أئمة الجزائر في مرمى التطرف.. ذبح وهلع بالمساجد خامس أيام رمضان

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبد الرحمن

جريمة مروعة اهتزت لها الجزائر في فجر خامس أيام رمضان عدما تم العثور على جثة شخصين مقتولين ذبحا من بينهما المؤذن داخل مسجد بمنطقة “وادي السبع” في ولاية سيدي بلعباس.

وفي تفاصيل الجريمة، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مصدر أمني، أن عناصر قوات الدرك الجزائرية، وجدت صباح الإثنين، شخصين مقتولين ذبحا في مسجد “خالد بن الوليد”، وهما مؤذن المسجد (64 سنة) ومصل (67 سنة)، أثبتت التحريات أنهما فارقا الحياة قبيل صلاة الفجر، وقامت عقب ذلك بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات الحادث وتحديد المتورطين في القضية.

وجاءت هذه الجريمة لتعمّق مخاوف الأئمة في الجزائر من إمكانية تعرّضهم لاعتداءات داخل المساجد وخارجها، خاصة أنها تأتي بعد أقل من أسبوع على خروجهم في وقفة احتجاجية، دعت إليها نقابة الأئمة وسط الجزائر العاصمة، للمطالبة بتوفير الأمن لهم بعد تكرّر الاعتداءات التي طالتهم من قبل المتشدّدين.

ويطالب الأئمة في العاصمة الجزائرية بتحسين أوضاعهم المهنية والاجتماعية وبتدخل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لإنصافهم، من الوضع الحساس الذي يعيشه هؤلاء بسبب وجودهم في خضم صراع بين توجهات الحكومة واستهداف التيارات الدينية المتشددة.

ويعيش الأئمة في مفارقة بين حكومة تسعى لتمرير خطابها الديني بأقل التكاليف المادية والمالية، وبين تيارات دينية متشددة تعمل على استغلال الوضع المادي الهش لهؤلاء من أجل توظيفهم في تمرير ونشر أفكارها ومشاريعها المتطرفة.

ويصبح شهر رمضان ككل عام مجالا لاستعراض القوة بين الوصاية الدينية للحكومة وبين لوبيات دينية حول هوية ومرجعية الأئمة. وكثيرا ما وقع الأئمة في موقع تجاذب بين الوصاية التي تنتدبهم، وبين جهات وجمعيات دينية نافذة تريد فرض توجهاتها الفكرية والمذهبية، ويظهر في مقدمة هؤلاء تيارا الإخوان والسلفيين، وتطور التجاذب في بعض الأحيان إلى خصومات وعداوات غير معلنة بين رواد المساجد وبين الأئمة.
 

ومع لجوء وزارة الشؤون الدينية إلى حظر جمع التبرعات والهبات المادية خلال شهر رمضان لفائدة الأئمة كما كان معمولا به خلال السنوات الماضية بدعوى تحصينهم من الأفكار التي تحرك العملية، يصطدم الأئمة بواقعهم المادي الهش وبالمقاومة الصعبة لمغريات الاستغلال، التي يمارسها نشطاء وأنصار المذاهب والتيارات المتصارعة، تحت مسميات التلاوة الجيدة والدروس والمواعظ والقدرة على الإقناع.

وكانت نقابة الأئمة قد دقت جرس الإنذار منذ مدة، من خلال تنظيمها لوقفات احتجاجية في بعض المحافظات، والتماسها من وزارة الشؤون الدينية مراجعة الأوضاع المهنية والاجتماعية لهم.

ووضعت دراسة أكاديمية متخصصة نشرها المركز الفرنسي للبحث والاستعلام “انتشار التيار السلفي وعودته بقوة وجرأة إلى الواجهة بالأحياء الشعبية والمساجد في الجزائر”، في خانة “المخطط المدروس لضرب استقرار الجزائر من خلال زرع بذور التطرف واستهداف المرجعية الدينية”.

وحذر التقرير من انعكاسات رعاية بعض القوى العالمية لهذا التيار على توهج الفكر المتشدد والانزلاق نحو الإرهاب في منطقة شمال أفريقيا وبلدان الساحل.

يذكر أن الجزائر تضم نحو 24 ألف مسجد ومؤسسة دينية وزاوية تتكفل الوزارة بتأطيرها وتنظيمها، إلا أنها غالبا ما تصطدم مع الجمعيات المسيرة لها، بسبب تضارب الأفكار والنوايا بينها وبين تلك الجمعيات، ما أدى إلى بروز مشكلات ومشاحنات داخل المؤسسات الدينية، بسبب الاختلاف على الخطاب الديني أو طريقة إدارتها.

ولا يزال البعض من الزوايا والمساجد التي أنشئت بتمويل خاص، يحاول الحفاظ على ما يرونه “استقلالية” عن توجيهات الخطاب الرسمي، من أجل تفادي ما يعرف بـ”التوظيف السياسي للمساجد والزوايا من طرف السلطة”، خاصة مع تحول البعض منها إلى منصة لتمرير مشاريع سياسية، كتأييد ودعم بوتفليقة في الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية.

ربما يعجبك أيضا