هل تتلاعب روسيا وكوريا الشمالية بالصين؟

ما موقف الصين من تقارب روسيا مع كوريا الشمالية؟

بسام عباس
روسيا وكوريا الشمالية والصين

على مدى الـ10 سنوات الماضية، تساور الصين مخاوف متزايدة إزاء تراجع نفوذها على كوريا الشمالية وعدم قدرتها على كبح جماح طموحات بيونج يانج النووية.

وتفاقمت هذه المخاوف مع تعزيز كوريا الشمالية علاقاتها مع روسيا بشكل أكبر هذا العام، إذ إن إحياء التحالف العسكري بين كوريا الشمالية وروسيا يمثل خطرًا كبيرًا على الاستقرار الإقليمي في شمال شرق آسيا.

تحالف جديد

وقع كيم جونج أون وفلاديمير بوتين، في يونيو 2024، معاهدة تحالف جديدة تعهدت بالمساعدة العسكرية المتبادلة في حالة “العدوان” على أي من البلدين، وفي أكتوبر، أرسلت بيونج يانج قوات إلى روسيا للانضمام إلى القتال ضد أوكرانيا، بناءً على أشهر من شحنات الأسلحة والذخيرة التي كانت تقدمها إلى موسكو منذ أغسطس 2023.

ولم تعلق الحكومة الصينية علنًا على التحالف الجديد لكوريا الشمالية مع روسيا أو دعمها العسكري لأوكرانيا، ومع ذلك، فمن المرجح أن تشتعل المناقشات في بكين حول فقدان الصين للمبادرة في علاقتها الثلاثية مع كوريا الشمالية وروسيا، كما يثير سؤالًا مثيرًا للاهتمام: هل تلاعبت بيونج يانج وموسكو بالصين، للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب الكورية في 1950؟

مرصد مراكز الأبحاث| الممر الاقتصادي.. واحتجاجات إيران.. وعلاقات واشنطن وبكين

فلاديمير بوتين وكيم جونج أون

شعور بالخيانة

أوضح موقع “ريسبونسبل ستيت كرافت”، في تقرير نشره الثلاثاء 3 ديسمبر 2024، أنه من غير الواضح ما إذا كانت القيادة الصينية تشعر بالخيانة بسبب التحالف العسكري بين كوريا الشمالية وروسيا، لافتًا إلى أن “كيم جونج أون” لم يبد أي اهتمام يذكر بمصالح الصين في تحوله نحو بوتين.

وأضاف أن الاستجابة السلبية من جانب الصين لكل من بيونج يانج وموسكو كانت لافتة للنظر بشكل خاص نظرًا لموقف بكين باعتبارها القوة الأقوى في هذا المثلث، مشيرًا إلى أن الحرب الطاحنة التي يشنها بوتين في أوكرانيا أدت إلى تقليص روسيا إلى شريك صغير في علاقتها بالصين.

وفي الوقت نفسه، تظل كوريا الشمالية تعتمد بشكل عميق على الصين اقتصاديًّا، حيث تعتمد على بكين في 90% من تجارتها ومعظم وارداتها من الطاقة طوال فترة ما بعد الحرب الباردة، فبكين تمثل شريان الحياة الوحيد بالنسبة لبيونج يانج، وعندما أغلقت الدولتان حدودهما في 2020 بسبب جائحة كورونا، انخفض اقتصاد كوريا الشمالية بنحو 4.5%.

زعيما الصين وكوريا الشمالية

زعيما الصين وكوريا الشمالية

مصالح أمنية حيوية

أوضح التقرير أن منطقة شمال شرق آسيا تتأرجح على حافة المواجهة الثنائية القطبية، تدهور العلاقات الأمريكية الصينية المستمر منذ رئاسة ترامب الأولى خلق ثغرة تستغلها بيونج يانج وموسكو، فهما يدركان النفور العميق للصين من حرب باردة جديدة مع الولايات المتحدة، وأن التوترات المتصاعدة بين أمريكا والصين جعلت بكين حريصة على الحفاظ على ولائها.

وتشتد هذه الضغوط في ضوء العلاقات التاريخية العميقة بين الصين والمصالح الأمنية الحيوية في كلا البلدين، وتظل العلاقات المستقرة مع موسكو وبيونج يانج حاسمة لبكين لتأمين حدودها الروسية الممتدة بطول 2672 ميلًا وحدودها الكورية الشمالية بطول 882 ميلًا.

وأشار إلى أن هذه المصالح الحيوية أدت إلى شراكة صينية “بلا حدود” مع روسيا، و”حيادها” المدروس بشأن أوكرانيا، وقبولها الهادئ للتحالف بين روسيا وكوريا الشمالية، رغم العواقب المزعجة المترتبة على هذا التحالف بالنسبة لعلاقات بكين مع بيونج يانج.

موقف سلبي

قال التقرير إن الصين تتمتع بمزايا قوة حاسمة على كل من روسيا وكوريا الشمالية، ما يجعل موقف بكين السلبي أكثر إرباكًا، ولا ينبع فشلها في تشكيل الأحداث من ضعفها، بل من إحجامها الواضح عن الاستفادة من قوتها، ويبدو أن بكين مترددة في تحدي بوتين أو كيم، ما يكشف عن خجل دبلوماسي غريب على الصين.

والموقف السلبي الذي تتبناه بكين ربما ينبع من ثقافة استراتيجية متجذرة تبدأ بتحليل الاتجاهات البنيوية العريضة، ولا يستطيع أي استراتيجي حكيم أن يتجاهل مثل هذه القيود، ولكن هذا الانشغال غالبًا ما يؤدي إلى سياسات مفرطة الحذر وردود الأفعال، ومثل هذا التفكير الدفاعي يجعل الصين عُرضة للانتهازية الجريئة من جانب كوريا الشمالية وروسيا.

وأضاف أن على الصين أن تنتبه إلى الدروس المستفادة من موقفها التفاعلي الرافض للمخاطرة تجاه كوريا الشمالية، فبرغم موقفها المهيمن، تخلت بكين عن المبادرة، لافتًا إلى أن السؤال يظل مطروحًا: لماذا تلعب الصين بهذه الورقة الضعيفة رغم أنها في موقف القوة؟

ربما يعجبك أيضا