فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية أثار الكثير من التساؤلات عن انعكاساته على الأسواق العالمية، بما في ذلك أسواق العملات الرقمية.
ومع إعادة ترامب إلى البيت الأبيض، يتطلع المستثمرون إلى فهم كيفية تأثير سياساته الاقتصادية المحتملة على عملات مثل البيتكوين والإيثيريوم وغيرها من العملات الرقمية، فهل يمكن أن تؤدي عودته إلى تعزيز الطلب على الأصول الرقمية؟ وهل ستشهد هذه العملات ارتفاعًا في قيمتها كما حدث سابقًا في بعض الأزمات الاقتصادية؟تــ
تأثيرات السياسات الاقتصادية
تعد العملات الرقمية أصولًا لامركزية، وتستجيب بشكل كبير للتقلبات السياسية والاقتصادية، من المعلوم أن ترامب يتبنى توجهات اقتصادية تتسم بالحماية الوطنية والضغط على المؤسسات الدولية مثل البنك الفيدرالي، واتباع سياسات ضريبية داعمة لقطاع الأعمال.
في ولايته السابقة، ركز ترامب على خفض الضرائب للشركات وتحفيز الاقتصاد، ما زاد من الطلب على الأصول الاستثمارية العالية المخاطر، وقد يدفع المستثمرين إلى التوجه نحو العملات الرقمية مجددا.
في حال واصل ترامب سياساته الاقتصادية المرتبطة بالتوسع النقدي وتخفيض الضرائب، فقد ينشأ عن ذلك تضخم اقتصادي، الأمر الذي يشجع البعض على اللجوء إلى العملات الرقمية كوسيلة تحوط ضد التضخم وتقلبات العملات التقليدية.
سياسة ترامب تجاه البنك المركزي
يعرف ترامب بانتقاداته الحادة للبنك الفيدرالي الأمريكي وسياساته النقدية، إذ يرى أن رفع الفائدة يعرقل النمو الاقتصادي ويضعف الأسواق المالية وقد يدفع فوز ترامب إلى تخفيف قيود الفائدة مجددًا، وهو ما يؤدي عادة إلى تقليل عوائد الاستثمار في السندات التقليدية، وبالتالي تعزيز جاذبية الأصول البديلة كالعملات الرقمية.
كما أن عدم استقرار السوق الذي قد ينتج عن توتر العلاقات بين البيت الأبيض والبنك المركزي قد يخلق مناخًا يزيد من الطلب على الأصول الرقمية.
من المعروف أن العملات الرقمية تزداد قيمتها غالبًا في أوقات عدم الاستقرار المالي، لأنها تعتبر ملاذًا استثماريا جذابا للمستثمرين الذين يبحثون عن حماية أموالهم بعيدا عن أسواق الأسهم والسندات المتقلبة.
علاقة ترامب بالصين
خلال فترة رئاسته السابقة، شهدت العلاقات الأمريكية الصينية توترًا شديدًا نتيجة للحرب التجارية التي فرضت فيها الولايات المتحدة رسومًا جمركية صارمة على السلع الصينية.
ومن المتوقع أن يؤدي عودة ترامب إلى تأجيج هذه التوترات مجددًا، ما قد يؤدي إلى تقلبات في الأسواق العالمية وأسواق العملات الأجنبية.
في هذا السياق، يرجح أن يلجأ المستثمرون إلى العملات الرقمية كبديل للمخاطرة المترتبة على التجارة العالمية وتقلبات أسعار الصرف، العملات الرقمية، كونها غير مرتبطة مباشرة بأي دولة أو اقتصاد، تعتبر خيارًا جذابًا في مثل هذه الأوقات المضطربة، ما قد يعزز من قيمتها إذا اشتدت النزاعات التجارية مجددًا.
الأثر النفسي والإعلامي
التقلبات السياسية الحادة عادة ما تدفع المستثمرين إلى اتخاذ خطوات غير تقليدية، وقد يؤدي صعود ترامب مجددًا إلى موجة من المضاربات بسبب توقعات المستثمرين بتغيّرات كبيرة في السياسات، سواء الداخلية أو الخارجية.
ومن المعروف أن سوق العملات الرقمية حساسة للغاية للأحداث السياسية والاقتصادية البارزة، حيث شهدت العملات الرقمية ارتفاعات مفاجئة في أوقات الأزمات السياسية، كما حدث خلال جائحة كورونا أو حتى أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا.
توقعات مستقبلية
رغم أن فوز ترامب قد يؤثر على العملات الرقمية بشكل إيجابي، فإن هذا الارتفاع ليس مضمونًا أو حتميًا، إذ أن سياسات ترامب قد تدفع بالمستثمرين نحو العملات الرقمية، لكن في المقابل، قد تتبع الإدارة الأمريكية سياسات صارمة تجاه العملات الرقمية نفسها، خاصة أن هناك توجهات متزايدة لتنظيم هذا القطاع.
لذا، يعتمد مستقبل هذه العملات بشكل كبير على التوازن بين السياسة النقدية والسياسة الرقابية على الأصول الرقمية.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2037949