أرض الاكتشافات والكنوز الأثرية.. “سقارة” المصرية لم تبح بكل أسرارها

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تسابقت وسائل الإعلام العربية والعالمية في الإشادة والحديث عن الكشف الأثري الهام بمنطقة سقارة في الجيزة المصرية، بعد أن أعلن الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، السبت الماضي، الكشف عن ثلاث آبار للدفن على أعماق تتراوح بين 10 و12 مترًا بمنطقة سقارة بها 59 تابوتًا خشبيًا ملونًا مغلقًا مرصوصة بعضها فوق البعض، وسط تغطية إعلامية عالمية، بحضور ما يقرب من 60 سفيرًا من مختلف العالم بالقاهرة، وأكثر من 200 وسيلة إعلامية عربية وعالمية. 

كانت وزارة الآثار المصرية، أعلنت، أول أمس، العثور على 59 تابوتًا على الأقل و28 تمثالًا أثرية في ثلاث آبار للدفن بمنطقة آثار سقارة الشهيرة بمحافظة الجيزة، وهو أول كشف أثري يتم الإعلان عنه منذ بدء أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.

الاكتشاف المصري الكبير، تضمن 59 تابوتا أثريا تم استخراجها من بئر قديمة في منطقة سقارة الأثرية بالجيزة، وما زال هناك عدد كبير من التوابيت لم يتم استخراجها، إلى جانب العثور على عدد كبير من التماثيل والأوشبتي والتمائم، التي تتراوح ما بين 40 و50 قطعة أثرية، كان ذلك حصيلة الاكتشاف الأثري الجديد التي أعلنت عنه وزارة الآثار، والذي سيكون حديث العالم، نظرًا لاكتشاف هذا الكم الكبير من التوابيت، بحسب موقوع “اليوم السابع”.

ويعد هذا الكشف أكبر الاكتشافات الأثرية في 2020 بمنطقة سقارة، والذي يضم أكبر عدد من التوابيت بدفنة واحدة منذ اكتشاف خبيئة العساسيف، وجاءت البداية باكتشاف بئر عميقة للدفن يبلغ عمقه نحو 11 مترًا، وتم العثور بداخله على أكثر من 13 تابوتًا آدميًا مغلقًا منذ أكثر من 2500 عام.

تفاصيل

قال الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري، إن اكتشافات منطقة سقارة يرجع إلى العصر المتأخر أى عمرها 2600 سنة، وأعلنا عن 14 تابوتًا، ولكن خرج حتى الآن 59 تابوتًا، وهناك المزيد الذي لم يخرج بعد، وهذا اكتشاف هام جدًا، حيث إنه يعد أحد مواقع التراث العالمي.

وأضاف خالد العناني، خلال لقائه مع الإعلامي عمرو عبدالحميد ببرنامج “من القاهرة” المذاع على فضائية “سكاي نيوز عربية”، السبت، أن التوابيت لكهنة وكبار موظفين عاشوا في منطقة منف، وهم مجموعة من العائلات تجمعهم صلات قرابة، وسوف يتم دخولها مركز الترميم بالمتحف المصري الكبير، تمهيدًا لعرضها بالمتحف وقت افتتاحه.

كنوز مدفونة

وفي سياق متصل، قال الدكتور محمد يوسف، مدير منطقة آثار سقارة، إنه جاري العمل في موقع الحفائر الخاص بوزارة الآثار في جبانة الحيوانات المقدسة في سقارة، منذ عامين، حيث تم اكتشاف مجموعة من المقابر، موضحًا في مداخلة هاتفية لبرنامج “مانشيت”، على فضائية “إكسترا نيوز”، مع الإعلامية رانيا هاشم، أن منطقة سقارة تضم كثيرًا من الجبانات ولا تزال بها العديد من الآثار غير المكتشفة.

وأضاف يوسف، أنه تم اكتشاف مجموعة من الآبار على أعماق 12 مترًا وتم الكشف عن 59 تابوتًا حتى الآن في خلال شهر ونصف، وتم عرض 27 تابوتًا منها، ترجع للأسرة 26.

كما كشف مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “صالة التحرير”، على فضائية صدى البلد، مع الإعلامية عزة مصطفى، أنه تم كشف بعض اللقى الأثرية والتمائم وتمثال من البرونز على هيئة الإله نفرتوم لشخص يدعى باديامون الذي يعود للأسرة الـ26، مضيفًا أن العالم كله يتحدث عن الكشف الأثري العظيم واسم مصر تصدر الصحف العالمية، وسوف يتم اكتشاف الآلاف من التوابيت داخل آبار سقارة قريبًا.

سفراء العالم

أشاد عدد من سفراء العالم لدى القاهرة، بالاكتشاف الأثري الجديد الذي أعلنت عنه، أول أمس، وزارة السياحة والآثار، بمنطقة آثار سقارة، والذي يتضمن عددًا ضخمًا من التوابيت الآدمية المغلقة منذ أكثر من 2500 عام، بحسب ما أوردت رئاسة مجلس الوزراء المصري، في بيان لها، عبر موقع “فيس بوك”.  

وغرد سفير دولة نيوزيلندا لدى القاهرة عبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر” معربًا عن اندهاشه برؤية مومياء لأول مرة عندما تم فتح أحد التوابيت التي وجدت بداخله.

وأعرب سفير دولة المكسيك في تغريدة له، عن سعادته بعملية فتح أحد التوابيت المكتشفة أمامه لأول مرة، كما غرد سفير دولة فرنسا، واصفًا الكشف بأنه رائع وغير عادي حيث تم العثور على 59 تابوتًا في حالك جيدة من الحفظ.

ومن جانبه، وجه سفير المملكة العربية السعودية، عبر تغريدته، الشكر إلى وزير السياحة والآثار لتقديم الدعوة له لحضور الإعلان عن هذا الكشف العظيم وعلى المشاركة في هذه اللحظات التاريخية ومشاهدة التجربة المثيرة لفتح أحد التوابيت، واصفًا اليوم بالهام بالنسبة للاكتشافات الأثرية.

دراسة

ووفقًا لدراسة بعنوان “تكنيك صناعة وتشكيل التوابيت الخشبية في مصر القديمة” للدكتورة إيمان محمد نبيل، نشرت في دورية “دراسات في آثار الوطن العربي” التابعة لاتحاد الآثريين العرب، كان الفن المصري القديم فنا تطبيقيا ليخدم الحياة الدنيوية والحياة بعد الموت.

ومن الفنون التي برع فيها المصري القديم وأجادها لتخدم متطلباته فن النجارة تلك الحرفة التي أصبحت من أهم الحرف والمهن في الحضارة المصرية ويظهر براعة المصري القديم في فن النجارة أول ما يظهر في صناعة التوابيت وتعد التوابيت الخشبية انعكاس لتطور الفن المصرية القديمة عبر العصور.

وتشير الدراسة سالفة الذكر، إلى أن التابوت يعد من أهم أولويات الديانة المصرية كونه يجهز لحماية الجسد بعد الموت، وكان الجسد المحفوظ أحد أهم العناصر الضرورية لتحويل المتوفى إلى روح فعالة في العالم الآخر عالم الخلود.

وقد اعتبر التابوت مكونًا رئيسيا في مجموعة الدفن في فترات ما قبل الأسرات إلى العصر اليوناني الروماني وما بعده، ولم تكن الوظيفة الوحيدة للتابوت هي حماية جسد المتوفى فقد كان له العديد من الوظائف الدينية والرمزية التي تغيرت مع مرور العصور، وعلى الرغم من تعدد أشكال التوابيت على مر العصور الفرعونية وتعدد أسلوب تشكيلها وزخرفتها فقد ظل المصري القديم محتفظ بالتخطيط العام للتوابيت وطرق التجميع المعتمدة على استخدام التعاشيق الخشبية التي برع المصرى القديم في استخدامها لتجميع الألواح الخشبية مع بعضها البعض فكان التابوت يتكون من الغطاء الذي يمثل السماء والقاع الذي يمثل الأرض بالإضافة إلى الجوانب الأربع التي تمثل الجهات الأصلية.

ربما يعجبك أيضا