قال خبراء لـ”إذاعة آسيا الحرة”، إن انهيار نظام بشار الأسد في سوريا من المُرجح أن يعيق طموحات بكين الدبلوماسية في الشرق الأوسط، ويدفعها إلى إعادة تقييم دعمها لروسيا وإيران في المنطقة.
وذكر موقع الإذاعة أن الرئيس الصيني شي جين بينج، في شهر سبتمبر 2023، استقبل بحفاوة الزعيم السوري السابق بشار الأسد وزوجته أسماء، اللذين قاما بزيارة استمرت 6 أيام إلى البلاد وسط ضجة كبيرة في وسائل الإعلام الرسمية الصينية.
تعزيز العلاقات
قال موقع إذاعة “آسيا الحرة”، في تقرير نشره الثلاثاء 10 ديسمبر 2024، إن عائلة الأسد كانت ضيفًا على شي في حفل افتتاح الألعاب الآسيوية الـ19 في هانجتشو، والتي أشادت بها صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية، باعتبارها فرصة لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع النظام المعزول.
وذكر أن الصين هي الدولة الـ6 التي زارها الأسد منذ بدء الصراع السوري في عام 2011، ورأت بكين فرصًا للشركات الصينية في إعادة الإعمار الاقتصادي بعد الحرب كجزء من سلسلة توريد الحزام والطريق وبرنامج البنية التحتية العالمية، وتعهد المبعوث الصيني بلعب دور رئيس في إحلال السلام في “النقاط الساخنة” العالمية المضطربة.
بكين وإعادة الحسابات
توسط الدبلوماسيون الصينيون في هدنة بين فتح وحماس والفصائل الفلسطينية المتنافسة الأخرى، لكنهم لم ينجحوا بعد في المساعدة في تسهيل ظهور حكومة وحدة، رغم الجولات المتكررة من الجهود الدبلوماسية، كما دعت بكين أيضًا إسرائيل إلى إنهاء “العقاب الجماعي” للمدنيين الفلسطينيين، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
وكان دعمها للأسد قائمًا إلى حد كبير على وجهة نظرها في التنظيمات السورية المسلحة باعتبارها تحريضًا من الولايات المتحدة وحلفائها، وتحالفها مع إيران وروسيا، وهو الأمر الذي قد تعيد بكين تقييمه الآن، وقال الباحث في الشؤون الأمريكية، هينج هي، في تصريحات لإذاعة آسيا الحرة، إن “بكين تريد توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وكانت سوريا موطئ قدم مهم لها”.
ولكن مع وصول الأسد وعائلته إلى موسكو، حيث من المقرر أن يُمنحوا اللجوء السياسي، يبدو أن رهان الصين لم يؤت ثماره، وفقًا للباحثة في معهد هدسون، زينب ربوة، التي أوضحت أن “الصين تدرك أن تكاليف تحالفها مع إيران وروسيا في الشرق الأوسط مرتفعة لأنها اعتمدت حقًا على إيران لتوسيع نفوذها، وتمكنت الصين من التوسط في صفقة تطبيع مع السعودية”.
رهان خاطئ
أوضحت زينب أن الصين تمكنت، بسبب تقاربها من إيران، من إخبار الجميع أنها تستطيع التعامل مع قضية اليمن، ولهذا السبب تحاول القيام ببعض الوساطات والمهام الدبلوماسية في اليمن، ولكن وبعد سقوط الأسد، فإن كل ما حاولت إيران تحقيقه من حيث النفوذ، وأيضًا من حيث تغذية وكلائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط يتلاشى.
وقالت إنها تتوقع أن تنأى بكين بنفسها عن طهران في المستقبل، وأن تعدل استراتيجيتها في الشرق الأوسط لتعكس مكانة تركيا كـ”قوة إقليمية حقيقية”، مشيرة إلى أن الصين تسعى إلى بناء علاقات مع الأنظمة الاستبدادية والشمولية المناهضة للغرب بما في ذلك إيران ونظام الأسد في سوريا.
وشددت على أن الصين راهنت بشكل خاطئ على سوريا الأسد، وستدفع ثمنًا باهظًا لذلك، مشيرة إلى أن بكين ستظل منفتحة الذهن بشأن الاعتراف بالحكومة السورية المستقبلية، لافتةً إلى أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينج، في 9 ديسمبر، قال في تصريحات صحفية: “يجب أن يقرر الشعب السوري مستقبله ومصيره، ونأمل أن تجد جميع الأطراف المعنية حلاً سياسيًا لاستعادة الاستقرار والنظام”.
تعليقات وسائل التواصل
قال تقرير الإذاعة إن التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن سوريا ركزت على توقعات بتوسع إسرائيل بشكل أكبر في سوريا والتعليقات الساخرة بشأن فشل خبراء السياسة الخارجية الصينيين في التنبؤ بسقوط الأسد، حيث علق أحد الحسابات من تشونجتشينج قائلًا: “انتهت حرية الشعب السوري، على الأقل للعقود القليلة القادمة، إسرائيل أسوأ بكثير من أي إرهابي”.
واستهدفت التعليقات عميد معهد أبحاث الصين والدول العربية في جامعة نينجشيا، لي شاوشيان، الذي قال في مقابلة أجريت معه في 4 ديسمبر مع قناة “فينيكس” التلفزيونية إنه من غير المرجح إلى حد كبير أن تنجح القوى المناهضة للحكومة في الإطاحة بالحكومة، فقال أحد الحسابات: “يا له من أمر مُحرج!”، فيما سخر آخر: “كان بإمكاني أن أكون خبيرًا مثله”.
وقال الباحث “هينج هي” إن خبراء العلاقات الدولية في الصين عادة ما يعرقلون بسبب حاجتهم إلى مجاراة الخط الرسمي للحزب الشيوعي الصيني الحاكم في كل شيء، بدلًا من اتخاذ وجهة نظر تحليلية باردة للتطورات الدولية، مضيفًا أن العديد من المعلقين حذرون من اتهامهم بالتحدث بسوء عن حلفاء بكين، ويعطون أحكامًا سياسية خاطئة، بناءً على موقفهم السياسي.
متنفس لعدم الرضا
أوضح التقرير أن التغطية الإخبارية للوضع المتكشف في سوريا كانت مُتاحة على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، إلا أنه لا يُسمح للجميع بنشر أي شيء يحلو لهم بشأن الوضع في الشرق الأوسط، وفقًا للمعلق على الشؤون الشرق أوسطية، جي فينج، الذي صرح بأنه لم يتمكن من نشر بعض الآراء بشأن الأسد على (WeChat).
وقال إن الكثير من الصينيين في دائرته لديهم آراء بشأن الوضع في سوريا، والتي اعتبرها إزاحة لعدم رضاهم عن حكومتهم، وهي المشاعر المحظورة بموجب الرقابة الصارمة على الإنترنت، لافتًا إلى أن النقاش بشأن الوضع في سوريا يمثل متنفسًا لكثير من الصينيين.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2072751