مع انتهاء اجتماعات مجموعة “البريكس” في قازان بروسيا، وانضمام 4 دول من رابطة دول جنوب شرق آسيا، “الآسيان”، إلى قائمة الانتظار للانضمام، فإن أهمية رابطة دول جنوب شرق آسيا تتضاءل بوضوح.
ليس السبب في ذلك فقط هو أن أهداف مجموعة البريكس وأغراضها أصبحت تحل محل رؤى الرابطة، حيث أصبحت مبادئها الأساسية غير ذات أهمية بمرور الوقت.
أهداف الآسيان
ذكرت مجلة “أوراسيا ريفيو” أن رابطة دول جنوب شرق آسيا “الآسيان” تأسست على يد إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند قبل 57 عامًا في أثناء الحرب الباردة، وكانت بمثابة إطار حكومي دولي لتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، عبر احترام سيادة القانون، والالتزام بالمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
وأضافت، في تقرير نشره الثلاثاء 5 نوفمبر 2024، أنه على الصعيد الخارجي، كان الهدف من الرابطة وقف التوسع الشيوعي في جنوب شرق آسيا، وفي الوقت نفسه صياغة تعاون أكبر بين الدول الأعضاء، وهو ما لم يكن موجودًا تقريبًا قبل تشكيل الرابطة.
جمود وتخاذل
يكمن الضعف الحقيقي الذي تعاني منه الآسيان في طموحها التنظيمي للتغلب على الخلافات عبر حسن النية والتفاهم والإيمان والصبر والمثابرة والواقعية، وكانت النتيجة هي الجمود وعدم القيام بأي شيء لأن الحكومات المعنية ركزت على الداخل فيما يتصل بقضايا الحكم الخاصة بها.
ووافقت دول الرابطة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء الأخرى، ما أدى في المقام الأول إلى الصمت بشأن ميانمار، ووقفت الرابطة موقفًا متخاذلًا من محنة شعب الروهينجا، كما لم تنجح علاقاتها في وقف الصراع بين كمبوديا وتايلاند في معبد (برياه فيهير) في الفترة من 2008 حتى 2009.
وأخطأ العديد من الخبراء في مقارنة الآسيان بالاتحاد الأوروبي، وافترضوا أن دولها تتطلع إلى نموذج يحتذي بالاتحاد الأوروبي، فقد أصبحت الرابطة مكان للقاء فقط، ولم يكن هناك من يقودها منذ الأمين العام السابق الدكتور سورين بيتسوان (2008-2012)، واليوم، يعتبر أي انتداب لموظفي الخدمة المدنية لأمانة الرابطة في جاكرتا بمثابة عقابًا لهم.
كتلة اقتصادية مؤثرة
تأسست مجموعة البريكس على أرضية مختلفة تمامًا، فرغم أن اجتماعات البريكس أصبحت أكثر من “حفلة كلامية” في الآونة الأخيرة، إلا أن المجموعة تتحول سريعًا إلى كتلة اقتصادية مؤثرة، فحضر اجتماع قازان 36 دولة، والتي مثلت 57٪ من سكان العالم، أصبح الحجم الاقتصادي لمجموعة البريكس الآن أكبر بكثير من مجموعة الدول السبع.
وتمكنت مجموعة البريكس من النمو سريعًا بسبب العقوبات المفروضة على روسيا أثناء صراعها ضد أوكرانيا، ما حفز إدراك الحاجة إلى انضمام دول “الجنوب” إلى منتدى، أو كتلة، يمكنه بناء مسارات دبلوماسية واقتصادية واجتماعية وثقافية جديدة.
ومن هذا المنظور، تعد البريكس جزءًا من سياسة العقوبات التي تنتهجها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ما أدى إلى تعاون جنوب – جنوب جديد، مثل اتفاقية الحدود الصينية الهندية في اجتماع قازان، والتي لم يكن من الممكن تصورها قبل فترة وجيزة.
مشاركة وليس دفاع
أوضحت المجلة أن حضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، اجتماع قازان كشف عن أن المنتديات الأخرى ستواجه الآن تحديًا من تأثير مجموعة البريكس، وأن رابطة الآسيان لا تستطيع أن تقدم لدولها الأعضاء ما تقدمه البريكس، كما ستواجه الرابطة تحديًّا داخليًّا تحت رئاسة ماليزيا في عام 2025.
وتضع كتلة البريكس الاتفاقيات الدفاعية الاستراتيجية، مثل الرباعية، موضع تساؤل، خاصة وأن الهند عضو في كلتا المنظمتين، ما يفرض نموذجًا جديدًا على المنطقة الواقعة شمال أستراليا، وهو ما ينبغي أن يتطلب من دول مثل أستراليا إعادة تقييم نهجها الدفاعي بشكل كامل.
وأوضحت المجلة أن على الدول غير الأعضاء في البريكس الانتباه إلى إعلان قازان الصادر عن مجموعة البريكس، والذي يؤكد التزام أعضاء مجموعة البريكس بالتعددية ودعم القانون الدولي، بما في ذلك الأغراض والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، فمجموعة البريكس هي حركة يجب المشاركة فيها وليس الدفاع عنها.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2036821