«آلة زمن لتغير المناخ».. هل تحمل حرارة جوف الأرض أمل تبريد الكوكب؟

بسام عباس

تعتمد الفكرة على إمكانية استخدام الطاقة الحرارية الجوفية من القشرة الأرضية لسحب الكربون من الهواء.


أعلنت شركة أمريكية أنها ستصمم أول محطة للطاقة الحرارية الأرضية، للالتقاط المباشر للهواء، بمساعدة منحة من مبادرة “تشان زوكربيرج”.

وتأمل شركة فيرفو إنرجي الأمريكية، التي تعمل في مجال الطاقة الحرارية الأرضية، في إنشاء محطة تجريبية عبر الإنترنت في غضون 3 إلى 5 سنوات، تعمل على الجمع بين التقاط الهواء المباشر والطاقة الحرارية الجوفية، التي تعد مصدر طاقة غير مستغل نسبيًّا.

طاقة نظيفة تقلل الكربون

حث الرئيس التنفيذي للشركة، تيموثي لاتيمر، على ضرورة الحصول على الطاقة من مصدر خالٍ من الكربون، مشددًا على أن “الحرارة الجوفية مبادرة رائعة”، وفي حالة نجاح الفكرة، فستكون طريقة لإنتاج كهرباء خالية من الكربون، مع تقليل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

وتعتمد الفكرة على استغلال الحرارة الناجمة من قلب الأرض، فمركز الكوكب هو نواة منصهرة بدرجات حرارة تصل إلى 11 ألف درجة فهرنهايت. ووفقًا لوزارة الطاقة الأمريكية، يمكن أن يمد 0.2% فقط من تلك الحرارة، البشرية جمعاء بطاقة تكفي لمليوني عام، إذا ما نجح الوصول إليها.

آلة زمن لتغير المناخ

قالت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير نشرته اليوم الخميس 23 فبراير 2023، إن امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء يشبه نوعًا ما، “آلة الزمن لتغير المناخ، فهو يزيل الكربون من الغلاف الجوي ويخزنه في أعماق الأرض، عكس ما اعتادت البشرية فعله، منذ قرون، باستخدام الوقود الأحفوري.

وأضافت أن هذه العملية قد تساعد في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وإصلاح بعض الأضرار في الغلاف الجوي، والمساعدة في إعادة الكوكب إلى حالة أكثر برودة، لافتةً إلى أن مشكلة تلك العملية أنها تتطلب الكثير من الطاقة، خصوصًا أن ثاني أكسيد الكربون يشكل 0.04% فقط من الهواء، ما يجعل عملية استخراجه مستهلكة للطاقة.

ووفقًا للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، التابعة للأمم المتحدة، يحتاج العالم، بحلول عام 2100، إلى إزالة ما بين 100 و1000 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون من الهواء، لتحقيق أهدافه المناخية الأكثر طموحًا، أو ما بين 10 إلى 100 ضعف انبعاثات الصين السنوية.

الآبار الحرارية الجوفية

لا تقترب الآبار الحرارية الجوفية، من أي مكان قرب قلب الأرض، لكن البئر الحرارية الجوفية، التي تأمل الشركة في حفرها لمسافة كيلومتر فقط في الصخور الساخنة تحت السطح، قد تصل إلى درجات حرارة تصل إلى 1000 درجة، ويُضخ الماء في البئر ليُسخن ويُعاد إلى السطح متحولاً إلى بخار وكهرباء.

وبعد توليد الكهرباء، فإن معظم محطات الطاقة الحرارية الأرضية لديها الكثير من الحرارة المهدرة، غالبًا ما تسجل نحو 212 درجة، وبآليات مناسبة، تكون هذه هي درجة الحرارة اللازمة لسحب ثاني أكسيد الكربون من مرشح الهواء، ودفنه تحت الأرض.

دفن ثاني أكسيد الكربون

تقول الباحثة المتخصصة في إزالة ثاني أكسيد الكربون بجامعة بنسلفانيا، هيلين بيلورجي، إن إحدى الطرق الرئيسة لسحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء تُعرف ب”المواد الماصة الصلبة”، التي تستخدم مراوح كبيرة لسحب الهواء في صندوق، ويسخّن مرشح الهواء إلى قرابة 212 درجة لإزالة ثاني أكسيد الكربون ودفنه في الأرض.

وأضافت الباحثة إن ثاني أكسيد الكربون بعد استخراجه من الهواء ينبغي دفنه في أعماق الأرض، غالبًا في أحجار مسامية مليئة بالمياه المالحة، لافتةً إلى أن أحد التحديات هو بناء محطات الطاقة الحرارية الأرضية في المناطق، التي تتوافر فيها طبقات المياه الجوفية بسهولة.

استخدامات متعددة

أفادت الصحيفة الأمريكية بأن الطاقة الحرارية الأرضية قد تلعب دورًا رئيسًا في تحويل شبكة الكهرباء إلى مصادر الطاقة المتجددة، وأنها على عكس طاقة الرياح والطاقة الشمسية، قد تعمل طوال الوقت، وتنتج الكهرباء حتى عندما لا تهب الرياح أو لا تشرق الشمس.

وأوضح لاتيمر أنه يوجد احتمال بأن يكون لمحطة طاقة حرارية أرضية واحدة استخدامات متعددة، فيمكنها إنتاج الكهرباء عند الحاجة، وامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، لافتًا إلى أنه من الصعب حاليًا ربط الطاقة الحرارية الأرضية بشبكة الكهرباء، بسبب فترات الانتظار الطويلة للاتصال.

تجارب مماثلة

ذكرت واشنطن بوست أن أيسلندا تشتهر بمئات البراكين والينابيع الساخنة، وهي بالفعل أكثر بقعة ساخنة على وجه الأرض، بسبب الطاقة الحرارية الأرضية، مشيرة إلى أن 85% من منازلها تسخن حاليًا بواسطة الأرض نفسها.

وأضافت أن شركة “كلايموركس” السويسرية تستخدم بالفعل الطاقة الحرارية الأرضية لإمدادها بالطاقة باحتجازها المباشر للهواء، وتمتلك مصنعًا لاحتجاز الكربون في محطة هيليشيدي، ثالث أكبر محطة للطاقة الحرارية الأرضية في العالم الواقعة في جنوب غربي أيسلندا. وتبني مصنعًا آخر.

وأوضحت الصحيفة أن هذه التجربة هي ثمرة تعاون بين شركة “كلايموركس” الناشئة، التي ابتكرت تقنية لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وشركة “كاربفيكس” الأيسلندية، التي طورت تقنية تحول ثاني أكسيد الكربون إلى حجر في أقل من عامين.

ربما يعجبك أيضا