في كل عام، يتم إصدار “تقرير السعادة العالمي”، وهو دراسة تستند إلى تقييمات الأشخاص الذاتية لمستوى سعادتهم، بالإضافة إلى مقاييس اقتصادية واجتماعية مثل الناتج المحلي الإجمالي للفرد، والدعم الاجتماعي، ومتوسط العمر المتوقع، وحرية اتخاذ القرار، والكرم، ومستويات الفساد.
بحسب تقرير لمجلة “الإيكونوميست”، الخميس 20 مارس 2025، فإن دول شمال أوروبا هي التي تصدرت المشهد من حيث أكثر الدول تحقيقا للسعادة لمواطنيها.
شمال أوروبا يتصدر المشهد
مرة أخرى، احتلت دول شمال أوروبا الصدارة، تصدرت فنلندا القائمة للسنة السابعة على التوالي، تليها الدنمارك وآيسلندا والسويد والنرويج، مما يعزز السمعة التي تتمتع بها هذه البلدان كأماكن تنعم بجودة حياة مرتفعة.
وفقًا للخبراء، لا يعود هذا النجاح فقط إلى الثروة المادية أو الاقتصاد المزدهر، بل إلى الثقة المرتفعة في المؤسسات، ومستوى الأمان الشخصي، ونظام الرفاه الاجتماعي القوي الذي يوفر الدعم للناس في أوقات الأزمات.
الثقة والمؤسسات القوية مفتاح السعادة
تشير البيانات إلى أن الثقة العالية بين الناس في هذه البلدان وفي حكوماتهم تساهم بشكل مباشر في تعزيز الشعور بالرفاهية.
في الدول الإسكندنافية، يشعر الناس بقدرتهم على الاعتماد على مؤسساتهم وعلى بعضهم البعض، مما يخفف من الشعور بالقلق وعدم اليقين.
كما أن هناك توازنًا جيدًا بين الحياة والعمل، وسياسات مرنة في سوق العمل، وأنظمة تعليم ورعاية صحية مجانية أو منخفضة التكلفة، وهو ما يعزز جودة الحياة.
التحديات خارج أوروبا
على الجانب الآخر، جاءت العديد من الدول ذات الكثافة السكانية العالية والاقتصادات الصاعدة في مراتب متأخرة.
تساهم الصراعات السياسية، والتفاوت الاقتصادي الكبير، وضعف الخدمات العامة في تدني مستويات السعادة المعلنة بين السكان.
في الدول الفقيرة أو غير المستقرة سياسيًا، غالبًا ما يشعر الأفراد بالعجز أمام المؤسسات، وهو عامل يزيد من مستويات التوتر والخوف من المستقبل.
هل يمكن للدول الأخرى أن تتعلم؟
رغم أن استنساخ نموذج الدول الإسكندنافية قد لا يكون ممكنًا بالكامل في أماكن أخرى، إلا أن هناك دروسًا واضحة يمكن تطبيقها، مثل تعزيز الثقة بين الحكومات والمواطنين، وتحسين شبكات الأمان الاجتماعي، والاستثمار في الصحة والتعليم، وتوفير بيئة سياسية مستقرة وشفافة.
من اللافت أن بعض الدول النامية، مثل كوستاريكا، جاءت في ترتيب متقدم نسبيًا مقارنة بدول ذات دخل أعلى. ويُعزى ذلك إلى قوة المجتمع المدني، وشعور السكان بروح التضامن والدعم الاجتماعي، وهو ما يؤكد أن السعادة لا تتعلق فقط بالناتج المحلي الإجمالي.
يختتم التقرير بالإشارة إلى أن السعادة هي انعكاس لعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية ونفسية مترابطة، وأن الدول التي تتمتع بمزيج من الثقة، والدعم الاجتماعي، والسياسات المنصفة، هي الأكثر قدرة على بناء مجتمعات سعيدة ومستقرة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2169743