يشهد لبنان، البلد الصغير المتعدد الطوائف والذي يحمل تاريخًا طويلًا من الصراعات السياسية والطائفية، محاولات متزايدة من بعض الأطراف الداخلية للحد من نفوذ حزب الله، الذي يعتبر لاعبًا رئيسًا في الساحة السياسية والأمنية اللبنانية.
تنبع هذه المحاولات من تخوفات متباينة لدى هذه الجهات، سواء كانت سياسية، طائفية، اقتصادية، أو أيديولوجية، مع توقعات بأن سلسلة الاختراقات الأمنية التي شهدها الحزب مؤخرًا بدأت من الداخل.
هجمات الاتصالات
خلال يومين تعرضت آلاف العناصر التابعة لحزب الله، لإصابات بين بالغة ومتوسطة جراء انفجار هواتفهم التي سلمها حزب الله لهم نتيجة خرق أمني لم يكشف عن طبيعته حتى لحظة كتابة التقرير، الأربعاء 18 سبتمبر 2024.
ورجحت بعض وسائل الإعلام العالمية، أن الخرق بدأ من الداخل في لبنان، وأن معلومات سرية تم تسريبها تسببت في الحادثة.
خلفية الصراع الداخلي
يشكل حزب الله، الذي تأسس في الثمانينيات بدعم إيراني واضح، قوة عسكرية وسياسية لها ثقلها في لبنان، يعتبره أنصاره حركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وقوة دفاعية لحماية لبنان، لكن في المقابل، ترى فيه بعض الأطراف اللبنانية عاملًا أساسيًا في زعزعة الاستقرار الداخلي بسبب سياساته الخارجية وتدخلاته العسكرية في سوريا، وتحالفه مع إيران.
تأتي التحركات ضد حزب الله من عدة جهات، من أبرزها بعض الأحزاب السياسية والتيارات التي تنتمي إلى الطائفة السنية والمسيحية، وأيضًا من قوى المجتمع المدني التي تطالب بحصر السلاح بيد الدولة وتحقيق سيادة وطنية مستقلة، هؤلاء يعتبرون أن سيطرة حزب الله على القرار السياسي والأمني في لبنان يعوق بناء دولة مستقلة وقادرة على تحقيق الإصلاحات الضرورية.
الجهات المعادية لحزب الله
من بين أبرز الجهات التي تسعى لمواجهة حزب الله سياسيًا، يأتي “تيار المستقبل”، الذي كان يتزعمه الراحل رفيق الحريري ومن بعده نجله سعد الحريري، يعتبر هذا التيار أن وجود حزب الله كسلاح غير شرعي يشكل خطرًا على السيادة اللبنانية، بالإضافة إلى ذلك، يقف “حزب القوات اللبنانية” و”حزب الكتائب” في طليعة الأصوات المسيحية المعارضة لهيمنة حزب الله على الساحة السياسية.
تتحالف هذه القوى في كثير من الأحيان ضمن جبهة سياسية تعرف بـ”قوى 14 آذار”، والتي نشأت بعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005، هذه القوى تطالب بسيادة الدولة اللبنانية، وتعتبر أن وجود سلاح حزب الله خارج إطار الدولة يمثل تهديدًا لاستقرار لبنان.
المجتمع المدني والتحركات الشعبية
بعيدًا عن التحالفات السياسية، شهدت لبنان منذ عام 2019 حركة احتجاجية واسعة النطاق قادتها قوى المجتمع المدني ومجموعات شبابية مستقلة.
رفعت هذه الحركة مطالب متعددة تتعلق بالإصلاح الاقتصادي والسياسي، لكنها كانت واضحة في مطلبها بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، تعتبر هذه القوى أن وجود سلاح حزب الله خارج إطار الدولة يمنع تحقيق إصلاحات جذرية ويُبقي لبنان رهينة للتجاذبات الإقليمية.
الدوافع الاقتصادية والإقليمية
من بين أهم العوامل التي تدفع هذه الجهات لمواجهة حزب الله، تأتي الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها لبنان، ينظر إلى سيطرة حزب الله على المنافذ الحدودية غير الشرعية والتهريب على أنها أحد أسباب التدهور الاقتصادي، حيث تفقد الدولة موارد مالية مهمة، ترى بعض الجهات أن تحجيم نفوذ حزب الله يمكن أن يفتح الباب أمام مساعدات دولية وإقليمية تحتاجها لبنان بشدة.
إقليميًا، تتأثر مواقف هذه الجهات بالتوترات بين إيران والدول العربية، والتي تعتبر أن حزب الله ذراع إيراني يهدد أمن المنطقة، بناء عليه، تسعى بعض الجهات اللبنانية إلى تقوية علاقاتها مع هذه الدول بهدف مواجهة نفوذ حزب الله.
التحديات أمام هذه الجهات
رغم كل الجهود، تواجه الجهات الساعية لمواجهة حزب الله تحديات كبيرة، فالحزب يمتلك قوة عسكرية تتفوق على الجيش اللبناني، كما أنه يمتلك شبكة من التحالفات الداخلية والخارجية التي تمكنه من الحفاظ على موقعه.
لكن في ظل احتمالية تعاون بين إسرائيل وجهات داخلية ضد حزب الله فقد يتورط التنيظم في حرب قد تقضي عليه تمامًا.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1984178