هل بإمكان الولايات المتحدة كبح جماح نتنياهو بشأن غزة؟

كيف تسببت سياسة بايدن في إضعاف موقفه في التعامل مع إسرائيل؟

محمد النحاس
جو بايدن ونتنياهو

بعد فشله في اتخاذ إجراءات جادة لكبح جماح إسرائيل لمدة خمسة أشهر، وجرّاء سياسته وضع بايدن نفسه في موقف ضعيف، حيث سيكون من الصعب أن تأخذ إسرائيل تحذيراته ومطالبه على محمل الجد


في مقابلة مع قناة “إم إس إن بي سي”، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل من أن الهجوم على رفح سيتجاوز الخط الأحمر. 

لكن سرعان ما عاد الرئيس الأمريكي ليقوّض مضمون حديثه بتصريحات متناقضة، حيث شدد على الأهمية الحيوية لمساعدة إسرائيل، مشيرًا لعدم وجود خطوط حمراء تؤدي إلى قطع إمداد إسرائيل بالسلاح، وأنه لن يتخلى عن إسرائيل أبدًا.

فشل النهج الأمريكي

يرى التحليل المنشور في مجلة “ريسبنسبول ستيت كرافت” الأمريكية، التابعة لمعهد كوينسي، اليوم الاثنين 11 مارس 2024، أن إدارة بايدن تسببت في تأجيج حرب غزة، وتتقاسم إسرائيل المسؤولية عن الكارثة الحاليّة، لكن لا تزال هناك فرصة لوقف المأساة.

وتعكس تصريحات الرئيس الأمريكي فشل سياسات إدارته حين تستخدم الولايات المتحدة خطابًا صارمًا للإشارة إلى ممارسات إسرائيل في حربها على غزة، دون أن تتبع ذلك بإجراءات فعلية، وفق للتحليل. 

بايدن في موقف ضعيف

بعد فشله في اتخاذ إجراءات جادة لكبح جماح إسرائيل لمدة 5 أشهر، وجرّاء سياسته وضع بايدن نفسه في موقف ضعيف، حيث سيكون من الصعب أن تأخذ إسرائيل تحذيراته ومطالبه على محمل الجد، حيث تجاهل الإسرائيليين تصريحات دون أي تبعات أو عواقب.

وقال بايدن إنه “لا يمكن أن يقتلوا 30 ألف فلسطيني إضافي”، لكن الرئيس الأمريكي لم يذكر ما سيفعله إذا استمر الهجوم واستمر عدد القتلى المدنيين في الارتفاع.

لا سبب يدفع نتنياهو للتوقف

لم يعط بايدن حكومة نتنياهو أي سبب للخوف من أن يؤدي الهجوم على رفح إلى الإضرار بالعلاقة مع واشنطن أو التأثير على دعم الولايات المتحدة للحرب بأي شكل من الأشكال.

وجاءت تعليقات الرئيس في المقابلة متسقة مع خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الأسبوع الماضي والذي أدلى فيه بعدة تصريحات بشأن ما “يجب” على إسرائيل أن تفعله دون ربطها بأي إجراءات محددة قد يتخذها إذا تجاهله نتنياهو ذلك.

سياسة فاشلة تنطوي على مخاطر

وفقًا للتحليل، تواجه الولايات المتحدة أزمة حقيقة عندما يتعلق الأمر بتقييد بعض أفعال “وكلائها”، ربما لأن القادة الأمريكيين يخشون عزل هذه الدول وربما خسارتها، لصالح رعاة آخرين.

غير أن تلك السياسة أثبتت فشلها وتنطوي على مخاطر لا يمكن تجاهلها، كما أنه أسلوب يعزز السلوك موضع الخلاف، وفي حين يقول بايدن أنه لن يتخلى عن إسرائيل أبدًا، فإن مثل هذا الالتزام “غير المشروط” لا يجب أن يُقدم لأي دولة، كما يشير التحليل. 

ويتعين على الإدارة الأمريكية أن تجعل سياستها تتماشى مع خطابها، فإذا ما كان الهجوم على رفح غير مقبول حقًا، يجب إثبات أن ذلك ليس بالتهديد الأجوف، من خلال توضيح رد الفعل، وما سيخسره الإسرائيليون جرّاء الإقدام على اجتياح المدينة المُكدسة بالنازحين.

ماذا يمكن لواشنطن أن تفعل؟ 

كأمثلة على ما يمكن للولايات المتحدة فعله، فمن الممكن التوقف عن استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن وتعليق جميع المساعدات إلى أجل غير مسمى، وإتباع القواعد الأمريكية في ما يتعلق بالإمداد بالأسلحة للحكومات التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الدولي.

وطالما استمر تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، فلن يكون هناك أي معنى لما يقوله الرئيس وغيره من المسؤولين الأمريكيين عن سلوك إسرائيل في الحرب، ولن يكون من السهل ثني نتنياهو عن الهجوم على رفح، وفي الأسبوع الماضي قال: “من يقول لنا ألا نتحرك في رفح فهو يقول لنا اخسروا الحرب، وهذا لن يحدث”.

تبعات الهجوم على رفح

يردف التحليل بأن الهجوم على رفح من شأنه أن يدفع سكان غزة الذين يتضورون جوعًا إلى مجاعة تامة الأركان، في ظل وضع إنساني مروّع، ومن المرجح أن يؤدي الهجوم على رفح إلى زعزعة الاستقرار في أماكن أخرى في المنطقة، ويمكن أن يكون الشرارة التي تشعل مناطق أخرى، ويلوح في الأفق احتمالية تطوّر المناوشات بين إسرائيل وحزب الله وانزلاقها إلى صراع كبير.

وتحدثت مؤخرًا تقارير أن إيران أعطت الضوء الأخضر لحزب الله للتصعيد ردًا على مثل هذا الهجوم، ومنذ أشهر تلوّح إسرائيل بشن هجوم شامل على حزب الله، حال حدوث ذلك، سيكون الأمر كارثيًّا بالنسبة لكلٍ من إسرائيل ولبنان، ناهيك عن باقي مناطق الشرق الأوسط التي تشهد تصعيدًا من المرجح أنه لن يتوقف طالما استمرت الحرب في غزة.

ربما يعجبك أيضا