أزمة التضخم في إيران.. واشنطن تغلق نافذة العراق وطهران تلوذ بموسكو

يوسف بنده
إيران، العراق، أمريكا

تزداد أزمات إيران الاقتصادية في ظل إصرار حكومة رئيسي على الرهان شرقًا، في حين يصر الغرب على فرض مزيد من العقوبات.


تزامنت انهيار العملة وارتفاع الأسعار في كل من العراق وإيران، ما عكس دور بغداد المحوري في رفد الاقتصاد الإيراني بالدولار.

ونفذ البنك المركزي الإيراني سياسة جديدة في ما يتعلق بالعملة الصعبة، بوقف بيع الدولار بالسعر المحدد، للحد من ارتفاع أسعاره أمام العملة الوطنية، فضلًا عن تحركات واشنطن لسد منافذ حصول طهران على الدولار من بغداد.

169269970 800x458 1

محاولة وقف نزيف العملة

قرر البنك المركزي الإيراني تحديد سقف بيع العملة للمواطنين الإيرانيين بـ5 آلاف يورو سنويًّا، أو ما يعادلها بعملات أخرى، في محاولة لوقف نزيف العملة المحلية، بعدما سجل الريال انهيارًا كبيرًا أمام العملات الأجنبية، وارتفاع قيمة الدولار الواحد أكثر من 450 ألف ريال، حسب تقرير خبر فوري.

وفي محاولة لطمأنة الأسواق الداخلية المضطربة، ذكر رئيس البنك المركزي، محمد رضا فرزين، يوم الأحد 22 يناير 2023، أن “احتياطيات العملات الأجنبية متوافرة في الخارج، ولا يوجد حد أو قيود لتوريد العملات الأجنبية”. وحسب تقرير انتخاب، تحدث المسؤول الإيراني عن “توريد 300 مليون دولار من العملة المحررة من العراق للسلع الأساسية”.

جمهوري اسلامي

عجز الحكومة

قال الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إن معالجة التضخم المتسارع وتراجع قيمة العملة الوطنية يشكّلان أولوية في مشروع موازنة السنة المالية 2023 /2024، إلا أن صحيفة جمهوري إسلامي قالت إن الحكومة عاجزة، وتوجد قناعة لدى الإيرانيين أنه لا إرادة من الحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي.

وأوضح تقرير الصحيفة أن الإحصاءات تظهر أن التضخم في إيران تجاوز 50%، الشهر الماضي، وشمل 70% من المواد الغذائية، ورغم تفاقم الوضع الاقتصادي، فإن ميزانية الحكومة، التي قدمتها للبرلمان، تظهر أنها لا تملك أي خطة أو سياسة لمعالجة هذه الأزمة في العام الإيراني المقبل، الذي يبدأ 21 مارس 2023.

وأشارت الصحيفة إلى أن ميزانية العام المقبل ستخلق تضخمًا كبيرًا في البلاد، وستواجه نقصًا حادًا، ما يعني أن القدرة الشرائية للمواطنين ستتراجع أكثر، وانتقدت دفاع رئيسي عن هذه الميزانية وتقديمه إحصاءات وأرقام غير دقيقة، ولا تستند إلى الواقع، على حد وصف الصحيفة.

1356306

جهود الرئيس الجديد للمركزي

سعى رئيس البنك المركزي الإيراني الجديد، محمد رضا فرزين، من جولته الخليجية الشهر الحالي، إلى مساعدة بلاده تجاوز أزمتها الاقتصادية، وسط عزلة متزايدة وعقوبات أوروبية.

وحسب تقرير صحيفة الجريدة، فإن فرزين زار بعض الدول الخليجية، لإقناعها بمساعدة بلده في العبور من أزمتها المالية الحالية، لكن العقوبات الأمريكية تمنع ذلك، ورغم أن الرئيس الجديد للمركزي الإيراني من الشخصيات المعارضة لـ”وضع البيض في سلة واحدة مع القوى الشرقية”، لكن استفحال الأزمة جعله مضطرًا للسير في هذا الطريق

وتحذر قوى معارضة من أن ذلك سيفضي إلى ارتماء إيران في أحضان روسيا والصين، خاصة أنها أصبحت تحت رحمة مطالب القوى الشرقية، فتستغل روسيا إيران كممر مهم لتجارتها نحو الشرق، بعدما فرض الغرب عليها العقوبات بسبب الحرب في أوكرانيا.

بوتين ورئيسي

رهان رئيسي على الشرق

يعمل الرئيس الإيراني على فتح مجالات التعاون مع موسكو، وفق ما صرح به خلال مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، الذي طمأنه بامتلاك الكرملين أرصدة نقدية تمكنه من مساعدة إيران على عبور محنتها، وشدد على أن “طهران المأزومة” أصبحت تحت رحمة مساعدات موسكو وبكين، لتأمين العملة الصعبة.

وأشار تقرير الصحيفة إلى أن بوتين طالب الرئيس الإيراني بضمانات تتعلق بـ”ولاء طهران” لإتمام الشراكة الاستراتيجية، وتسريع تسليم مسيّرات إيرانية تحتاج إليها روسيا، قبيل معركة الربيع الحاسمة في أوكرانيا، وذكر أن تخوف بوتين يتطابق مع هواجس بكين، التي طالبت إيران بمواقف واضحة، لدفع اتفاقية التعاون الاستراتيجي، الممتدة إلى ربع قرن، قبل زيارة رئيسي الصين.

download 49

أعمال برلمانية مشتركة

شهدت أعمال اللجنة البرلمانية المشتركة بين البرلمان الإيراني والروسي التي انعقدت في طهران، قبل أيام، خلافات حادة، عندما رفض رئيس الدوما فياتشلاف فالدوين، طلب نظيره الإيراني محمد باقر قاليباف، فتح اعتماد مصرفي روسي لإيران بـ10 مليارات دولار مقومة بالعملات المحلية، لتغطية العجز في تأمين مدفوعات طهران، حسب الجريدة.

وسارع الرئيس الإيراني إلى إجراء الاتصال بنظيره الروسي بوتين، لإقناعه بحاجة طهران إلى فتح الاعتماد المصرفي، ومنح بوتين الرئيس الإيراني دفعة مالية لوقف نزف الريال أمام الدولار. وأشار المصدر إلى أن الخطوة الروسية منحت البنك المركزي الإيراني القدرة على تعويم الريال ولجم ارتفاع سعر العملة الصعبة.

أسباب ارتفاع العملة

ارتفعت سعر العملة الصعبة بسبب فقدان ثقة الناس بالعملة الإيرانية، وتهافتهم على شراء الدولار أو اليورو أو الذهب، لحفظ قيمة ثرواتهم، في ظل إصرار قيادات حكومية متنفذة على استمرار وجود فروق بأسعار صرف العملات بالسوق السوداء، لتحقيق أرباح غير مشروعة.

وأيضًا بسبب تدقيق الولايات المتحدة في حسابات مصارف عراقية، مرتبطة بطهران، أفضت إلى معاقبتها، ووقف حركة تدفق الدولارات إليها، فخنقت المنفذ العراقي المهم إلى طهران، بعد تقارير تفيد بأن القدر الأكبر من العملة الصعبة المتداول في الأسواق الإيرانية، خلال الأشهر الأخيرة، جاء عبر مسارات عراقية، نقلت إليها أرباح بيع النفط الإيراني، الخاضع لعقوبات أمريكية.

90442 699

وتعتمد إيران على دول الجوار، التي لها نفوذ فيها، ومنها العراق وتركيا وأفغانستان، للحصول على النقد الأجنبي. ولم تستطع طهران أن تحصل على الدولار من كابل، بعدما سيطرت حركة طالبان على السلطة في أفغانستان، وتوقف ضخ الدولارات الأمريكية، التي استخدمتها كابل في التبادل التجاري مع طهران.

324096457 745267203633734 1584825496154432678 n 768x576 1

محاربة تهريب الدولارات

كلف رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قوات مكافحة الإرهاب بمحاربة تهريب الدولارات إلى إيران، حسب تقرير شهر نيوز،  بعدما تجمع مواطنون عراقيون، أمس الأربعاء 25 يناير 2023، أمام البنك المركزي للاحتجاج على الموجة الجديدة من ارتفاع الأسعار، وتردي الأوضاع الاقتصادية.

وحسب صحيفة الزمان، أمهل المحتجون المحافظ الجديد للمركزي العراقي، علي العلاق، أسبوعًا لإنقاذ الدينار من الانهيار. ويبدو أن العراق يعيش أزمة انخفاض العملة الوطنية، رغم امتلاكه احتياطيًّا كبيرًا من النقد الأجنبي، من جراء الضغط الأمريكي لإيقاف نزيف الدولار إلى طهران.

ويشير تقرير شهر نيوز، إلى أن تكثيف الضغط على النظام الإيراني أدى إلى انخفاض قيمة العملة العراقية، ومنذ أن نفذ البنك الفيدرالي الأمريكي رقابة صارمة في نوفمبر للتعامل مع تهريب الدولارات لإيران، جرى حظر أكثر من 80% من التحويلات المصرفية العراقية.

ربما يعجبك أيضا