أزمة تصريحات أم كلثوم.. تطاول على الرموز أم حرية رأي؟

رنا الجميعي
كوكب الشرق أم كلثوم

قيل عنها "تربت في الموالد وصادقت 11 رجلًا".. هل تعتبر التصريحات الأخيرة عن أم كلثوم إساءة وتقليل منها أم حرية تعبير؟


أثارت تصريحات اعتبرتها بعض الأوساط مسيئة للمطربة المصرية الراحلة أم كلثوم استياءً كبيرًا داخل الوسط الثقافي، وهددت أسرتها باتخاذ إجراءات قانونية ضد قائلها.

واستضاف اتحاد كتاب مصر، الأسبوع الماضي، الشاعر ناصر دويدار ضمن ندوة بعنوان “الأغنية المصرية وجدان أمة”، قال خلالها إن المطربة الشهيرة بـ “كوكب الشرق” استغلت حب الشعراء لها، وذكر أن “أم كلثوم موالدية-أي تربت في الموالد- ويقال إنها صادقت 11 رجلًا”.

رد فعل أسرة أم كلثوم

نشر الكاتب الصحفي، أيمن الحكيم، عبر صفحته بموقع فيسبوك أنه تلقى اتصالًا من أسرة أم كلثوم التي تعيش بمسقط رأسها بقرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية، معبرين عن غضبهم الشديد تجاه تلك التصريحات.

ويوضح الحكيم لـ”شبكة رؤية الإخبارية” أن الأسرة عرفت بتلك التصريحات عبر فيديو أرسل إليهم، ويضيف في حديثه: “أبلغتني الأسرة أنهم في انتظار رد رسمي من اتحاد كتاب مصر، واعتذار واضح، وفي حالة عدم حدوث ذلك سيتخذون إجراءً قانونيًّا”.

الكاتب الصحفي أيمن الحكيم يلقي الضوء على أزمة أم كلثوم

ولم تهتم أسرة أم كلثوم-بحسب حديث الحكيم- بالاعتذار الذي قدمه دويدار في مداخلة هاتفية مع برنامج “آخر النهار”، موضحًا أن ما يهم أحفاد شقيق كوكب الشرق هو رد رسمي من اتحاد كتاب مصر، خصوصًا أن الشاعر يشغل عضوية مجلس إدارة الاتحاد، وتابع: “يجب أن يكون العقاب أفدح”.

المؤسسات الرسمية تحذر من النيل من الرموز الفنية

أصدرت النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر بيانًا جاء فيه إنه قرر إحالة الموضوع للتحقيق العاجل، وتشكيل لجنة لدراسة الواقعة المنسوبة لعضو النقابة، وأعرب عن تقديره لما وصفته بـ”الغضبة” التي أثارها الوسط الثقافي، وشدد على احترام الرموز السياسية والثقافية والفنية والأدبية.

وأصدرت أيضًا نقابة المهن الموسيقية بيانًا حذرت فيه أي محاولة للنيل من الرموز الفنية، وأكدت على القيام بدورها في حماية التراث الفني والثقافي، وكذلك أعلنت جمعية المؤلفين والملحنين والناشرين تقديم بلاغ للنائب العام ضد الشاعر بتهمة الإساءة إلى أم كلثوم، والشاعر أحمد رامي الذي وصف دويدار علاقته بكوكب الشرق أنها سذاجة عاطفية.

الأزمة تطال الشاعر عبد الوهاب محمد وأحمد شفيق كامل

ويرى الباحث في المجال الفني، أيمن الحكيم، أن أحاديث دويدار تقع تحت طائلة السب والقذف، وليست حرية رأي وتعبير، موضحًا: “ما قاله دويدار مهين لشخص أم كلثوم، خصوصًا أن لها أسرة ومحبين”.

وأضاف: “لم يقل دويدار ما قاله في حق أم كلثوم فقط، بل أهان أحمد رامي أيضًا، وكذلك الشاعر عبدالوهاب محمد الذي سخر منه، وقال إنه عاشق ولهان، وكما قال عن أحمد شفيق كامل مؤلف أغنية انت عمري إنه شاعر تافه، واتهم الشاعر عبدالفتاح مصطفى أنه ينتمي للإخوان، وهو واحد من أهم شعراء الصوفية”.

الشاعر أحمد شفيق كامل

ليس نقدًا فنيًا

لا يرفض الحكيم الحديث عن الشخصيات الفنية عمومًا، ولكنه يرى أن ما قيل ليس نقدًا فنيًا، بل خوض في الحياة الشخصية، ويذكر مثالًا على ذلك بما قيل عن الموسيقار محمد عبدالوهاب: “قيل إنه يسرق الألحان، وقيل عنه إنه صاحب علاقات غرامية متعددة، الأمر الأول مشروع التحدث فيه لأنه يتكلم عن فنه، ويمكن انتقاده، لكن الثاني هو خوض في الأعراض”،

ويؤكد الحكيم: “الشخصيات الفنية ليست مقدسة، لكن التشهير بالحياة الشخصية إساءة أدب”. وفي سؤاله إن كان التجاهل هو الوسيلة الأفضل للتعامل مع الموقف، رفض ذلك، معللًا: “بالفعل أحدهم قال لي إنها هرتلة، ويجب تجاهلها، ولكن أرى أن السماح بمثل تلك التجاوزات ستعطي الفرصة لمن يريد القول بأسوأ من ذلك”.

الشخصيات العامة مطروحة للنقاش بشرط

الصحفي والشاعر، سيد محمود، يرى أيضًا أن أي شخصية عامة مطروحة للنقاش، ولكن الأمر مشروط بالمعلومات في اعتقاده، ويذكر في حديثه لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “لكي نعيد النقاش في السيرة الخاصة بشخصية عامة يجب توافر معلومات مؤكدة لدى الباحث”.

أضاف: “أعتقد أن حديث الشاعر دويدار بالندوة افتقر الحد الأدنى من الاجتهاد البحثي والمعرفي التي تسمح له بإثارة أسئلة بشأن أم كلثوم”، ووصف ما قاله دويدار بـ”خطاب يحقر من أم كلثوم”.

أم كلثوم والشاعر أحمد رامي

عراقي تناول الهوية الجنسانية لأم كلثوم

يوجد العديد من الكتب التي تناولت السيرة الخاصة بكوكب الشرق، يذكرها محمود: “الصحفي اللبناني حازم صاغية له كتاب شهير اسمه “الهوى دون أهله”، تناول فيه العلاقة بين أم كلثوم ونظام عبد لناصر، وكذلك تناول الكاتب العراقي موسى الشديدي التباسات الهوية الجنسانية لأم كلثوم، هذه الكتب وغيرها تناولت أمورًا شديدة الحساسية عن أم كلثوم، ورؤى متطرفة عنها،و لكنها كانت نتيجة اجتهاد وبحث”.

وصنع الصحفي ورئيس التحرير السابق لجريدة القاهرة فيلمًا وثائقيًّا عن حياة أم كلثوم، فيقول: “ولكي أعد فيلمًا عنها قرأت ما يقرب من 60 كتاب”. ويعترض محمود على اتخاذ إجراءات قانونية ضد الشاعر نفسه، ويرى أن الأزمة تتجاوز شخصه إلى اتحاد كتاب مصر.

وتابع “الاتحاد المسؤول الحقيقي لأنه من سمح بصعود هذا الشخص إلى منبره، وكان ينبغي التأكد من أنه مؤهل للحديث أم لا”، ويختم الكاتب الصحفي حديثه بأن “الندوات الثقافية الخاصة باتحاد كتاب مصر غير مؤثرة في الواقع الثقافي، وأصبحت تلك المؤسسة كيانًا بائسًا، ولا تجدي عملية إصلاح وإنعاشه”.

ربما يعجبك أيضا