هل خذل «حزب الله» حليفه السوري في اللحظة الأخيرة؟

التحديات الجديدة لـ«حزب الله» بعد فقدان الحليف السوري

أحمد عبد الحفيظ

في تطور تاريخي هائل، شهدت سوريا تحولات دراماتيكية خلال الأيام الماضية، إذ سقط الرئيس السوري بشار الأسد بعد سيطرة الفصائل السورية المسلحة على دمشق وانهيار الجيش بشكل مفاجئ.

هذا السقوط لم يكن نتيجة أحداث طارئة، بل هو تتويج لسنوات من التدهور الداخلي والاعتماد على الدعم الخارجي من روسيا، إيران، وحزب الله، وانهيار الرئيس السوري جاء في سياق هجوم مباغت بدأته الفصائل السورية المسلحة في 27 نوفمبر تحت مسمى “ردع العدوان”، وأدى إلى هروب الأسد السريع، ما خلق فراغًا قياديًا.

أبعاد سقوط النظام

بحسب صحيفة “الإندبندنت” في تقرير لها نشر اليوم الخميس 12 ديسمبر 2024، فإن سقوط الأسد ليس مجرد حدث سياسي داخلي، بل نقطة تحول إقليمية ستعيد تشكيل مواقف اللاعبين في المنطقة.

مع الانهيار، بدأ المحور التقليدي للممانعة في مواجهة تحديات وجودية، حيث ظهر تردد واضح في تدخل “حزب الله” لإنقاذ بشار الأسد ما أثار تساؤلات حول دوافع الحزب، هذا التردد يعكس تداخل حسابات استراتيجية تتعلق بتوازنات المنطقة، وتعقيدات التدخلات العسكرية والسياسية.

دور “حزب الله” في الأزمة

“حزب الله”، الحليف الأساسي للجيش السوري منذ اندلاع الحرب، كان في طليعة القوى التي دعمت النظام عسكريًا منذ عام 2012، عبر معارك حاسمة مثل القصير وحلب، حيث خسر مئات المقاتلين، لكن مع تقدم المعارضة خلال الأسابيع الأخيرة، التزم الحزب بالصمت، مكتفيًا بتصريحات عامة عن دعمه للشعب السوري.

أثار هذا الموقف البارد تساؤلات حول ما إذا كان الحزب قد خذل حليفه السوري، خصوصًا مع تخاذله عن التدخل المباشر في اللحظات الأخيرة.

يمكن تفسير موقف الحزب بالعديد من العوامل، أولًا، الاستنزاف العسكري الذي تعرض له خلال السنوات الماضية، سواء في الحرب السورية أو في مواجهاته مع إسرائيل، ثانيًا، الضغوط الإقليمية والدولية التي قلصت من قدرته على التحرك بحرية، ثالثًا، تعقيدات المشهد السوري، حيث أصبحت سوريا أكثر اعتمادًا على إيران وروسيا، ما قلل من تأثير “حزب الله” الاستراتيجي هناك.

أبعاد إقليمية واستراتيجية

تقول الصحيفة، إن موقف “حزب الله” ينبع من قراءة واقعية للمشهد الإقليمي والداخلي، فهو يدرك أن تدخله العسكري المباشر قد يزيد من استنزافه في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات داخلية متفاقمة، علاوة على ذلك، لا يمكن للحزب اتخاذ قرارات استراتيجية كبرى بمعزل عن إيران، التي تتحكم في خطوط إمداده العسكري واللوجيستي عبر الأراضي السورية.

ومع استمرار إسرائيل في تقطيع هذه الخطوط، بات الحزب محصورًا في خيارات محدودة، ما دفعه لتجنب التورط في معركة قد تؤدي إلى تفاقم أوضاعه.

في الوقت ذاته، يبدو أن الحزب يسعى لإعادة رسم صورته كقوة سياسية تسعى إلى الحفاظ على الاستقرار بدلاً من الانخراط في نزاعات إقليمية، هذا التوجه يعكس رغبة في التكيف مع التغيرات الجديدة في المنطقة، مع مراقبة التطورات الدولية وانتظار وضوح مواقف القوى الكبرى.

المستقبل الإقليمي

سقوط الأسد يفتح الباب أمام تغييرات عميقة في سوريا ودورها الإقليمي، وربما يعيد رسم خارطة التحالفات السياسية في المنطقة، في المقابل، يواجه “حزب الله” تحديات غير مسبوقة تتعلق بموقعه ودوره بعد فقدانه دعم الأسد كحليف استراتيجي.

ومع تعمق الأزمة السورية، سيتعين على الحزب، كما على إيران وروسيا، التعامل مع مرحلة جديدة من التوازنات التي قد تعيد صياغة معادلات القوة في الشرق الأوسط.

لا يمكن اختزال سقوط الرئيس بشار الأسد في تحركات الفصائل السورية المسلحة الأخيرة، بل هو نتيجة حتمية لانهيار داخلي طويل الأمد واعتماد على دعم خارجي أثبت عدم كفايته أمام تغيرات إقليمية ودولية متسارعة. في ظل هذه التحولات، تبقى المنطقة أمام مرحلة غامضة، حيث تعاد صياغة الأدوار والتحالفات على وقع انهيار سرديات استمرت لعقود.

ربما يعجبك أيضا