في سباق الملاذات الآمنة.. هل تصمد أسعار الذهب أمام قوة الدولار؟

ولاء عدلان
أسعار الذهب والدولار

مجلس الذهب العالمي: الأسواق خلال النصف الثاني من 2022 ستواجه بيئة مليئة بالتحديات أبرزها الفائدة المرتفعة


سجلت أسعار الذهب العالمية بنهاية تعاملات، أمس الجمعة 19 أغسطس 2022، خسائر أسبوعية بنحو 3%، بضغط من قوة الدولار الأمريكي.

يأتي هذا وسط سيل من تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” تتفق جميعها على الحاجة إلى الاستمرار في تشديد السياسة النقدية لكبح التضخم المتصاعد، ما يعني المزيد من الضغوط على المعدن النفيس خلال الأشهر القليلة التي تفصلنا على نهاية 2022.

أول خسارة أسبوعية في شهر

تراجعت أسعار العقود الآجلة للذهب بنهاية جلسة أمس، بنحو 0.5% إلى مستوى ألف و762.9 دولار للأوقية، وذلك للجلسة الـ5 على التوالي مسجلة أطول سلسلة خسائر يومية منذ أوائل يوليو الماضي، وأول خسائر أسبوعية للمعدن النفيس منذ نحو شهر، متراجعًا بـ2.9% مقارنة بإغلاق الأسبوع المنتهي في 12 أغسطس.

خلال تعاملات أمس ارتفع مؤشر الدولار أمام سلة من العملات الرئيسة 0.5% إلى 108.1 نقطة مسجلًا أعلى مستوياته منذ شهر ومكاسب أسبوعية بنحو 2%، وقال كبير محللي السوق لدى “أواندا” كريج إرلام لـ”رويترز” إن الأمر قد يصبح أكثر صعوبة في أسواق الذهب حال استمر صعود الدولار، لا سيما وأن الذهب يشهد موجة جني أرباح منذ بلوغه مستوى الدعم 1800 دولار مطلع أغسطس.

390477704 1024x576 1

تقلبات شديدة لأسعار الذهب

بعد مكاسب بنحو 25% خلال العام الأول لجائحة كورونا، تراجعت أسعار الذهب خلال العام الماضي بـ5%، ومنذ بداية 2022 يشهد المعدن الأصفر تقلبات شديدة فبعد أن بلغ في مارس الماضي أعلى مستوياته خلال عام عند ألفين و70.4 دولار للأوقية، مدفوعًا بالصدمة الأولى للحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، تراجع حاليًّا بنحو 14% ليتداول أدنى 1800 دولار.

خلال الربع الأول من العام الحالي، ارتفعت أسعار الذهب 5% مدفوعة بنمو الطلب العالمي بنحو 34% على أساس سنوي، أما في الربع الثاني فتراجعت الأسعار 6% مع تحول تركيز المستثمرين من مخاطر حرب أوكرانيا إلى مسار رفع أسعار الفائدة عالميًّا وتهديدات الدولار القوي لتكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدًا.

الذهب يبدي مرونة عالية

منذ مارس الماضي رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 4 مرات، ويتوقع أن يواصل هذا النهج إلى حين عودة التضخم إلى مساره المستهدف عند مستويات 2%، وخلال الشهر الماضي ارتفع التضخم في الولايات المتحدة بـ8.5% على أساس سنوي بعد أن سجل أعلى مستوياته في 4 عقود خلال يونيو عند 9.1%.

ورغم انخراط البنوك المركزية الكبرى بقيادة الاحتياطي الفيدرالي في موجة قاسية من التشديد النقدي فالذهب تراجع بنحو 3% فقط منذ بداية 2022 وحتى تاريخه، وبحسب كبير المحللين الاستراتيجيين في “إف إس إنفستمنتس” الأمريكية تروي جايسكي “لا يزال الذهب يبدي مرونة رائعة خلال العام الحالي، ويتداول قرب ذروته الأخيرة، وهذا يدفعنا للتفاؤل بالأداء خلال الأشهر المقبلة”، وفق “بلومبرج”.

1661006002406

عوامل تدعم الذهب

قال مجلس الذهب العالمي في تقرير بتاريخ 7 يوليو، خلال النصف الأول من العام الحالي، برز الذهب كأحد أفضل الأصول أداء من حيث تحقيق عوائد إيجابية بتقلبات أقل مما شهدناه في أسواق الأسهم والسندات التي تراجعت بمعدلات تاريخية، موضحًا أن هذا الأداء الجيد يعود أساسيًّا إلى ارتفاع الطلب على المعدن النفيس بـ12% مقارنة بالنصف الأول من 2021.

وأضاف المجلس “خلال الفترة المقبلة، سيعزز تشديد السياسة النقدية والتوترات الجيوسياسية الحاجة إلى أدوات تحوط فعالة وفي هذا السياق من المرجح أن يبرز دور الذهب كملاذ آمن، لا سيما مع استمرار حالة عدم اليقين العالمية”، لافتًا إلى أن الذهب تاريخيًّا يتفوق على غيره من الأصول في فترات التضخم المرتفع، ففي السنوات التي كان فيها التضخم الأمريكي أعلى الـ5% ارتفع الذهب بمتوسط 25%.

1661004230726

توقعات بقفزة إلى الـ2000 دولار

قال الرئيس التنفيذي لشركة ” إيفليوشن ميننج الأسترالية جيك كلاين لـ”بلومبرج” الأسبوع الماضي، إن الذهب مرشح لتجاوز مستوى 2000 دولار للأوقية خلال العام المقبل، حتى مع استمرار معدلات التضخم المرتفعة، فيما توقع تروي جايسكي أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في تيسير سياسته النقدية خلال فترة من 12 إلى 18 شهرًا من الآن، وبمجرد أن يتوقف عن رفع الفائدة خلال 2023 سيعاود الذهب الارتفاع.

منصة “لايت فاينناس” توقعت منتصف أغسطس أن ينهي الذهب العام الحالي على مكاسب وسط سيطرة حالة عدم اليقين العالمية على الأسواق وتنامي مخاوف ركود عدد من الاقتصادات الكبرى، لكنها استبعدت أن يحلق الذهب أعلى 2000 دولار قبل بداية 2023.

رياح معاكسة

حذر مجلس الذهب العالمي في تقريره من أن أسواق الذهب خلال النصف الثاني من 2022 ستواجه بيئة مليئة بالتحديات أبرزها الفائدة المرتفعة، وسط توقعات بأن يظل أداء الذهب مرهونًا بالسرعة التي ترفع بها البنوك المركزية الكبرى معدلات الفائدة.

وأضاف: يشكل الدولار القوي رياحًا معاكسة ستضغط على الذهب خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع توقعات بتراجع الطلب من قبل المستهلكين وسط استمرار حالة الضعف الاقتصادي في عديد من البلدان وتراجع مستويات السيولة وارتفاع أسعار الذهب محليًّا مقارنة بالأسعار العالمية، لكن من المرجح أن تعتاد الأسواق على التضخم المرتفع وتتجه أكثر نحو الذهب كأداة فعالة للتحوط في الآجال المتوسطة والطويلة.

ربما يعجبك أيضا