آلية السقف السعري.. هل تنجح في تجويع آلة الحرب الروسية؟

ولاء عدلان

وزيرة الخزانة الأمريكية: السقف السعري لمنتجات النفط الروسية سيجبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الاختيار بين تمويل حربه غير القانونية في أوكرانيا أو دعم اقتصاده المتعثر.


تبدأ الولايات المتحدة وحلفاؤها، اليوم الأحد 5 فبراير 2023، في تطبيق حدود قصوى لأسعار مشتقات النفط الروسي، في أحدث سلسلة من العقوبات الغربية على موسكو.

بالتزامن مع ذلك يبدأ الاتحاد الأوروبي اليوم تطبيق حظر أوسع على واردات الكتلة من منتجات النفط الروسي، في محاولة لتجفيف منابع تمويل آلة الحرب الروسية الأوكرانية مع اقترابها من نهاية عامها الأول.

استهداف عائدات روسيا النفطية

أعلنت واشنطن والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا نهاية الأسبوع الماضي، وضع سقف سعري لمشتقات النفط الروسية مثل المنتجات التي تتداول بعلاوة على سعر الخام وأبرزها الديزل وجرى تحديد سقفها عند 100 دولار للبرميل والمنتجات التي تتداول بخصم عند 45 دولارا.

يضاف ذلك إلى سقف الأسعار المفروض على الخام الروسي منذ ديسمبر الماضي والبالغ 60 دولارًا للبرميل، وخطة سقوف الأسعار تقف ورائها في الأساس وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، التي قالت في بيان بتاريخ 3 فبراير 2023 إن الحدود القصوى لأسعار منتجات النفط الروسية ستقلص بشكل كبير عائدات موسكو النفطية مع الحفاظ على استمرار إمدادات أسواق الطاقة العالمية.

وأضافت أن هذه الحدود القصوى ستجبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الاختيار بين تمويل حربه “غير القانونية” في أوكرانيا أو دعم اقتصاده المتعثر.

من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: “يجب أن نستمر في حرمان روسيا من قدرتها على مواصلة حربها”.

روسيا تبدي موقفًا صلبًا

ردًا على تفعيل الغرب لآلية السقوف السعرية، وقع فلاديمير بوتين نهاية ديسمبر مرسوما رئاسيا، يحظر توريد النفط الخام والمشتقات النفطية من روسيا إلى الدول أو الشركات التي تطبق هذه الآلية وذلك اعتبارا من 1 فبراير 2023 وحتى 1 يوليو المقبل، وفق روسيا اليوم.

وفي 23 ديسمبر الماضي، حذر نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك من أن بلاده إلى جانب وقف المبيعات للدول المشاركة في خطة سقوف الأسعار، قد تقلص إنتاجها من النفط بما يتراوح بين 500 إلى 700 ألف برميل يوميا خلال 2023.

وخلال 2022، تمكنت روسيا في ظل العقوبات الغربية التي بدأت تحاصرها منذ تحركها عسكريا باتجاه الأراضي الأوكرانية نهاية فبراير 2022، من تسجيل قفزة في إيرادات النفط والغاز بنحو 28% وبلغت إيرادتها من هذا القطاع 168 مليار دولار مسجلة أعلى مستوياتها منذ 2011 بفضل ارتفاع الأسعار وإعادة توجيه صادراتها إلى بلدان في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا وتحديدا الصين والهند.

جدوى السقف السعري

تقضي العقوبات الجديدة على قطاع الطاقة الروسي بمنع الشركات الغربية من التعامل مع شحنات المشتقات الروسية المنقولة بحرًا ما لم تباع وفق السقوف السعرية، وبحسب المعلن من جانب الاتحاد الأوروبي وواشنطن ستجري مراجعة هذا السقف دوريًا لضمان تحقيق أهدافه.

وصف رئيس “سانكي ريسيرش” بول سانكي في تصريح نهاية الأسبوع الماضي لـ”سي إن بي سي”، سقوف الأسعار بأنها مجرد اختراع طوره بيروقراطيون ليسوا على دراية بطبيعة سوق النفط، وأوضح أن العقوبات في 2022 شكلت ضغطًا على أسواق النفط وليس نظام بوتين.

وأضاف أن إمدادات النفط الروسية لم تنقطع من الأسواق خلال 2022، ما يثير الشكوك بشأن جدوى العقوبات، واتفقت معه رئيسة شركة “فاندا إنسايتس” فاندانا هاري قائلة لـ”سي إن بي سي” في نهاية الأمر سيجد النفط الروسي ومشتقاته الطريق إلى الأسواق.

الصين والهند ترحبان بالنفط الروسي

رجحت “وول ستريت جورنال” في تقرير لها أمس، أن تتلاشى آثار آلية السقف السعري تدريجيًا مع الوقت، وأن تلجأ موسكو إلى تصدير المزيد من النفط الخام إلى مصافي الصين والهند لتجنب القيود المفروضة على النفط المكرر، في المقابل سيلجأ الأوروبيون إلى الصين والهند لشراء الديزل الذي ينتج بشكل متزايد من الخام الروسي.

وقالت رئيسة شركة “فاندا إنسايتس” لـ”سي إن بي سي” إن أسواق مثل الصين والهند لا تزال ترحب بالنفط الروسي، وخلال العام الماضي استفادتا من أسعار الخام الروسي المنخفضة والأمر نفسه سيتكرر مع مشتقات النفط.

على الجانب الأخر، توقعت “رويترز”، أمس، أن تضر السقوف السعرية الجديدة روسيا أكثر من سقف سعر الخام.

image 35 1536x960 1

حتى مطلع يناير 2023 كانت أوروبا على رأس الدول المستوردة لمشتقات النفط الروسية

ماذا ينتظر أسواق النفط؟

حذر وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أمس السبت 4 فبراير 2023، خلال افتتاح المؤتمر العالمي لاقتصادات الطاقة في الرياض، من أن كل أشكال العقوبات والحظر ونقص الاستثمارات في قطاع الطاقة ستتحول إلى شيء واحد فقط وهو نقص الإمدادات في الأسواق.

وحذر الكرملين في وقت سابق من أن العقوبات الجديدة على قطاع الطاقة الروسي ستؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، الأمر نفسه حذر منه محللو مجموعة مورجان ستانلي في ديسمبر الماضي وقالوا إن هذه الاضطرابات المتوقعة قد تتطلب تدخلًا من منظمة أوبك لضخ المزيد من النفط ودعم استقرار الأسواق.

اضطراب عائدات روسيا بفعل العقوبات

قدر مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف الذي يتخذ من هلسنكي مقرا له، أن السقف السعري للنفط الروسي يكلف ميزانية موسكو نحو 174.3 مليون دولار يوميا، منذ تطبيقه في 5 ديسمبر 2022، وأن هذا الرقم سيرتفع إلى 280 مليون دولارا يوميا مع تطبيق آلية السقوف السعرية على المشتقات.

في شبه إقرار بتأثير العقوبات، توقعت وزارة المالية الروسية هذا الشهر أن يتجاوز عجز ميزانية العام الحالي مستوى 2% بفعل تراجع عائدات النفط والغاز التي تمثل نحو 40% من ميزانية البلاد.

خلال الشهر الماضي، تراجعت العائدات الشهرية لروسيا من النفط والغاز إلى 6.1 مليار دولار بانخفاض 54% على أساس شهري لتسجل أدنى مستوياتها منذ أغسطس 2020، وسجل سعر خام الأورال الروسي انخفضا بـ42٪ على أساس سنوي.

يتداول الخام الروسي عند 46 دولارا للبرميل مقابل 80 دولارا لخام برنت القياسي، هذه الفجوة السعرية تفسر انخفاض الإيرادات الشهرية لموسكو من الضرائب والجمارك المرتبطة بمبيعات الطاقة 46% خلال يناير، الأمر الذي قد يدفع موسكو لاعتماد أسعار برنت كمعيار لحساب ضرائب شركات الطاقة بدلًا من الأورال الرخيص، وفق صحيفة كومرسانت الروسية.

ربما يعجبك أيضا