أحمدي نجاد .. الوقوف في وجه الجميع

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

ما زال الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، يثير الجدل في إيران، رغم خروجه من الحياة السياسية. كما أن أحمدي نجاد لطالما أثار سخط المحافظين والإصلاحيين على حد سواء.

واليوم قد سلطت الصحف الإيرانية بكافة أطيافها الضوء على نجاد، بعد الرسالة التي أرسلها للمرشد الأعلى علي خامنئي.

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية في إيران، واستمرارًا للكاريزما التي رسمها أحمدي نجاد حول نفسه، بأنه نصير المهمشين والمطحونين، وأنه “روبن هود” الذي يحارب الفساد والأغنياء من أجل الفقراء؛ استغل نجاد هذا الوضع ليعيد نفسه إلى دائرة الضوء، ودعا أحمدي نجاد، في رسالة إلى المرشد نشرها على موقع “تويتر” الأربعاء، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة.

وقال محمود أحمدي نجاد في تغريدته: “من المتطلبات الفورية والضرورية إجراء انتخابات سريعة وحرة للرئاسة والبرلمان، بالطبع دون تخطيط من مجلس صيانة الدستور وتدخل من المؤسسات العسكرية والأمنية، بحيث يتمتع الشعب بحق الاختيار”.

وأضاف نجاد، أن حرية وممارسة الحق في تقرير المصير هي الحقوق الأساسية للشعب وأهداف الثورة التي تم التأكيد عليها بشكل صريح ومتكرر في الدستور، مشيرا إلى أنه قد تم تأسيس النظام الإسلامي لتوفير هذه الحقوق.

استغلال الوضع

الواضح أن أحمدي نجاد وجه خطابًا ذكيًا، فهو يحاول كسب الكثير من التيارات، فهو استغل دعوة روحاني للاستفتاء العام على بعض القضايا المصيرية، ليكرر هو أيضًا نفس هذه الدعوة ولكن للانتقام من النظام ومن كافة المؤسسات التي حاربته بعد خروجه من السلطة، وعلى رأسها مؤسسة مجلس صيانة الدستور التي أتهمها “نجاد” بهندسة العملية الإنتخابية في إيران، وهو ما يضع نجاد في إزدواجية خطاب لأنه هو أيضًا أستفاد من هذه الهندسة السياسية في إنتخابات 2009 التي انتصر فيها أمام منافسه زعيم التيار الأخضر مير حسين موسوي (هناك اتهامات بتزوير المرشد الإنتخابات لصالح نجاد). كذلك يستهدف أحمدي نجاد مؤسسات البرلمان وعلى رأسها علي لاريجاني الذي يمثل ندًا قويًا لشخصه.

استغلت حكومة روحاني الأول اخفاقات حكومة احمدي نجاد لتكون شماعة الأعذار لحكومة روحاني، ولكن مع حكومة روحاني الثانية، خرج الإيرانيون من مرحلة اليأس إلى مرحلة الألم، وهو ما يحاول نجاد اللعب عليه، ورد الصفعة للحكومة المعتدلة، بما يُظهر أن حكومته كانت الأفضل بالنسبة للإيرانيين، على الأقل كانت تهتم بالطبقات المحرومة.

في مواجهة الجميع

رسالة نجاد فتحت النار عليه من الجميع، فقد رد المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس كدخدايي الاتهام الضمني، الذي وجهه أحمدي نجاد للمجلس بـ”هندسة الانتخابات”، مشيراً إلى أن أحمدي نجاد كان أيضاً سعى وراء “هندسة انتخابات الرئاسة عام 2009”.

وانتقد نواب في البرلمان، أحمدي نجاد، بشدة، وطالبوا وزير الاستخبارات والقضاء بمواجهته.

وقال عضو كتلة الولاية محسن كوهكن إن “تولي المناصب الرفيعة في النظام لا يعني التمتع بالحصانة إلى ما لا نهاية”.

وقال قائد فيلق “القدس” قاسم سليماني في خطاب له، إن هناك جهات تحاول إقصاء “الحرس الثوري” بحجج واهية.

واتهمت صحيفة آفتاب الإصلاحية، أحمدي نجاد بإزدواجية الخطاب السياسي، وأن ما يدار عن تغيير في تفكير أحمدي نجاد هو خدعة لإعادة كسب ثقة أنصاره. واتهمت صحيفة فرهيختگان أحمدي نجاد بمحاولة استغلال المفاهيم الديموقراطية من أجل محاربة أعداءه وأن نجاد يميل للاستبداد والديكتاتورية أكثر من الديموقراطية.

اعتبرت صحيفة بهار، أن رسالة نجاد أثارت حفيظة الجميع، وأنها دفعت المحافظين أنفسهم للرد على نجاد، وهو ما كشف بعض الأسرار من مساعي نجاد لهندسة الإنتخابات في 2009.

وقد تابعت صحيفة همدلي ردود أفعال التيارات السياسية والشباب على مواقع التواصل الاجتماعي حول رسالة أحمدي نجاد، واظهرت الصحيفة في تقريرها أن ردود الأفعال أظهرت حجم غضب كبير من هذه الرسالة، إلا جانب السخرية من مسألة هندسة الإنتخابات بينما نجاد هو نفسه متهم بهندسة الحياة السياسية في إيران. واضافت الصحيفة أن ما تعاني منه إيران الآن يتحمل نجاد جزءًا منه.

هاجمت صحيفة ابرار المحافظة، أنصار نجاد، واعتبرت أن رجال الدين أمثال مصباح يزدي هم من ساعدوه على البقاء،فكانوا يقولون أن طاعة نجاد من طاعة الله، وأوضحت الصحيفة أن نجاد كان يستغل الكثيرين لتحقيق أهدافه السياسية، وأنه يتحدث عن الحرية ، بينما تم إغلاق العديد من الصحف في عهده.

في إطار تصريحات أحمدي نجاد المثيرة للجدل دائمًا، تكون رسالته هذه المرة أيضًا هي محاولة منه للضغط على النظام والحكومة الحالية ومحاولة دفاع منه، بعد محاكمة الكثيرين من حكومته في عهد حكومة روحاني، سيما أن هذه المحاكمات بدأت تقترب من شخص أحمدي نجاد نفسه.

ربما يعجبك أيضا