هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي شنته الفصائل الفلسطينية، على إسرائيل أثار جدلاً واسعاً حول ما إذا كان يمثل انتصاراً للعرب أو مجرد نكبة جديدة تعيد تكرار معاناة الشعب الفلسطيني والمواجهات الدموية في المنطقة.
بينما نجح الهجوم في تحقيق أهداف تكتيكية، إلا أن التداعيات الطويلة الأمد تطرح تساؤلات حول المكاسب والخسائر.
المكاسب المؤقتة
بحسب صحيفة “الجارديان” في تقرير نشر، اليوم الاثنين 7 أكتوبر 2024، فإن الهجوم كان مفاجئًا من حيث التخطيط والتنفيذ، حيث نجحت حماس في اختراق دفاعات إسرائيل وضرب أهداف حساسة في جنوب البلاد، بما في ذلك السيطرة على مستوطنات ومراكز عسكرية لفترة وجيزة. هذا الهجوم أظهر ضعفًا في التنسيق الاستخباراتي الإسرائيلي، مما أحدث صدمة كبيرة على الصعيدين العسكري والسياسي داخل إسرائيل.
من الناحية الرمزية، اعتبر البعض الهجوم انتصارًا مؤقتًا للعرب، حيث أظهر أن المقاومة الفلسطينية ما زالت قادرة على توجيه ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي، حتى مع التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير.
في هذا السياق، يُنظر إلى الهجوم على أنه إحياء للأمل في المقاومة وإظهار قدرة الفلسطينيين على تنظيم عمليات عسكرية كبيرة، مما قد يعزز موقفهم في أي مفاوضات مستقبلية.
الخسائر والتداعيات
مع ذلك، لم تدم هذه المكاسب طويلًا. الرد الإسرائيلي كان سريعًا وعنيفًا، حيث شنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع. القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة أعاد القطاع إلى حالة من الدمار الشامل، وأدى إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل غير مسبوق.
الخسائر البشرية كانت فادحة، إذ تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين عدة آلاف، بينما تعرضت العديد من العائلات للتهجير والتشريد مرة أخرى. البنية التحتية التي تم بناؤها خلال السنوات الماضية بفضل جهود دولية وإقليمية تعرضت لدمار كبير، مما جعل قطاع غزة مرة أخرى منطقة منكوبة تحتاج إلى إعادة بناء شاملة.
مقارنة الأوضاع
عند مقارنة الأوضاع بعد الهجوم بالأوضاع قبله، يبدو أن الخسائر تفوق المكاسب بشكل كبير. صحيح أن الهجوم أثبت أن المقاومة لا تزال قادرة على الضرب، ولكنه أدى إلى تصعيد دموي جديد بين إسرائيل والفلسطينيين، وأدخل القطاع مرة أخرى في دائرة العنف التي يصعب الخروج منها.
إسرائيل، التي تعرضت لضغوط داخلية كبيرة بسبب الإخفاقات الأمنية، استطاعت تحويل الرأي العام لصالح تعزيز العمليات العسكرية ضد غزة، بل ونجحت في توحيد الصف الداخلي الذي كان منقسمًا قبل الهجوم. وبالتالي، بدلًا من أن يؤدي الهجوم إلى إضعاف إسرائيل، قد يكون ساهم بشكل غير مباشر في تعزيز موقف الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي كانت تواجه احتجاجات داخلية قبل الهجوم.
نكبة جديدة أم مقاومة مشروعة؟
من ناحية أخرى، هناك من يرى أن الهجوم يمثل نوعًا من المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني، الذي يعيش تحت الاحتلال والحصار منذ عقود. بالنسبة لهؤلاء، فإن كل عملية مقاومة هي انتصار معنوي حتى لو كانت الخسائر فادحة.
ومع ذلك، يظل التساؤل حول مدى فعالية هذه العمليات على المدى البعيد، وما إذا كانت تدفع القضية الفلسطينية نحو تحقيق أهدافها، أو أنها مجرد حلقات متكررة من العنف والدمار.
انتصار وهزيمة
في النهاية، يمكن القول إن هجوم 7 أكتوبر قد مثل انتصارًا تكتيكيًا قصير الأمد، لكنه تحول إلى نكبة جديدة بسبب الرد الإسرائيلي العنيف والتداعيات الكارثية على الشعب الفلسطيني في غزة. يبقى الصراع العربي الإسرائيلي معقدًا ومتشابكًا، ويبدو أن أي عمل عسكري كبير سيظل يحمل في طياته مخاطر عالية على الشعب الفلسطيني نفسه، في ظل غياب حل سياسي حقيقي ينهي هذا الصراع الطويل.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2005226