مع استمرار التحولات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، يتساءل المراقبون عن مستقبل الدور الروسي في المنطقة بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد.
وسط هذا السيناريو، تبرز ليبيا كأحد المواقع المحتملة لتمدد النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وذلك استنادًا إلى العوامل الجيوسياسية والاهتمام الروسي الواضح بالتمركز في البحر المتوسط.
روسيا وسوريا: حجر الأساس لنفوذ الكرملين
بحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية، في تقرير لها نشر الأربعاء 11 ديسمبر 2024، فمنذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا عام 2015، تمكنت روسيا من تثبيت حضورها في المنطقة، حيث عززت مواقعها العسكرية، مثل قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس.
يعد هذا التدخل نموذجًا لسياسة موسكو الرامية إلى حماية مصالحها الاستراتيجية وتأكيد مكانتها كقوة دولية فاعلة، ومع ذلك، فإن انهيار الأسد قد يجبر روسيا على إعادة ترتيب استراتيجياتها الإقليمية، والبحث عن مواقع بديلة لضمان استمرار نفوذها.
ليبيا: أرض الفرص والتحديات
ليبيا، التي تعيش حالة من الانقسام السياسي والصراع منذ سقوط معمر القذافي في عام 2011، تمثل ساحة محتملة لتحرك روسي أوسع، وأبدت روسيا اهتمامًا كبيرًا بالشأن الليبي من خلال دعمها لأطراف معينة في الصراع.
كما يشير الوجود المتزايد لمجموعة “فاجنر”، وهي شركة عسكرية خاصة مرتبطة بالكرملين، إلى رغبة موسكو في ترسيخ أقدامها هناك.
الجغرافيا تلعب دورًا مهمًا في هذا السيناريو، وتتمتع ليبيا بموقع استراتيجي على البحر المتوسط، وتربط بين أوروبا وإفريقيا، مما يجعلها مركزًا مثاليًا لنفوذ عسكري واقتصادي روسي، بالإضافة إلى ذلك، فإن السيطرة على مواقع بحرية في ليبيا يمكن أن تتيح لروسيا فرصة لتعزيز دورها كلاعب أساسي في تأمين إمدادات الطاقة وتوسيع دائرة تأثيرها.
تحديات تواجه روسيا في ليبيا
ورغم أن ليبيا قد تبدو خيارًا مناسبًا لروسيا لتعويض أي خسائر استراتيجية في سوريا، إلا أن هناك عقبات قد تعترض هذا السيناريو، أولًا، الصراع الداخلي الليبي معقد ومتشابك، ويتسم بوجود أطراف دولية متنافسة، هذا الوضع يخلق تحديات أمام روسيا لفرض سيطرة مباشرة أو إقامة قواعد عسكرية دائمة.
ثانيًا، قد تواجه روسيا معارضة من القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللتين تريان في الوجود الروسي تهديدًا لمصالحهما في البحر المتوسط وشمال إفريقيا.
ماذا يريد الكرملين؟
من المرجح أن تستمر روسيا في توظيف استراتيجياتها غير المباشرة في ليبيا، مثل الاعتماد على “فاجنر” ودعم أطراف محلية لتحقيق مصالحها دون الانغماس في التزامات عسكرية مكلفة، كما أن استغلال الانقسامات الليبية قد يمكن موسكو من تعزيز نفوذها تدريجيًا.
إضافة نوعية
قد لا تكون ليبيا مجرد بديل للوجود الروسي في الشرق الأوسط، بل إضافة نوعية، وقد تسعى موسكو لتعويض خسائرها في سوريا من خلال التوسع في ليبيا، لكنها في الوقت نفسه تدرك التحديات الكبيرة التي تواجه هذا التحول.
على الأرجح، ستواصل روسيا موازنة خطواتها بعناية لضمان حماية مصالحها في المنطقة دون إثارة ردود فعل دولية غير محسوبة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2073246