علاقة متشابكة بين حوار إيران مع الغرب وحوارها مع السعودية إذا ما أرادت إيجاد حل لأزماتها الداخلية والخارجية.
جاءت قمة بغداد الثانية في المملكة الأردنية الأسبوع الماضي، لتعيد تحريك ملف الحوار بين طهران والرياض.
بعدها بدأت إيران التحرك في مسارات دولية وإقليمية لحل أزماتها الداخلية، التي تراكمت بفعل العزلة الدولية والعقوبات الغربية، وعلى رأسها الاحتجاجات الشبابية الجارية منذ منتصف سبتمبر الماضي، إثر وفاة فتاة على أيدي شرطة الأخلاق.
أزمات داخلية
تعاني إيران أزمات داخلية طاحنة اقتصادية وأمنية وشعبية، واندلعت احتجاجات شبابية منذ منتصف سبتمبر الماضي، عجز النظام الإيراني عن إيقافها، وهو ما دفعه في النهاية للحوار مع القوى الغربية والإقليمية، من أجل حل مشكلات الداخل التي تراكمت بفعل سياسة العزلة وتراكم العقوبات الغربية.
وحذر الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، من خطورة الأزمة الداخلية في إيران، وقال حسب صحيفة “آرمان ملي“، إن إحداث تحول في الأزمة الاقتصادية في إيران يستوجب أولًا إحياء الاتفاق النووي، لأنه من دون ذلك الاتفاق ورفع العقوبات وتحسين العلاقات مع العالم، فلا يمكن توقع حل مشكلات الاقتصادية.
وأضاف روحاني: “البعض يتصور أنه من خلال التعامل مع العالم قد نشهد وجود مندسين من الخارج، لكن العزلة هي التي ستتسبب في وجود المندسين”. وتعبر تصريحات روحاني عن حاجة إيران إلى التحرك نحو مسارات متعددة ومركبة إذا ما أرادت حل مشكلات الداخل، منها العودة للاتفاق النووي والحوار الإقليمي.
عقب قمة «بغداد2»
كانت مشاركة إيران في قمة “بغداد2” في الأردن، فرصة للحديث عن عودة إيران للحوار الإقليمي، فقد التقى وزير الخارجية الإيراني، حسين عبداللهيان، نظيره السعودي فيصل بن فرحان، الثلاثاء 20 ديسمبر، على هامش هذه القمة، ثم غرد بعدها بالعربية: “شاركت في مؤتمر بغداد 2 بالأردن للتشديد على دعمي للعراق”.
وأضاف عبداللهيان محاولاً التأكيد على هذا الحوار: “كما أتيحت لي على هامش هذا الاجتماع فرصة للقاء بعض نظرائي، وزراء خارجية عمان وقطر والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية، وشدد لي الوزير السعودي على استعداد بلاده لمواصلة الحوار مع إيران”.
تحرك للأمام
بعدها أخذت إيران خطوات للأمام، ودعت إلى العودة لاستئناف محادثات التفاوض النووية، وهي ترتبط بملف الحوار الإقليمي. وحسب تقرير موقع “تابناك“، فقد طلب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، من وزير الخارجية فؤاد حسين وفريق من مكتبه استئناف جهود الوساطة العراقية بين طهران والرياض.
ومنذ إبريل 2021، استضافت بغداد مباحثات مباشرة بين إيران والسعودية. وضمت الوفود ممثلين أمنيين ودبلوماسيين لكلا البلدين، ورعى رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، 5 جولات منها، كان آخرها في إبريل الماضي.
أيضًا وفي إطار الحوار مع إيران، قال السفير عزت سعد، الرئيس التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، في حوار مع وكالة “سبوتنيك“، إن العلاقات بين مصر وإيران ليست طبيعية على أي حال، والوساطة العراقية التي يجري الحديث عنها بعد مؤتمر “بغداد2” في الأردن، قد تفتح الباب لبداية مشاورات.
أولوية الحوار الإيراني السعودي
كتبت صحيفة “مردم سالاري” الإيرانية، أن السياسة الأمريكية في حاجة إلى هذا الحوار، وأن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، هو من شجع العراق على الوساطة بين طهران والرياض. كما قال سلفه باراك أوباما عام 2016، لن تنتهي الفوضى في الشرق الأوسط حتى تجد السعودية وإيران طريقًا إلى “جوار سلمي”.
وأوضح تقرير الصحيفة أنه على الرغم من ضبابية مستقبل الحوار بين البلدين، توجد مؤشرات إيجابية. ففي ذروة الاحتجاجات في إيران، قال وزير الخارجية السعودي، قبل 3 أشهر: “نعتزم بالتأكيد إقامة علاقة إيجابية مع جيراننا في إيران”.
وأشار التقرير إلى أهمية هذا الحوار لكل الأطراف الإقليمية والدولية، فالولايات المتحدة الأمريكية تريد التفرغ لسياسة احتواء الصين، وهذا يحتاج إلى التهدئة في منطقة الشرق الأوسط. وكذلك تدرك كل من طهران والرياض أنه لا يمكن حل المشكلات الإقليمية دون التعاون بين البلدين.
البداية من السعودية
قال خبير الشؤون الدولية، عبد الرضا فرجيراد، في حوار مع وكالة “إيلنا” الإيرانية، تعليقًا على أهمية حوار طهران والرياض، إن “نجاح هذه المحادثات مرهون بمدى تمكن إيران من فتح الجغرافيا السياسية والتفاعل مع العالم، لأن الانفتاح على عالم مثل الغرب وحل المشكلة النووية، سيشجع بقية الدول للحوار مع إيران”.
وأضاف فرجيراد: “كذلك بالنسبة إلى العالم العربي، فإن تشجيع دول مثل الأردن والكويت والبحرين ومصر وتونس والمغرب وموريتانيا لإقامة علاقات واسعة مع إيران، يبدأ من تعزيز العلاقات بين إيران والسعودية. لأن الأمر له اعتبارات أمنية واقتصادية”.
تأثيرات إيجابية في ملفات إقليمية
ينسحب الحوار بين طهران والرياض على ملفات إقليمية عدة، منها ملف لبنان وأزمة رئاسته، فقد كتبت دوللي بشعلاني في صحيفة “الديار” اللبنانية تقول إن “استمرار الحوار السعودي- الإيراني ستكون له تأثيرات إيجابية في الداخل اللبناني”.
وأضافت بشعلاني: “الحوار مع إيران، فضلًا عن مواكبة كل من الولايات المتحدة وفرنسا لما يجري، قد يُنتج رئيسًا للبنان بعد فترة الأعياد، أي في فبراير أو مارس المقبلين، يكون قادرًا على مواكبة المرحلة الجديدة من التغيرات الإقليمية والدولية”.
وقد كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن اتصالات غير مباشرة بين السعودية وإيران حول الملف اللبناني، من ضمن ملفات أخرى، بدأت قبل أيام من مؤتمر “بغداد 2”. وأن أطرافًا عدة، بينها فرنسا وقطر، عملت على تليين موقفَي الرياض وطهران في ما يتعلق بالملف اللبناني.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1391615