أزمات المنطقة والحاجة إلى الطاقة .. تدفع الأردن إلى الغاز الإسرائيلي

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق
 
عمّان – عاد الحديث في الأردن عن صفقة شراء الغاز التي وقعتها الحكومة مع إسرائيل، وسط مخاوف من أن تتحول هذه الصفقة لحالة إدمان في حال لم تتمكن عمّان من تنويع مصادرها من الطاقة وهو خطأ استراتيجي ارتكبته المملكة في أزمنة سابقة.
 
وتلقى الصفقة رفضًا واسعًا في الأردن، يتمثل بموقف النقابات المهنية التي ترى فيها “سرقة حقوق الفلسطينيين” وكذلك لتفاصيل عقدها حيث يصب في خدمة الاحتلال الإسرائيلي ودعم ميزانيته بمليارات الدولارات.
 
وأمس السبت، خرج ممثلون عن هذه النقابات في اعتصام يطالب الحكومة بإلغاء الصفقة، والبحث عن مصادر أخرى غيرها، في وقت تتواصل فيه أعمال مد الأنبوب داخل الأراضي الأردنية.
 
وقالت النقابات المهنية: إنها ترفض الصفقة وترفض استمرار الحكومة بمد أنبوب غاز مسروق يشق مئات الدونمات من أراضي المملكة الواقعة في المنطقة الشمالية.
 
ويرى المعارضون أن يتحول اعتماد الأردن عليها لحالة إدمان يفقد معها الأردن تنوع مصادره من الطاقة وهو ما دفع الأردن ثمنه باهضًا حينما كان اعتماده على العراق ومصر بتأمين موارده.
 
ويعتقد الخبير في الشأن الاقتصادي عصام قضماني أن كمية الغاز التي سيحصل عليها الأردن لمدة 15 عامًا وبقيمة 15 مليار دولار، لن تعطي سوى ثلث حاجة المملكة للكهرباء، ناهيك عما تواجهه الصفقة من صعوبات تأمين التمويل وهي ما تزال في بداياتها.
 
ويشير القضماني إلى أن المعارضين للصفقة لا يقبلون استيراد الغاز من البحر المتوسط بزعم أنه سيجلب منفعة لإسرائيل، لكنهم لا يتحدثون عن الجدوى الاقتصادية ولا عن الشروط المفروضة والأسعار المتغيرة.
 
ووقع الأردن ممثلًا بشركة الكهرباء الوطنية، اتفاقية لشراء الغاز من إسرائيل لمدة 15 عاماً بقيمة تبلغ نحو 15 مليار دولار، فيما تقدر كمية الغاز الذي ستتحصل عليه المملكة بنحو 54 مليار متر مكعب تبدأ في عام 2019.
 
ويقابل حالة الرفض الشعبي للصفقة، إصرار من الحكومة على تنفيذها حيث شرعت بمد أنبوب الغاز، وسط تحذيرات أطلقتها نقابة المقاولين الأردنيين بعدم المشاركة في المشروع المدان وطنيًا وقوميًا.
 
ويرافق إصرار الحكومة الأردنية على تنفيذ المشروع، أنها تخفي إلى الآن تفاصيلها عن البرلمان والشعب، رغم مطالبات أعضاء البرلمان مناقشتها في أكثر من مناسبة، منذ نحو ثلاثة أعوام تقريبًا.
 
ويرى الخبير عصام القضماني، أن مخاوف الإدمان على الغاز الإسرائيلي محقة لو أن الأردن سيرتكب ذات الخطأ الاستراتيجي الذي وقع حينما اعتمد كليًا على النفط العراقي وكذلك على الغاز المصري، لكن يبدو أنها عمّان استفاقت على مرارة هذا الخطأ فاختارت تنويع المصادر.
 
وقال: “رغم الصفقة الموقعة مع إسرائيل سيبقى الغاز المصري، وسيبقى النفط إلى جانب مشاريع عديدة لتأمين مصادر الطاقة دون الاعتماد على مصدر واحد بعينه”.
 
وتوقفت عمليات إمداد النفط من العراق للأردن بفعل اضطرابات أمنية، والحال نفسه بالنسبة لأنبوب الغاز المصري الذي انقطع عن الأردن بسبب هجمات إرهابية في سيناء المصرية استهدفت الأنبوب مباشرة.
 
في آذار الماضي، طلبت الحكومة الأردنية استئناف ضخ الغاز الطبيعي المصري للمملكة اعتبارا من مطلع العام المقبل 2019، وذلك بعد الاكتشافات الجديدة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
 
ويرى خبراء أن حاجة الأردن للاستفادة من كميات الغاز العملاقة التي اكتشفت في المتوسط تؤكد حاجتها الماسة لتنوع مصادرها من الطاقة دون رهن نفسها بمصدر واحد.
 
أبدت القاهرة استعدادها للتعاون مع عمّان في هذا الإطار، لكن لم يخرج قرار رسمي بذلك إلى الآن.

وتقدر بيانات رسمية كلفة انقطاع الغاز الطبيعي المصري عن الأردن بحوالي 6 مليارات دولار، طوال سنوات توقف عمل أنبوب الغاز بسبب سيطرة تنظيم داعش بمنطقة سيناء.
 
وكان الأردن يعتمد على نحو 80% من الغاز المصري لتوليد الكهرباء، فيما يعتمد حاليا على الوقود الثقيل والسولار، لتوليد الطاقة الكهربائية كبديل عن الغاز المصري، وهو أمر مكلف دفع الحكومة لرفع تسعيرة الكهرباء على كل الشرائح.

ربما يعجبك أيضا