أزمات لبنان تتعمق والقطاع المالي يفقد الثقة

آية أحمد

كانت البنوك اللبنانية مقرضًا رئيسًا للحكومة لعقود، ولكن التبديد والفساد أدى إلى الانهيار المالي عام 2019، ونتيجة لهذا الانهيار، حُرم المودعون من أغلب مدخراتهم وفقدت العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها.


يواجه لبنان سلسلة معقدة من الأزمات التي جعلتها عاجزة عن تغطية نفقاتها التشغيلية، بعدما كانت بنوكها مقرضًا رئيسًا للحكومة لعقود من الزمان، خاصة مساعدتها في تمويل أزمة عام 2019.

وتبدأ الحكومة اللبنانية جولة جديدة من المحادثات مع صندوق النقد الدولي على أمل تأمين التوصل إلى اتفاق فشلت بيروت في تحقيقه منذ اندلاع أزمة 2019، ودفعت غالبية السكان إلى براثن الفقر.

لماذا رفضت المصارف اللبنانية خطة الحكومة لمعالجة الأزمة اللبنانية؟

وفقًا لوكالة رويترز، صرحت “جمعية مصارف لبنان” ABL الإثنين 7 فبراير 2022، أنها تعارض المقترحات الواردة في مشروع خطة حكومية لمعالجة الأزمة المالية، قائلة إنها ستتسبب في فقدان الثقة في القطاع المالي لفترة طويلة.

تنصّ مسودة خطة لسدّ فجوة ضخمة في النظام المالي، على إعادة 25 مليار دولار فقط من إجمالي 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة إلى المدخرين بالدولار الأميركي.

وسيُحول معظم ما تبقى إلى الليرة اللبنانية على أسعار صرف عدة، أحدها من شأنه أن يمحو 75% من قيمة بعض الودائع. وتبلغ القيمة التقديرية للخسائر في القطاع المالي، بحسب الخطة، نحو 69 مليار دولار، وتحدد الخطة إطارًا زمنيًّا مدته 15 عامًا لسداد أموال جميع المودعين.

نهج التصفية وفقدان الثقة

يشير مشروع الخطة الافتراضي -وفقًا لـ “جمعية مصارف لبنان”- إلى أنه يمكن أن يلغي ما يسمى” الخسائر ” بغية تحقيق التوازن بين الدفاتر؛ لافتة النظر إلى أن هذا النهج هو نهج للتصفية وسيؤدي إلى استمرار فقدان الثقة بشكل دائم لأجيال قادمة “، وليس من الضروري الحصول على موافقة جمعية مصارف لبنان؛ لكي تتمكن الحكومة من تبني الخطة والبدء في تنفيذها، ولكن الخبراء يروا أن الدعم المُقدم من القطاع المصرفي قد يسهم في حل الأزمة.

وإذا كان صحيحًا، فإن هذا النهج المبلغ عنه في معالجة الخسائر التي حدثت في القطاع المالي ليس مقبولًا على الإطلاق، ولن يؤدي بالتأكيد إلى عكس اتجاه التدهور المتصاعد في الاقتصاد.

إلغاء إسقاط بعض الديون

وصرحت جمعية مصارف لبنان، إنها لن تؤيد خطة من شأنها أن تؤدي إلى “خفض اسمي على ودائع العملاء” أو أن تقضي تمامًا على حقوق المساهمين حملة الأسهم، ولكنها مستعدة لتحمل بعض الخسائر الناجمة عن إعادة هيكلة سندات اليورو وقروض القطاع الخاص.

كانت البنوك اللبنانية مقرضًا رئيسًا للحكومة لعقود، ولكن التبديد والفساد أدى إلى الانهيار المالي في عام 2019، ونتيجة لهذا الانهيار، حُرم المودعون من أغلب مدخراتهم وفقدت العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها.

خطة الإنقاذ

يُرى على نطاق واسع أن صفقة صندوق النقد الدولي هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها لبنان أن يفتح الباب للمساعدات الأجنبية للخروج من الأزمة، والتي كانت في صدارة الأمور حين انهار الاقتصاد في ظل ديون عامة ضخمة ناجمة عن عقود من سوء إدارة شؤون الدولة.

بدأت الحكومة محادثات مع صندوق النقد الدولي في يناير2022، كجزء من الجهود الرامية إلى تأمين إنقاذ يُرى أنه أمر بالغ الأهمية للبدء في رسم الطريق للخروج من الأزمة، والخطة المالية القابلة للتطبيق هي مفتاح تلك العملية. فقد أسقطت البنوك والبنك المركزي والأحزاب السياسية القوية خطة سابقة وضعت في ظل حكومة في عام 2020، الأمر الذي أنهى محادثات صندوق النقد الدولي آنذاك (في تلك اللحظة).

سد الفجوة

وكجزء من الجهود الرامية إلى سد الثغرة التي بلغت 69 مليار دولار أميركي في النظام المالي، يتوخى مشروع الخطة إنقاذ كبار المودعين بما يعادل 12 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 72% من الأسهم في القطاع المصرفي، وبالتالي خفض حملة الأسهم والدائنين إلى أقل من الثلث.

وأشار مصرف ABL إلى أن أي عملية إنقاذ، ينبغي تقييمها على أساس كل حالة على حدة لكل مصرف، وينبغي ألا تحصل إلا بعد التوصل إلى اتفاق توافقي وشامل مع الحكومة، وبعد وفاء الحكومة بالتزامها القانوني بإعادة الملاءة من البنك المركزي.

آفاق مستقبلية

لا يمكن للحكومة التراجع عن هذه الخطة، لأن الضغط الشعبي نتيجة لتحميل المودعين لأكثر من 55% من هذه الخسائر يمكن أن يتزايد، وبالتالي يمكن أن تصل لبنان إلى مرحلة انفجار أزمة كبيرة يكون شرارتها هؤلاء المودعين.

ربما يعجبك أيضا