أزمة «جثامين الفلسطينيين».. هل تدفع بن غفير للاستقالة؟

بن غفير يغادر اجتماع الكابينت بعد خلافات بشأن الأمن القومي

شروق صبري
وزير الامن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير

بن غفير يغادر اجتماع الكابينت احتجاجًا على تحذيرات الشاباك بشأن الحرم القدسي، مما يزيد التوترات الداخلية والخلافات بالحكومة الإسرائيلية.


خلال اجتماع  المجلس الوزاري السياسي والأمني المُصغّر “الكابينت”، الذي عُقد مساء أمس الخميس، اندلعت خلافات حادة بين وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار.

جاء ذلك بعد تحذيرات أطلقها بار بشأن مخاطر السياسات التي يتبناها بن غفير، مشيرًا إلى أن هذه السياسات قد تُعرِّض الأمن القومي الإسرائيلي للخطر، وتؤدي إلى تصعيد كبير في التوترات.

انتقادات الشاباك لـ”شباب التلال”

في رسالته، انتقد بار بشدة ما يُعرف بـ”شباب التلال”، الذين يعتبرهم جزءًا من عمليات عنف ضد الفلسطينيين، وأكد أن هذه الظاهرة تجاوزت كونها “جريمة قومية” إلى أن أصبحت شكلًا من أشكال الإرهاب، ما يستدعي جهدًا مشتركًا بين مختلف الوزارات للقضاء عليها.

رد بن غفير بغضب على تلك الانتقادات، مُشيرًا إلى أن رئيس الشاباك يتحمل مسؤولية الإخفاقات الأمنية، وخاصة في أحداث 7 أكتوبر، وذهب بن غفير إلى حد المطالبة بإقالة رئيس الشاباك، مما أثار جدلًا كبيرًا داخل الاجتماع.

بن غفير يهاجم رئيس الشاباك

أعلن وزير الجيش يواف جالانت دعمه لرئيس الشاباك، وانتقد تصرفات بن غفير ووصفها بأنها تهدد الأمن القومي وتزيد من الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، في رد على هذه التصريحات، هاجم بن غفير جالانت، مُطالبًا إياه بالتركيز على التصدي لحزب الله بدلًا من مهاجمته عبر منصة إكس.

في رد فعل غاضب على تصريحات بار، طالب بن غفير بإقالة رئيس الشاباك، ووجَّه اتهامات حادة إليه بالرضوخ لحركة حماس في قضية المسجد الأقصى، حسب ما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، اليوم الجمعة 23 أغسطس 2024.

وزير الجيش الإسرائيلي يؤآف جالانت

وزير الجيش الإسرائيلي يؤآف جالانت

قضية الجثث

لم يجد بن غفير الدعم الكافي من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو من باقي أعضاء الكابينت، ما دفعه إلى مغادرة الاجتماع بشكل مفاجئ وعلني، تعبيرًا عن اعتراضه الشديد. قائلًا: “إذا كان هذا هو الحال، فأقيلوني”، وذكر شهود عيان أن سبب مغادرته كان مرتبطًا برفضه الالتزام بالوضع الراهن في المسجد الأقصى، وليس بسبب مطالبته بإقالة رئيس الشاباك.

قبل بدء الاجتماع، كان من المقرر أن يناقش الكابينت قضية شائكة تتعلق بجثث العرب الإسرائيليين، إلا أن هذه المناقشة ألغيت في اللحظات الأخيرة، والقرار جاء بناءً على توجيهات من نتنياهو، ما أثار تساؤلات بشأن خلفيات هذا القرار، وما إذا كان له علاقة بالخلافات الداخلية المتصاعدة.

رئيس جهاز الشاباك رونين بار

رئيس جهاز الشاباك رونين بار

قلق واشنطن

من ناحية أخرى، علَّقت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، على التوترات المتزايدة في المنطقة، داعيةً إلى تهدئة الأوضاع ووقف أي أعمال قد تؤدي إلى تصعيد إضافي.

وأكدت جرينفيلد ضرورة اتخاذ إسرائيل خطوات لحماية المدنيين الفلسطينيين، مشيرةً إلى أهمية التعاون لضمان الاستقرار والأمن في المنطقة.

خلافات الكابينت

شهد اجتماع الكابينت الأمني جدلًا واسعًا بشأن كيفية التعامل مع جثث العرب الإسرائيليين، حيث طالب بن غفير بعدم تسليم هذه الجثث، معتبرًا أنها “أصول تفاوضية” يمكن استخدامها في مفاوضات مستقبلية. في المقابل، أصر وزير الجيش يوآف جالانت على ضرورة تسليم معظم الجثث، مستثنيًا جثة وليد دقة.

بدوره حذر رئيس الشاباك، من أن احتجاز الجثث بدون مبرر قانوني قوي قد يؤدي إلى تصعيد الوضع الأمني بشكل خطير، كما أشار إلى أن هذه الخطوة قد تؤجج مشاعر العداء وتزيد من احتمالات وقوع هجمات انتقامية.

بن غفير أصر على موقفه الرافض لتسليم الجثامين، وطالب نتنياهو بعدم الانصياع لتوصيات جالانت والشاباك، ويبدو أن هذه القضية ستستمر في إثارة الجدل داخل الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل.

توترات داخل الحكومة

الخلافات داخل الكابينت بشأن القضايا الأمنية باتت تعكس التوترات الأعمق داخل الحكومة الإسرائيلية، هذه التوترات أصبحت واضحة بشكل خاص في التعامل مع الملف الأمني، حيث يتبنى بن غفير سياسات متشددة تتعارض مع توصيات الأجهزة الأمنية ورؤية بعض الوزراء الآخرين.

ومغادرة بن غفير لاجتماع الكابينت تطرح تساؤلات بشأن مستقبل التحالف الحكومي، وتصريحاته عن إمكانية استقالته تضع نتنياهو في موقف صعب، حيث يحتاج إلى الحفاظ على توازن دقيق بين شركائه في الحكومة من أجل استمرار الائتلاف.

ردود الفعل الدولية

تصاعد التوترات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن السياسات الأمنية أثار ردود فعل دولية، حيث أعربت عدة دول عن قلقها من احتمال انفجار الأوضاع، والدعوات للتهدئة تأتي في ظل وضع إقليمي متأزم يتطلب توحيد الجهود لتجنب تصعيد عسكري جديد.

في ظل تصاعد الخلافات، يواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة لإعادة ترتيب أولويات حكومته، مع التركيز على ضرورة تحقيق الاستقرار الداخلي والتعامل بحذر مع القضايا الحساسة التي قد تجر البلاد إلى مزيد من الاضطرابات.

ربما يعجبك أيضا