هل الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم؟

لماذا لم يعترف الاتحاد الأوروبي بحالة الركود التي يعاني منها؟

شروق صبري
اقتصاد الصين

كشفت بعض المؤشرات عن تراجع الاقتصاد الأمريكي لكن هل تستعد واشنطن لذلك الانخفاض جيدا؟


كشفت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، البريطانية النقاب عن معدل النمو السنوي المذهل الذي حققه الاقتصاد الأمريكي وبلغ 5.2% حلال الربع الثالث من العام الجاري.

لكن بعيداً عن عن النمو السريع أو الهبوط الطفيف، فقد انكمش الاقتصاد الأمريكي بمعدل سنوي بلغ نحو 30 % في شهر نوفمبر وحده، وهو انكماش كبير جدًا، ولابد أن يكون الرئيس جو بايدن مستعدا لأن هذه المؤشرات تعني نهاية الحلم الأمريكي.

مقارنة اقتصاد الدول

عند قياس الأداء الاقتصادي للولايات المتحدة خلال نوفمبر 2023، اتضح أنه لم يقدم الكثير وعند مقارنته باليورو أو الرنمينبي بعد تحويل الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي باستخدام أسعار صرف السوق، ثم تصنيف النتيجة سنويًا، وهي الانخفاض بنسبة 3% في قيمة الدولار الأمريكي خلال نوفمبر.

وحسب الصحيفة البريطانية يوم 6 ديسمبر 2023، فإن مقارنة الاقتصادات قد تكون طريقة غير عادلة، ولكنها شائعة للغاية لمعرفة مدى التقدم. فمثلا، مارك كارني، المحافظ السابق لبنك إنجلترا، قال إنه قبل استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان حجم اقتصاد المملكة المتحدة يعادل 90 % من حجم الاقتصاد الألماني، لكنه انخفض إلى 70 % بحلول أواخر عام 2022. وكان هذا التغيير بسبب الانخفاض النسبي للجنيه الإسترليني.

هذا بالإضافة إلى القلق الأوروبي الذي نشره المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية حين كان الاتحاد الأوروبي يتمتع باقتصاد أكبر من اقتصاد الولايات المتحدة في عام 2008، والآن أصبحت الولايات المتحدة أكبر بمقدار الثلث، وكان ذلك مجرد ارتفاع في الدولار الأمريكي من قاعدة منخفضة.

أكبر اقتصاد في العالم

في ضوء هذه المقارنات لأسعار الصرف في السوق، أفادت العديد من المؤسسات الإخبارية أن اليابان سوف تفقد مكانتها كثالث أكبر اقتصاد في العالم لصالح ألمانيا هذا العام. ومن الواضح أن الولايات المتحدة لا تزال الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، مع فشل الاقتصاد الصيني في اللحاق بركبها.

ولهذا السبب فإن اكتشاف مسألة اقتصاد أسعار صرف تعادل القوة الشرائية، سمح بإجراء مقارنات (غير كاملة) على أساس السلع والخدمات التي يمكن شراؤها بالمال. وهذا مهم بالنسبة للحجم الاقتصادي وحتى القوة العسكرية. فمثلا الصين تمول جيش التحرير الشعبي باستخدام الرنمينبي.

تظهر أحدث بيانات صندوق النقد الدولي، قياسا على تعادل القوة الشرائية، أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني تجاوز نظيره في الولايات المتحدة في الوقت الذي كان فيه دونالد ترامب “يجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”. وهي الآن أكبر بنسبة 22%.

الأرقام منطقية عندما تنظر إلى الأدلة الداعمة. على سبيل المثال، تجاوز توليد الكهرباء في الصين مثيله في الولايات المتحدة في عام 2010. وخلال الفترة 2016-2022 عندما كان من المفترض أن الاقتصاد الصيني لم يحرز أي تقدم مقارنة بالولايات المتحدة، نما توليد الكهرباء بنسبة 45%، في حين كان ثابتا على نطاق واسع في أمريكا.

منافسة بين الصين وأمريكا

منافسة بين الصين وأمريكا

القوة الاقتصادية العالمية

ومن دواعي طمأنينة الولايات المتحدة والصين عدم الاعتراف بالتحول المتغير في القوة الاقتصادية العالمية. فمثلا المملكة المتحدة، فقدت مكانتها الاقتصادية الأولى في أواخر القرن التاسع عشر ولكنها لا تزال تعاني من بعض أوهام العظمة.

وبالنسبة للصين، فمن الأسهل أيضاً أن تتجنب المسؤوليات المتعلقة بتغير المناخ، وتخفيف الديون وغير ذلك من السلع العالمية إذا كانت لا تزال قادرة على الحفاظ على وضعها الصغير. وفي أوروبا، من الملائم لأولئك الذين يريدون إصلاحات اقتصادية أن يسلطوا الضوء على الشعور بالتخلف عن الركب، لأن هذا قد يجعل التغيير يبدو أكثر إلحاحاً.

لكن في نهاية المطاف، سيكون من السهل على اقتصاد الاتحاد الأوروبي أن يصبح مرة أخرى الاقتصاد الأكبر على مستوى العالم بأسعار الصرف في السوق. وكل ما يتعين على البنك المركزي الأوروبي أن يفعله هو رفع أسعار الفائدة بالقدر الكافي لدفع اليورو إلى الارتفاع إلى العتبة الكافية. وهذا من شأنه أن يجعل أوروبا تشعر بالتحسن مؤقتاً، إلى أن تدرك أنها تعاني كل حالات الركود.

ربما يعجبك أيضا