«أحلاها مر».. خيارات إيران الصعبة بعد اغتيال نصر الله

محمد النحاس
حسن نصر الله

رغم أن استهداف نصر الله قد لا يؤدي إلى تعطيل كبير في العمليات، إلا أنه يمثل "ضربة معنوية هائلة لصفوف الحزب وداعميه، بالإضافة إلى خلق حالة من الرعب التي قد تُسبب شللًا مؤقتًا داخل الحزب"


قتلت إسرائيل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، في هجوم عنيف على مقر قيادة الحزب في 27 سبتمبر 2024، وفي ضربة هي الأعنف للتنظيم اللبناني منذ تأسيسه.  

 ودفع الهجوم، طهران، الحليف الوثيق لحزب الله من تحذير إسرائيل بأنها دخلت مرحلة خطيرة من الصراع، حيث غيّرت قواعد الاشتباك، ومع استمرار طهران في مراقبة خسائر أقرب حلفائها، تزايدت التساؤلات حول رد الفعل المتوقع من إيران، فما هي الخيارات التي تبقت لإيران؟ 

ضربات المتتالية

يوم الجمعة، استهدفت إسرائيل مقر قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، كان الهدف رأس زعيم الحزب، وبالفعل أكد الجيش الإسرائيلي، بحلول السبت، أن نصر الله قد قُتل،  كما أقر حزب الله بعد ساعات من الغموض والصمت مصرع زعيمه، لكن ما مدى تأثير الضربة على حزب الله؟

الجيش الإسرائيلي زعم أن هيكل القيادة في حزب الله قد “تم تفكيكه بالكامل تقريبًا” بعد سلسلة من الضربات التي استهدفت عددًا من كبار المسؤولين في الحزب، ومع ذلك، يبقى هذا الهيكل غير معروف علنًا، ولا يمكن التحقق من هذه المزاعم بشكل مستقل، وفق ما نقل تحليل لسي إن إن. 

هل لا زال الحزب قادرًا على المواجهة؟ 

من جانبها ترى الزميلة البارزة  في معهد واشنطن ومؤلفة كتاب “أرض حزب الله” حنين غدار أن الحزب “تعرض لأكبر ضربة في بنيته العسكرية منذ تأسيسه”.

وأردفت في منشور لها على حسابها على موقع إكس: خسر الحزب  مستودعات أسلحة ومنشآت عسكرية، بالإضافة إلى معظم قادته الكبار، كما أن شبكة اتصالاته تضررت بشدة”.

لكن رغم هذه الخسائر، لا يزال حزب الله يحتفظ بقادة عسكريين مهرة وعدد من أقوى أصوله، بما في ذلك الصواريخ الموجهة بدقة والصواريخ بعيدة المدى التي يمكن أن تُلحق ضررًا كبيرًا بالبنية التحتية العسكرية والمدنية الإسرائيلية، ولم تستخدم معظم الصواريخ بعد خاصةً تلك الموجهة وبعيدة المدى، وفقًا لغدار. 

ماذا بعد؟ 

من جانبها، ترى أستاذة خبيرة العلاقات الدولية، في جامعة كارديف، أمل سعد أنه ومنذ تصعيد إسرائيل لحملتها، أظهر حزب الله قدرة على استيعاب الضربات والتعافي منها، حيث واصل ضرباته على شمال إسرائيل لأيام متتالية.

ورغم أن استهداف نصر الله قد لا يؤدي إلى تعطيل كبير في العمليات، إلا أنه يمثل “ضربة معنوية هائلة لصفوف الحزب وداعميه، بالإضافة إلى خلق حالة من الرعب التي قد تُسبب شللًا مؤقتًا داخل الحزب”، بحسب سعد، لكنها أوضحت أيضًا أن “حزب الله قد صُمم ليتحمل هذه الصدمات، وهو قادر على تجاوز فقدان قادته الأفراد”.

مستقبل القيادة في حزب الله

وفق تحليل “سي إن إن”، قليل من الشخصيات قد تملأ الفراغ الذي سيتركه نصر الله في حال غيابه، نظرًا لشعبيته الكبيرة التي اكتسبها بفضل الإنجازات التاريخية للحزب، مثل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان في عام 2000، وحرب 2006 التي اعتُبرت نصرًا مهمًا للحزب.

وإذا تضررت القيادة بشكل كبير وتعطلت قنوات التنسيق بين إيران وحزب الله، قد يدفع هذا الحرس الثوري الإيراني للتدخل المباشر، وفقًا لغدار. ورغم ذلك، فإن هذا التدخل سيكون محفوفًا بالمخاطر، إذ سيجعل القادة الإيرانيين أهدافًا مباشرة، ويزيد من تعقيد الوضع في لبنان.

هل تتدخل إيران؟

قبل محاولة اغتيال نصر الله، كانت إيران تصر على أن حزب الله قادر على الدفاع عن نفسه، حتى أن المرشد الأعلى، علي خامنئي، أقر بأن مقتل قادة الحزب كان “خسارة لا يمكن إنكارها”، لكن بعد هجوم الجمعة، أصدرت السفارة الإيرانية في لبنان بيانًا يشير إلى أن طهران قد تغيّر موقفها، حيث وصفت الهجوم بأنه “تصعيد خطير يغيّر قواعد اللعبة”، وتوعدت بمعاقبة الجهة المسؤولة عن الهجوم.

وفقًا لـ نائب رئيس معهد كوينسي لفن الحكم الرشيد، تريتا بارسي، فإن إيران قد تجد نفسها مضطرة للتدخل إذا شعرت بأن حزب الله غير قادر على الدفاع عن نفسه، خاصة إذا بعد مقتل نصر الله. وحال لم تدخل، ستواجه إيران خطر فقدان مصداقيتها بين شركائها فيما يسمي “محور المقاومة”.

ورغم فعالية الهجمات الإسرائيلية، قد لا تزال طهران تعتقد أن حزب الله قادر على التعافي وفرض شروطه على وقف إطلاق النار، مما سيمنح الحزب فرصة لإعادة ترتيب صفوفه، لكن  إذا اقترب الحزب من الانهيار، فقد تجد إيران نفسها مجبرة على التدخل بشكل مباشر، ربما عبر شن هجمات صاروخية أو بالطائرات المسيرة كما حدث في الماضي عندما اتهمت إسرائيل بالهجوم على مبنى دبلوماسي إيراني في دمشق.

فخ إسرائيلي

في حديثه لسي إن إن هذا الأسبوع، حذر نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، جواد ظريف، من أن إسرائيل تحاول جر أطراف أخرى إلى الصراع، بما في ذلك الولايات المتحدة وإيران.  

وأكد أن كل من إيران وحزب الله أظهرا ضبطًا للنفس في مواجهة الهجمات الإسرائيلية، لكنه أضاف أن “الإسرائيليين يتجاوزون الخطوط الحمراء”، ما يهدد بتعقيد الوضع بشكل يصعب احتواؤه.

ربما يعجبك أيضا