وسط توقعات انحسار موجة التشديد النقدي.. هل تشهد «وول ستريت» مفاجآت جديدة؟  

ولاء عدلان
وول ستريت

توقع بنك أوف أمريكا في مذكرة الأسبوع الماضي، أن تشهد الأسهم في وول ستريت ضربة قاسية وسط تصاعد مخاوف تباطؤ الاقتصاد.


سجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية خلال الأسبوع المنتهي، أمس الجمعة 24 مارس 2023، مكاسب أسبوعية جماعية بأكثر من 1%.

وتأتي هذه المكاسب في ظل حالة من عدم اليقين تخيم على الأسواق، بشأن صحة القطاع المصرفي ومسار معدلات الفائدة وسط تلميح مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) الأربعاء الماضي، باحتمال التوقف المؤقت عن رفع الفائدة خلال الفترة المقبلة.

تقلبات حادة

شهدت مؤشرات وول ستريت تقلبات حادة خلال الـ15 يومًا الماضية، ففي الأسبوع المنتهي في 10 مارس الحالي، تكبدت خسائر جماعية بأكثر من 4%، وسجل مؤشر داو ‏جونز أكبر خسائر أسبوعية له منذ يونيو 2022، بضغط من تراجع أسهم القطاع المصرفي.

وسجلت صناديق المؤشرات المتداولة للبنوك المدرجة في وول ستريت أعلى خسائر أسبوعية منذ مارس 2020 منخفضة بنحو 16%، في أعقاب إعلان السلطات الأمريكية، 10 مارس، إغلاق بنك سيليكون فالي في أكبر حالة فشل مصرفي في أمريكا منذ أزمة 2008.

وتعافت الأسهم الأمريكية لاحقًا، ففي الأسبوع المنتهي في 17 مارس تمكن مؤشرا ناسداك المركب وستاندرد آند بورز 500 من الارتفاع 4.4% و1.4% على التوالي، مقابل تراجع بنحو 0.2% لمؤشر داو جونز، وفق وكالة أنباء رويترز.

مؤشر داو جونز

مؤشر الأسهم الأمريكية داو جونز خلال الأسبوع المنتهي في 17 مارس 2023

الفيدرالي يواصل رفع الفائدة

منذ مارس 2022 سعى المركزي الأمريكي إلى تخفيف خطر التضخم المتصاعد، عبر سلسلة من رفع معدلات الفائدة لتقفز من مستويات صفرية إلى 4.5% بنهاية 2022، وخفض حيازته من السندات في محاولة لإعادة التضخم إلى مستهدفه عند 2% وإبطاء النمو الاقتصادي دون الدخول في دائرة الركود.

وأدى ارتفاع الفائدة إلى تغيير المشهد في وول ستريت المعتادة على أسعار الفائدة المنخفضة، ودفع مؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك المركب في 2022 لتسجيل أسوأ خسائر سنوية لهما منذ 14 عامًا.

ولم يكن مفاجئًا أن يرفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة الأربعاء الماضي 0.25% إلى نطاق من 4.75% إلى 5%، بعد أن رفعها في فبراير بالمقدار نفسه، إلا أن وول ستريت تراجعت بأكثر من 1% في ختام جلسة 22 مارس، مدفوعة بمخاوف تتعلق بأزمة القطاع المصرفي.

باول يفشل في تهدئة مخاوف وول ستريت

حذر رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول في خطاب له الأربعاء الماضي، من أن التضخم لا يزال مرتفعًا للغاية، فخلال فبراير ارتفع إلى 6% أي أنه أعلى من مستهدفه بـ4%، تاركًا الباب مفتوحًا أمام زيادات جديدة للفائدة.

وقال باول إن توقعات الفيدرالي لا تشير إلى خفض الفائدة هذا العام، وإن كانت لا تزال ترجح سيناريو الهبوط الناعم للاقتصاد، وفي ما يتعلق بأزمة القطاع المصرفي، قال إن الفيدرالي مستعد لاستخدام كل أدواته حتى يظل النظام المصرفي آمنًا.

وفي أول رد فعل على خطاب باول، تراجع مؤشر البنوك الإقليمية الأمريكية بأكثر من 5%، ليغلق قرب أدنى مستوياته في أكثر من عامين، عقب انهيار 3 بنوك في أسبواع واحد هي سيليكون فالي، وسيجنتشر بنك وبنك سيلفرجيت نتيجة أسباب تتعلق بالإعسار وخسائر ناجمة عن رفع الفائدة.

خفض الفائدة يلوح في الأفق

توقع مؤسس شركة “دوبل لاين كابيتال” الأمريكية لإدارة الأصول جيفري جوندلاش، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، أن يخفض الفيدرالي الفائدة على نحو كبير قريبًا، في ظل ارتفاع مخاطر الركود، مشيرًا إلى أن هذا مجرد احتمال يحمل هامشَ خطأٍ بنحو 30%.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة تريدير الأمريكية للوساطة دان راجو، في تصريح لـ”ياهو فاينناس” إن وول ستريت أقل قلقًا الآن بشأن رفع الفائدة مما كانت عليه في النصف الثاني من 2022، فمع تباطؤ التضخم تدريجيًّا خلال الفترة الأخيرة، يشعر المستثمرون أن الفيدرالي سيجد طريقًا في نهاية المطاف للتوقف عن رفع الفائدة.

ويرى الرئيس العالمي للاستراتيجية الكلية في “مورجان ستانلي” ماثيو هورنباخ، أن أسواق الأسهم تراهن حاليًّا على خفض الفائدة خلال الأشهر المقبلة حال تدهور الأوضاع الاقتصادية، وفق ما نقلته وكالة بلومبرج.

 

ضربة لسوق الأسهم

توقع بنك أوف أمريكا، في مذكرة الأسبوع الماضي، أن تشهد وول ستريت ضربة قريبة وسط تصاعد مخاوف تباطؤ الاقتصاد حتى حال خفض معدلات الفائدة، وقال إن الأسواق لا تخشى احتمالات الركود الاقتصادي بدرجة كافية مقابل حماسها لخفض الفائدة، الأمر الذي قد يعرض الأسعار لضربة قاسية خلال 3 إلى 6 أشهر مقبلة.

وقالت مجموعة يو إس بانكورب المصرفية الأمريكية في مذكرة الشهر الماضي، إن العودة إلى أسعار الفائدة المنخفضة ستكون مفيدة لسوق الأسهم، ولكن ستظل عوائد سندات الخزانة الأمريكية أكثر جاذبية وأقل مخاطرة، مقارنة بأسهم قد لا تقدم عائدًا يتجاوز الـ1.6% من توزيعات الأرباح.

وأضافت أن المشكلة الآن في تراجع ربحية غالبية الشركات أو توقفها عن توزيع أرباح، في ظل توقعات التباطؤ الاقتصادي واستمرار الضغوط التضخمية، ومع ذلك تظل الأسهم الأمريكية في وضع جيد على المدى الطويل بافتراض نجاح الفيدرالي في تخفيف حدة التضخم وتعافي الاقتصاد في النهاية.

استثمار طويل الأجل

أوصت مجموعة يو إس بانكورب مستثمري الأسهم الأمريكية بالاستثمار في الأسهم باستراتيجية طويلة الأجل، مع تركيز أقل على توقعات الـ12 شهرًا المقبلة بالمقارنة مع أفق الاستثمار من 3 إلى 5 سنوات.

وفي ديسمبر الماضي، حثت أموندي الفرنسية لإدارة الأصول، مستثمري الأسهم الأمريكية على اتخاذ موقف دفاعي مع الاستعداد لاستغلال أي فرصة قد تظهرها الأسواق، وسط تباطؤ النمو العالمي، وتراجع أرباح الشركات المتوقع في 2023.

حالة من عدم اليقين

حاليًّا تمر السوق بحالة من عدم اليقين، وسط زيادة في معدلات الفائدة والتضخم، ما يعني مزيدًا من التقلبات، والتراجع إلى مستويات جاذبة تمثل فرصة للمستثمرين على المدى الطويل، إلا أن أصواتًا قليلة ترى أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرشح لقفزة هذا العام.

في ديسمبر الماضي، توقع المحلل لدى شركة الاستشارات المالية “فوندسترات” توم لي، في مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي”، أن يقفز ستاندرد آند بورز على مدار العام بنحو 20% وأكثر حال تحرك التضخم بالقرب من مستهدف بنك الاحتياط، بما يدعم سوق الأسهم، ويدفع البنك تجاه التوقف عن رفع الفائدة.

 

ربما يعجبك أيضا