آلان ديلون.. لماذا فقد ساحر السينما الفرنسية رغبته في الحياة؟

جدل كبير أثاره خبر رغبة النجم الفرنسي ألان ديلون في إنهاء حياته بطريقة القتل الرّحيم الذي سيُجرى في سويسرا قريبًا.

ونقل موقع “بليدج تايم” أن صاحب 87 عامًا طلب من ابنه الممثل أنتوني ديلون تقصير طريقه إلى العالم الآخر بهذه الطريقة. وقال أنتوني خلال حديثه مع إذاعة “آر تي إل” الفرنسية بمناسبة صدور كتابه “بين كلب وذئب” إن والده يريده أن يكون بجانبه خلال لحظاته الأخيرة.

آلان ديلون يرغب في الموت

يدعم ديلون القتل الرحيم، فيقول: “القتل الرحيم المسار الأكثر منطقية وطبيعية للموت، التقدم في السن أمر فظيع”، وتُقره سويسرا التي يحمل ديلون جنسيتها منذ عام 1999، ويُقيم فيها منذ العام 2019 إثر إصابته بجلطة دماغية.

ويرجع البعض قرار ديلون إلى وفاة زوجته السابقة ناتالي ديلون، التي تزوجها بين عام 1964 و1969، ورحلت بعد معاناة من سرطان البنكرياس في يناير 2021. وأرادت ناتالي القتل الرحيم لها أيضًا، لكن ذلك لم يكن ممكنًا قانونًا في فرنسا، وعلق أنتوني حينها قائلا: “أمي، كونها كائنًا حرًا، أرادت أن تموت بالطريقة التي تعيش بها”، حسب ما نقله موقع “نيوز بيزير“.

حزن آلان ديلون بسبب وفاة طليقته

آلان ديلون وزوجته ناتالي

ومنذ وفاة ناتالي، دخل ديلون حالة حزن، وصرح وقتها بأنها كانت زوجته الأولى والوحيدة، وأن علاقته بها استمرت حتى بعد الانفصال، وكانا يلتقيان كثيرًا وكانت جزءًا من حياته على نحو كبير، حتى أنهما كانا معًا قبل بضعة أسابيع من وفاتها والتقطا صورة هي الأخيرة لهما، معبرًا عن ألمه لفقدان من يحبهم.

وبدأت حالة آلان ديلون الصحية في التدهور مع تقدم العمر، وتفاقمت أكثر مع تعرضه لجلطة دماغية عام 2019، عانى كثيرًا من آثارها، وقبل ذلك بـ5 سنوات عانى من عدم انتظام ضربات القلب، بعد جراحة أجراها عام 2012 كادت أن تودي بحياته.

آلان ديلون يريد الرحيل عن العالم الفاسد

في يناير 2018 قال ديلون إن الموت لا يخيفه، لكنه لا يريد الحياة مع الألم، مشيرًا إلى أنه يشعر برغبة في “مغادرة هذا العالم الفاسد” على حد وصفه، وقال في تصريح نقله موقع archyde: “لا أريد الموت وحيدًا، لكن مع كلبي الذي أوصيت الطبيب البيطري بحقنه بمادة خاصة، حتى يلحق بي عندما أغادر عالمًا يجعلني أشعر بالاستياء، أصبح مليئًا بالفساد والجرائم”.

وأشار ديلون إلى أن كل من لهم معنى في حياته ماتوا، من العائلة والأصدقاء، ورغم ماضيه الغنيّ بالحب والعلاقات، عاش “بائسًا وفريسة للوحدة” ولم يجد من يهوّن الأيام الأخيرة من حياته، متذكرًا ما حدث في صباه عندما تخلّص منه والداه في سن 4 أعوام، ليعيش مع عائلة تبنته كما لو كان في دار للأيتام، لافتًا إلى أن والديّه حاولا زيارته عندما أصبح مشهورًا، لكنه رفض مقابلتهما.

طفولة صعبة

آخر طهور لديلون مع ابنه أنتوني في جنازة جان بول بلومندو سبتمبر 2021

يعدّ آلان فابيان موريس مارسيل ديلون من أشهر نجوم السينما الفرنسية والعالمية، وهو من مواليد 8 نوفمبر عام 1935، عمل نادلًا قبل دخوله السينما، واشتهر بوسامته وعينيه الزرقاوتين، وأطلقت عليه الصحافة لقب “ساحر النساء”، بعد الشعبية الواسعة التي حازها منذ ظهوره الأول عام 1957، وقدم خلال مسيرته أكثر من 90 فيلمًا.

وعاش ديلون طفولة غير مستقرة، وطُرد من المدرسة ثم التحق بالبحريّة الفرنسيّة، وفي العام 1953 أُرسل إلى الهند الصينيّة، وبعد عودته عمل في عدة وظائف، وخلال تلك الفترة عرف العديد من الممثلين الذين رافقهم لمهرجان كان السينمائي عام 1956، وهناك جذب انتباه كشّاف المواهب الذي يعمل للمنتج الأمريكي ديفيد سلزنيك، الذي عرض عليه عقدًا إذا تعلم الإنجليزية، لكن المخرج الفرنسي إيف أليجريت أقنعه بالتمثيل في فرنسا بدلًا عن ذلك.

نجم أفلام العصابات

اشتهر ديلون في فرنسا منتصف الستينات بأفلام العصابات مثل “The Samurai” عام 1967، وظهر في نسخ أمريكية من نفس النوعية منها “The Yellow RollsRoyc” عام 1964، و”Texas Across the River” عام 1966، و”Red Sun” عام 1971، لكنه فشل في جذب انتباه الجمهور الأمريكي على الرغم من مكانته البارزة في أوروبا.

انطفأ وهج ديلون بشكل ملحوظ في الثمانينات، وقدم خلالها أفلامًا مثل “Notre Histoire” عام 1984، و”Nouvelle” ودخل مجال الدراما التلفزيونية عبر المسلسل الشهير “فابيو مونتالي” عام 2002، وفرانك ريفا (2003-2004)، ولعب دور “يوليوس قيصر” في الفيلم الكوميدي الناجح “Astérix aux jeux olympiques” عام 2008.

حياة حافلة نهايتها الوحدة

بعد فيلمه الأخير، أمضي ديلون أيامه مع كلبه وصديق ياباني يُدعى هيرومي في سويسرا، بعد حياة حافلة ارتبط فيها بـ5 نساء، آخرهن زوجته ناتالي، وواعد الممثلتين رومي شنايدر، وميراي دارك وعارضة الأزياء روزالي فان بريمن، ولديه منها ابنتاه أنوشكا وفابين ديلون، والمغنية كريستا بافجن التي ربطته بها علاقة قصيرة جدًا، وزعمت في ما بعد أنها أنجبت منه ولدًا لم يعترف به.

وكان آخر ظهور لديلون في جنازة الممثل الشهير جان بول بلموندو، الذي توفي في سبتمبر 2022، وظهر بعصا يتوكأ عليها، وقال وقتها للصحفيين: “كنت أنا وبلومندو من أيقونات السينما الفرنسية لا يمكن ذكر أحدنا دون الآخر، نحن في نفس العمر تقريبًا، ولن يمر وقت طويل قبل أن ألحق به”، بحسب ” archyde“.