شرع فريق الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب في عملية تدقيق غير مسبوقة للولاءات السياسية للموظفين بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض.
ووفقًا لمسؤول أمريكي تحدث لوكالة “أسوشيتد برس”، اليوم الاثنين 13 يناير 2025، استجوب الفريق القادم، الموظفين حول تصويتهم في انتخابات 2024، مساهماتهم السياسية، وحتى منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، التي قد تُعتبر مشكوكًا فيها.
التحقق من الميول السياسية
في إجراء غير مسبوق، يُستجوب أعضاء فريق مجلس الأمن القومي (NSC) حول ولائهم، وهم في الغالب خبراء متخصصون استعارتهم الوكالات الفيدرالية، مثل وزارة الخارجية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، للعمل مؤقتًا في البيت الأبيض لفترة تتراوح بين سنة وسنتين.
وفي حال تم استبعادهم من المجلس، سيعودون إلى وكالاتهم الأصلية، وأفاد المسؤول الذي تحدث للوكالة الأمريكية أن بعض الموظفين غير السياسيين بدأوا بالفعل في حزم أمتعتهم بعد تلقي استفسارات حول ولائهم، رغم أنه كان قد أُشير لهم مسبقًا بأنهم سيبقون في مواقعهم بعد الانتقال إلى الإدارة الجديدة.
وبدأت عملية التدقيق مع الموظفين الأسبوع الماضي، وفقًا لمسؤول رسمي، وقد تم استجواب بعضهم حول ميولهم السياسية من قِبل المعينين من قِبل ترامب، الذين سيشغلون مناصب مدراء في المجلس، حسب التقرير المنشور اليوم.
تطهير جذري
قال مسؤول أمريكي ثانٍ لوكالة أسوشيتد برس إنه تم إبلاغه قبل أسابيع من قِبل مسؤولي إدارة ترامب القادمة بأنهم يخططون لإثارة تساؤلات حول الميول السياسية للموظفين المهنيين العاملين في البيت الأبيض.
أحد مسؤولي فريق ترامب، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، قال إن الإدارة القادمة ترى أنه “من المناسب تمامًا” اختيار مسؤولين يشاركون الرئيس المنتخب رؤيته ويركزون على أهداف مشتركة.
الأسباب والمخاطر
مايك والتز، عضو الكونغرس عن ولاية فلوريدا والمرشح لمنصب مستشار الأمن القومي لإدارة ترامب، أعلن في تصريحات أخيرة عزمه استبعاد جميع الموظفين غير السياسيين والاستخباراتيين العاملين في مجلس الأمن القومي بحلول يوم التنصيب، قائلاً: “الجميع سيستقيل بحلول 20 يناير”.
أضاف والتز في حديثه لموقع “بريتبارت نيوز”: “نريد أن يكون مجلس الأمن القومي مكونًا بالكامل من أفراد يتفقون بنسبة 100% مع أجندة الرئيس”، كما أكد أن الإدارة الجديدة تعمل حاليًا على إجراءات مراجعة تصاريح الموظفين وتقديم طلبات لإعادة هؤلاء المُعارين إلى وكالاتهم الأصلية.
ويقول خبراء الأمن القومي إن هذه الخطوة قد تؤدي إلى فقدان خبرات كبيرة ومعرفة مؤسسية داخل مجلس الأمن القومي، وهو أمر قد يعوق الإدارة الجديدة في التعامل مع أزمات معقدة مثل الصراع في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط.
تصريحات سوليفان
من جانبه، دعا مستشار الأمن القومي في إدارة بايدن، جيك سوليفان، الإدارة القادمة إلى الإبقاء على الموظفين المدنيين الحاليين في المجلس خلال المرحلة الأولى من الفترة الانتقالية، مشددًا على أهمية وجود فريق متمرس جاهز للعمل فور تولي الإدارة الجديدة السلطة.
وقال سوليفان في تصريحات يوم الجمعة: “مع كل ما يحدث في العالم، فإن ضمان وجود فريق مهيأ وجاهز لمواصلة العمل بدءًا من الدقيقة الأولى للإدارة الجديدة أمر بالغ الأهمية”.
وأشار جايك سوليفان إلى أنه عندما تولى الرئيس بايدن منصبه في عام 2021، ورث معظم فريق المجلس من إدارة ترامب المنتهية، مستدركًا “كان هؤلاء الأشخاص رائعين.. كانوا جيدين حقًا”.
إدارة ترامب الأولى
خلال فترته الرئاسية الأولى، تعرض ترامب لانتقادات بسبب قيام اثنين من الضباط العسكريين العاملين في المجلس بالإبلاغ عن مخاوفهم بشأن مكالمة ترامب عام 2019 مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، والتي طلب فيها ترامب تحقيقًا بشأن جو بايدن وابنه هنتر، أدت هذه الواقعة إلى أول دعوة برلمانية لعزل ترامب.
كان ألكسندر فيندمان يستمع إلى المكالمة كجزء من عمله في المجلس عندما شعر بالقلق مما سمع، فتوجه إلى شقيقه التوأم، يوجين، الذي كان يعمل حينها كمحامٍ في المجلس، وكلاهما أبلغ رؤساءهما بالمخاوف.
وقال ألكسندر فيندمان في بيان يوم الجمعة إن نهج فريق ترامب في تعيين الموظفين بالمجلس “سيكون له تأثير مروع على الموظفين المسؤولين عن السياسات على مستوى الحكومة، مضيفًا: “المهنيون الموهوبون، الذين يخشون من أن يتم فصلهم بسبب مواقفهم المبدئية أو تقديم نصائح موضوعية، إما سيقومون بمراقبة أنفسهم أو سيتخلون عن الخدمة بالكامل”.
نهج غير تقليدي
يرى مراقبون أن خطوات فريق ترامب تعكس رغبة في تشكيل مجلس أمن قومي موالٍ تمامًا للرئيس، لكنها تثير مخاوف بشأن تأثيرها على الأداء الحكومي واستقلالية الموظفين المدنيين، كما أن هذا النهج قد يؤدي إلى انقسامات عميقة داخل البيت الأبيض، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات داخلية وخارجية متزايدة.
وتأسس مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس هاري ترومان، ليكون ذراعًا استشارية للرئيس في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، وعلى مر الإدارات السابقة، كان من المعتاد أن يستمر الخبراء من الوكالات الفيدرالية في العمل بالمجلس حتى في حال تغيير الحزب الحاكم.
لكن مع نهج إدارة ترامب الجديدة، يبدو أن هذا التقليد يواجه تحديًا كبيرًا، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول قدرة المجلس على أداء مهامه بفعالية في ظل التحولات الجذرية المرتقبة.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2103793