هل ينجح وزير المالية التركي الجديد في تغيير سياسات أردوغان الاقتصادية؟

شروق صبري
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

بعد سنوات من انهيار الليرة وتلاشي احتياطيات العملات الأجنبية وارتفاع التضخم، ستكون إعادة التفكير في السياسة الاقتصادية أولوية قصوى للرئيس التركي.


تبدو السياسة المالية غير التقليدية، التي تبناها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على مدار العامين الماضيين، قد وصلت إلى نهايتها.

وقالت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية إن سياسة أردوغان لمواجهة التضخم عبر خفض تكاليف الاقتراض، كانت غير مجدية ولم تنجح مطلقًا، مشيرة إلى أن وزير المالية الجديد، محمد شيمشك، يتبنى «الاقتصاد الأرثوذكسي»، المبني على القواعد التقليدية المقبولة.

إصلاح اقتصادى تركي

رجحت المجلة، في مقال لها، أن سياسية شيمشك المالية ستعود بتركيا إلى المسار الصحيح، مشيرة إلى أنه صرّح، بعد يوم من تعيينه في الحكومة الجديدة، بأنه “لم يتبق لتركيا خيار سوى العودة إلى الأساس العقلاني لصنع السياسة”.

ورأت المجلة البريطانية أن تلك الكلمات سيكون لها تأثير إيجابي في العديد من المستثمرين الأجانب، الذين تخلوا عن تركيا على مدار عامين. لكنها أشارت إلى أنهم لن يعولوا كثيرًا على هذه التصريحات، ما لم تدعمها خطوات ملموسة لإصلاح اقتصاد البلاد.

تحول حقيقي أم خطوة هامشية؟

وفق ذي إيكونوميست، أدى حفض أسعار الفائدة، التي أمر بها أردوغان، إلى استمرار النمو الاقتصادي، الذي بلغ معدله السنوي 4% في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، لكنها تسببت أيضًا في ارتفاع معدل التضخم، الذي بلغ ذروته عند 86% العام الماضي، قبل أن يتراجع، إلى 44% في إبريل.

وبالتالي، فإن رفع سعر الفائدة سيؤدى إلى التراجع عن بعض الضرر، واستعادة الثقة في البنك المركزي. لكن السؤال المطروح هو ما إذا كان تعيين شيمشك علامة على تحول حقيقي في السياسة، أم أنه مجرد خطوة هامشية لإرضاء المستثمرين الأجانب؟

هل ينجح محمد شيمشك؟

بالنسبة للعديد من المستثمرين، قضى شيمشك نحو عقد من الزمان في خزائن أردوغان، أولاً كوزير للاقتصاد والمالية، ثم كنائب لرئيس الوزراء، وشهدت البلاد في عهده فترة من النمو القياسي، لكنه في النهاية خضع لأوامر الرئيس، الذي له تأثير كبير في صنع القرار.

وفي عام 2018، استبدل أردوغان شيمشك بصهره كبير المستشارين الاقتصاديين، بيرات إلبيرق. ومنذ ذلك الحين، بات الرئيس حرًا في ممارسة فلسفته الاقتصادية الخاصة، التي ترى رفع أسعار الفائدة على أنها “مصدر كل الشرور”، كما قالها ذات مرة.

أردوغان

أردوغان

انهيار الليرة التركية

أشارت  المجلة البريطانية إلى أن تعيين شيمشك لم يوقف انهيار الليرة، لأن المستثمرين يعتقدون أن أموال البنك المركزي نفدت للتدخل في أسواق العملات. وباع البنك عشرات المليارات من الدولارات لدعم العملة، قبل انتخابات الشهر الماضي، وهي السياسة التي ساعدت أردوغان في الحصول على ولاية رئاسية ثالثة، لكنها تركت خزائن البنك مستنفدة.

وانخفض صافي الاحتياطيات الأجنبية إلى ما دون الصفر في نهاية مايو 2023، للمرة الأولى منذ عقدين. وقدر صافي الاحتياطيات بأكثر من 70 مليار دولار، ونتيجة لذلك، يتوقع المحللون أن تفقد الليرة ثلث قيمتها أمام الدولار، إن لم تنفد بالفعل بحلول نهاية العام الحالي.

محمد شيمشك

مؤشرات إيجابية

يعتمد استقرار الليرة التركية على قدرة شيمشك في إقناع أردوغان بالحاجة إلى رفع أسعار الفائدة. لكن المجلة ترى أن هذا قد يكون أمرًا صعبًا، مشرة إلى أن الزعيم التركي أقسم في مناسبات عديدة ، كان آخرها عشية الانتخابات الأخيرة، أنه سيبقي أسعار الفائدة منخفضة ما دام في السلطة، لكن الوضع يستدعى إجراء إصلاح اقتصادي قريبًا.

ومن المنتظر الإعلان عن قرار بشأن أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية المقبل للبنك المركزي، المقرر عقده في 22 يونيو الحالي. لكن نية البنك على تغيير مساره قد تتضح في وقت سابق، خصوصًا مع تعيين محافظ جديد للبنك المركزي، ليحل محل شهاب قافيجي اوغلو، الذي نفّذ أجندة أردوغان حرفيًّا على مدار العامين الماضيين، ما سيكون علامة مشجعة، ويعسك أن تركيا ستكون في وضع أفضل.

اقرأ أيضًا| الليرة التركية تفقد 3% وتهوي لقاع قياسي جديد مقابل الدولار

اقرأ أيضًا| الليرة التركية تعمق خسائرها إلى 13% منذ بداية 2023

ربما يعجبك أيضا