشافات لإسرائيل وروسيا والولايات المتحدة والدول الأخرى أن إيران كانت تعمل على بناء البنية التحتية اللازمة للحصول على الأسلحة النووية، ما أثار قلقًا عالميًا.
الربيع العربي يعزز موقع إيران
بينما شكلت ثورات الربيع العربي في عام 2011 تحديات لإيران، خاصة في ظل تهديد الاضطرابات لأحد أبرز شركائها، بشار الأسد، استطاعت عبر دعمها لحزب الله وروسيا من الحفاظ على دعم الأسد.
هذا التدخل من إيران ساعدها في الحفاظ على نفوذها في سوريا، حيث ضمنت أن حزب الله سيظل القوة المهيمنة في لبنان. كما عملت على توسيع ترسانة حزب الله من الصواريخ الدقيقة ووسائل الإنتاج.
كما استغلت الفوضى الناجمة عن الحروب الأهلية في اليمن لتعزيز نفوذها في المنطقة، ومع مرور الوقت، أصبحت قادرة على استعراض قوتها في مختلف أنحاء الشرق الأوسط من خلال شبكتها الواسعة من المليشيات، مما منحها قدرة أكبر على التنسيق والاستجابة للتحديات الإقليمية.
إيران وإسرائيل في مأزق استراتيجي
إيران وإسرائيل، والمنطقة ككل، في وضع صعب، لكن القادة الإيرانيين والإسرائيليين يعتقدون أن التهديد المتبادل لا يزال وجوديًا وغير قابل للتغيير. ورغم الخسائر الكبيرة وإضعاف قدراتها، تظل إيران قوة يمكن أن تكون أكثر خطورة.
ولطالما كان النهج الإيراني في التعامل مع الانتكاسات هو الاستفادة من الضغط واللعب على المدى الطويل. وعلى مدار أكثر من 40 عامًا، أظهرت إيران قدرة على التكيف مع الأزمات الكبرى. ربما يكون هذا التوجه هو ما سيُظهره النظام الإيراني مرة أخرى في هذا الوضع.
تزايد الدعوات النووية في إيران
في تحول كبير، بدأ بعض الأصوات داخل إيران يطالبون صراحة بتطوير الأسلحة النووية، وهو أمر لم يكن محط اهتمام علني في السابق.
وفي نوفمبر 2024، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بعض الشخصيات المؤثرة في النظام يرون أن الامتناع عن السلاح النووي كان سياسة فاشلة. هذا التحول يمكن أن يعجل بالبرنامج النووي الإيراني إذا استمرت الضغوط الخارجية.
إدارة ترامب.. تصعيد أم تهدئة؟
مع تولي ترامب منصب الرئاسة مرة أخرى، يبدو أن سياسة الضغط الاقتصادي على إيران ستستمر بقوة. ورغم تصريحاته القوية التي تهدد بتدمير إيران، إلا أنه أبدى أيضًا رغبة في التوصل إلى صفقة مع طهران.
وقد تواصل إدارة ترامب استخدام الأساليب القسرية إلى جانب الانفتاح على التفاوض مع إيران.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2072479