هل تستطيع إفريقيا تعويض أوروبا عن إمدادات الطاقة الروسية؟

آية سيد

تخلق العقوبات المفروضة على روسيا فرصة لأسواق الطاقة الإفريقية, فهل تستطيع تعويض الإمدادات الروسية وتلبية طلب القارة الأوروبية؟


تبحث الدول الأوروبية عن بدائل لتقليل اعتمادها على إمدادات النفط والغاز الروسية، ردًّا على الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي هذا السياق أوردت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تقريرًا، أمس الأربعاء 16 مارس 2022، يفيد أن مُنتجي الطاقة في إفريقيا مستعدون لتلبية الطلب الأوروبي، لكنهم يفتقرون إلى القدرة والاستثمار.

بديل موثوق وفرصة عظيمة

يكشف التقرير عن أن العقوبات المفروضة على روسيا تخلق لهم فرصة على المدى الطويل للاستثمار السريع في البنية التحتية المطلوبة، لإمداد كميات كبيرة من الغاز إلى الأسواق الأوروبية. وأفاد التقرير أن الهدف الذي حدده القادة الأوروبيون بإنهاء اعتمادهم على النفط والغاز الروسي “قبل 2030” قد يؤدي إلى مكاسب جديدة في سوق الغاز الطبيعي المُسال لنيجيريا وأنجولا وليبيا والجزائر.

وقال الباحث المتخصص في قانون النفط والغاز بجامعة كيب تاون بجنوب إفريقيا، كيندي تشيج: “إفريقيا الآن هي البديل الأكثر ثقةً للدول الأوروبية، ما يفتح فرصة عظيمة أمامها لتُبرم الصفقات بسرعة”. ولفت التقرير إلى وجود قدرة ضخمة لدى القارة السمراء، لكن المنتجين الكبار يفتقرون إلى البنية التحتية اللازمة لسد هذه الفجوة سريعًا. ولم يكن يوجد حافز لاستثمارات رأس المال الأجنبي في البنية التحتية للهيدروكربونيات الإفريقية.

نيجيريا تبحث عن مصادر تمويل

وفقًا للتقرير، قالت المديرة الإدارية لمجموعة “دي إل أو لموارد الطاقة” الجنوب إفريقية، ليندا مابهينا-أولاجونجو، إن “التحدي الأكبر هو التمويل”. وفي هذا السياق تبحث نيجيريا، أكبر مُنتِج للنفط في القارة وصاحبة أكبر احتياطيات غاز معلومة في إفريقيا، عن مستثمرين محليين مثل البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير لتوفير مصادر تمويل بديلة.

وأشار التقرير إلى خطط إنشاء خط أنابيب غاز عابر لمنطقة الصحراء بطول 4 آلاف كم تقريبًا يُعرف باسم “نيجال” التي جرى توقيعها في 2009، ومن المفترض أن يمر من شمال نيجيريا إلى النيجر والجزائر ثم يعبر إلى أوروبا. لكن المشروع توقف وجرى إحياؤه العام الماضي فقط بسبب خلاف بين الجزائر ونيجيريا.

الجزائر ومصر وجهتان محتملتان لأوروبا

رأى التقرير أن الجزائر، التي توفر حاليًّا 11% تقريبًا من الغاز الأوروبي، في موقف أفضل لرفع صادراتها. وذكر التقرير أنه رغم إغلاق خط أنابيب إلى إسبانيا بسبب خلافات مع المغرب فإن صادرات الغاز الجزائرية إلى إيطاليا قد قفزت بنسبة 76% العام الماضي لتصبح 21 مليار متر مكعب، كما أنها تمتلك القدرة على زيادة الصادرات 10 مليارات متر مكعب أخرى. وفي الشهر الماضي أعربت إيطاليا عن نيتها زيادة الواردات الآتية من الجزائر.

وحسب التقرير، أعلن الاتحاد الأوروبي عن دعم مالي لخط أنابيب في شرق المتوسط، والذي سيربط المنطقة بحقول غاز في مصر، لكن المشروع واجه مشكلات جيوسياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية التي انسحبت من المشروع في يناير الماضي، متعللة بقرار ينص على عدم دعم المشروعات غير الخضراء.

تحديات أمنية

أفاد التقرير أن بعض أكبر مواقع الإنتاج في إفريقيا يقع في مناطق تواجه تحديات أمنية. بحسب التقرير، تمتلك موزمبيق ثالث أكبر احتياطي غاز طبيعي في إفريقيا، لكن الصراع المسلح الدائر في محافظة كابو ديلجادو الشمالية تسبب في تأجيل مشروعات غاز بقيمة 50 مليار دولار.

وفي ليبيا تواجه حقول الغاز والنفط المتصلة بخطوط أنابيب بإيطاليا حصارات مستمرة. ذلك أن الوضع في ليبيا بصفة عامة غير مستقر بسبب الاضطرابات السياسية التي تعانيها والنزاعات القبلية. وذكر التقرير أيضًا أن التمرد أثّر في إنتاج دلتا النيجر وأن نيجيريا تعتمد على واردات البترول المُكرر لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

تصوُّر خاطئ

أورد التقرير أن الخبراء رأوا أن كون فكرة الغاز الإفريقي يستطيع أن يحل محل الطاقة الروسية على الفور هي فكرة خاطئة وتصور خاطئ. على سبيل المثال جرى رفع حصة إنتاج نيجيريا في أوبك هذا الشهر إلى 1.73 مليون برميل في اليوم بداية من أبريل المقبل، لكنها صارعت لشهور كي تصل إلى مخرجات النفط المقررة. وقالت إن تركيزها المباشر كان على تلبية الحصة الحالية.

وقال وزير الموارد البترولية النيجيري، تيمبيري سيلفا: “نمتلك في الوقت الحالي قدرة احتياطية تساوي 600 ألف برميل، لكنها تحتاج إلى الاستثمار”. وفي سياق مشابه أشار الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك المملوكة للدولة الجزائرية، توفيق حكار، إلى أن الإنتاج سيركز على طلب السوق المحلية المتزايد وتلبية الالتزامات الحالية للعملاء.

ربما يعجبك أيضا