في 20 يناير 2025، أدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليمين الدستورية رئيسًا للمرة الثانية، وأثارت عودته جدلًا واسعًا، خاصة بسبب سياساته المثيرة للجدل. لم ينتظر طويلًا، فبعد دقائق من تنصيبه، وقع 26 أمرًا تنفيذيًا، ما أحدث صدمة عالمية وأثار تساؤلات حول مستقبل العلاقات الدولية.
وكان من بين قراراته انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، هذه التحولات الجذرية في السياسة الأمريكية وضعت قادة العالم أمام واقع جديد، ووجدت إفريقيا نفسها في مفترق طرق، حيث تفرض سياسات ترامب تحديات وفرصًا غير مسبوقة.
جرس إنذار
أوضحت صحيفة “هيران” الصومالية أنه مع إعادة تأكيد ترامب على مبدأ “أمريكا أولًا”، ينبغي على إفريقيا أن تنظر إلى ذلك كجرس إنذار، مشيرة إلى أن الاعتماد التقليدي على المساعدات الخارجية قد لا يكون خيارًا مستدامًا بعد الآن، فهل يكون هذا التحول فرصةً للقارة لإعادة التفكير في استراتيجياتها الاقتصادية؟
وأضافت، في تقرير نشرته الاثنين 10 مارس 2025، أن ترامب، خلال خطابه أمام الكونجرس، أكد أن الولايات المتحدة لن تُستغل بعد الآن، ما يعكس نهجًا أكثر تشددًا تجاه العلاقات الاقتصادية، ويدفع الدول الإفريقية للبحث عن حلول جديدة تعتمد على تنمية الموارد الداخلية وتعزيز التكامل الإقليمي.
فجوة مالية ضخمة
قالت الصحيفة إن قرار ترامب بتجميد المساعدات حتى عام 2025 كشف مدى هشاشة اعتماد إفريقيا على التمويل الخارجي، حيث تسببت هذه السياسة في خسارة 26% من المساعدات الإنمائية الرسمية للقارة بين ليلة وضحاها، مما يعني فجوة مالية تقدر بـ 15.5 مليار دولار.
وتأثرت أيضًا برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) التي كانت تقدم 12 مليار دولار سنويًا لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ومع إغلاق بعض مكاتبها، بات على القارة مواجهة واقع جديد، حيث لم يعد بإمكانها الاعتماد على دعم القوى الغربية كما كان الحال سابقًا.
هل تتجه إفريقيا نحو الصين؟
ذكرت الصحيفة أن إفريقيا مع تراجع النفوذ الأمريكي، تتجه بشكل متزايد نحو الصين كشريك اقتصادي رئيسي، ولفتت إلى أنه من خلال الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والقروض الميسرة، عززت بكين وجودها في القارة، ما يمنحها نفوذًا سياسيًا متزايدًا على حساب القوى الغربية.
ولكن هذا التوجه يثير تساؤلات حول المخاطر المحتملة. فبينما توفر الصين دعمًا ماليًا كبيرًا، تزداد المخاوف بشأن الديون طويلة الأجل وتأثيراتها على استقلالية الدول الإفريقية. هل ستتمكن القارة من تحقيق التوازن بين التعاون والاستقلال؟
خيارات بديلة؟
مع تراجع المساعدات الأمريكية، بدأت بعض الدول الإفريقية في استكشاف خيارات بديلة. فتركيا، مثلًا، تعزز علاقاتها التجارية والاستثمارية مع العديد من الدول الإفريقية، ما يشير إلى تحول محتمل نحو شراكات قائمة على التعاون المتبادل بدلًا من التبعية.
ويمكن أن تلعب القوى الإقليمية مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا دورًا في قيادة نهج جديد قائم على التكامل الاقتصادي والتعاون الأمني. هذا التحول قد يكون مفتاحًا لتحقيق استقلالية أكبر، وتقليل الاعتماد على القوى الكبرى في تحديد مستقبل القارة.
فرصة لإعادة التعريف
كشفت سياسات ترامب عن نقاط ضعف إفريقيا، لكنها قدمت أيضًا فرصة لإعادة تعريف دورها في النظام العالمي، ومن خلال تعزيز التعاون القاري والاستثمار في الموارد المحلية، يمكن للدول الإفريقية التحول من كونها متلقية للمساعدات إلى لاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي.
ولا يتطلب المستقبل حنينًا إلى المساعدات الغربية، بل رؤية استراتيجية تضع المصالح الإفريقية في المقدمة. إن هذه اللحظة الحاسمة ليست مجرد أزمة، بل فرصة نادرة لإعادة رسم ملامح القارة. فهل ستنتهز إفريقيا الفرصة أم تظل رهينة للسياسات الدولية؟
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2162274