أصوات نورانية| راغب غلوش.. «صوت رخيم» يتدفق إلى أعماق القلب

محمود طلعت
راغب مصطفى غلوش

بفضل صوته الملائكي الرنان أطلق على الشيخ راغب مصطفى غلوش عدة ألقاب منها "فارس القراء، أفلاطون النغم القرآني، معلم الأجيال، قارئ العصر ".


تستعرض “شبكة رؤية الإخبارية”، في سلسلتها “أصوات نورانية” على مدار شهر رمضان، قراء القرآن والإنشاد الديني الذين حباهم الله أصواتًا ملائكية.

وفي الحلقة الـ14 من السلسلة، نسلط الضوء على القارئ الشيخ راغب مصطفى غلوش، أحد أشهر القراء في مصر والوطن العربي، والذي سافر إلى معظم دول العالم قارئا لكتاب الله، ووجهت إليه دعوات عدة من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية.

المولد والنشأة.. وبزوع الموهبة

ولد الشيخ راغب مصطفى غلوش في 5 يوليو عام 1938، بقرية برما التابعة لمدينة طنطا بمحافظة الغربية، وفي سن صغيرة، لم يكن حينها يتجاوز التاسعة من عمره، أعلنت موهبته الفذة في التلاوة عن نفسها، ليصبح حديث أهل القرية، بعدما بدأ في التردد على كتاتيبها.

ولقد أكمل الشيخ راغب مصطفى غلوش، حفظ القرآن الكريم وذاع صيته في القرى المجاورة، وهو ابن الرابعة عشرة من عمره، ووصلت شهرته إلى أرجاء مدينة طنطا، معقل القراء والعلماء في ذلك الوقت، وحينها انهالت عليه الدعوات من القرى والمدن القريبة للتلاوة بها في الأمسيات والاحتفالات الدينية.

الالتحاق بالخدمة العسكرية

عندما بلغ الشيخ غلوش العشرين من عمره، جاء دوره لأداء الخدمة العسكرية بالجيش المصري، فجرى توزيعه على مركز تدريب بلوكات الأمن المركزي بالدراسة القريب من مسجد الحسين، وفي هذا المكان كانت الفرصة متاحة له لأداء الصلاة والاستماع إلى أكبر المشايخ والقراء بالمسجد.

وبجانب هذا كان ذلك سببًا قويا في استقباله كثيرًا من الدعوات التي وجهت إليه، لإحياء مآتم كثيرة بالقاهرة، زامل فيها مشاهير القراء بالإذاعة، أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ محمود خليل الحصري وغيرهم من عظماء قراء القرآن الكريم في هذا الزمان.

مواقف من حياة الشيخ غلوش

روى الشيخ راغب مصطفى غلوش، رحمه الله، بعض ما صادفه في حياته بقوله “تعرفت على شيخ المسجد الحسيني المرحوم الشيخ حلمي عرفة، وقرأت أمامه ما تيسر من القرآن فأعجب بى جدًّا، وذات يوم أفصحت له عما أتمناه، وطلبت منه أن يسمح لي بالأذان والقراءة قبل إقامة الصلاة، فقال لي يا راغب إذا تأخر الشيخ طه الفشني فسوف يكون لك نصيب وتؤذن العصر وتقرأ”.

ويضيف الشيخ غلوش: “دعوت الله من كل قلبي أن يتأخر الشيخ طه الفشني، وكأن أبواب السماء كلها كانت مفتوحة فاستجاب الله لي دعائي، وتأخر الشيخ الفشني واقترب موعد الأذان فقال لي الشيخ حلمي جهِّز نفسك واستعد، وقال لملاحظ المسجد “خذ راغب علشان يؤذن”.

أصغر قارئ بإذاعة القرآن الكريم

امتلك غلوش صوتًا رخيمًا عذبًا، وحلق بمستمعيه بعيدًا إلى السماء، لذلك لم يكن غريبًا أن يتبعه محبوه أينما حل صوته، طالبين منه أن يقرأ ويرتقِ بهم بنبرة صوته، لتهتف حناجرهم بلفظ الجلالة، الله، في تلقائية كلما تلا آية من آيات كتاب الله، معبرين بذلك عن تشنيف آذانهم بجمال كلام الله بصوت عذب رقراق.

وكان اعتماد الشيخ راغب مصطفى غلوش بإذاعة القرآن الكريم عام 1962 نقطة فاصله في تاريخه ومسار حياته مع كتاب الله تعالى، فقد كان عمره وقتها لم يتجاوز 22 عامًا، ليكون أصغر قارئ بالإذاعة في عصرها الذهبي. وهو الأمر الذي جعله يكثف مجهوده وإحاطته بعلوم القراءات حتى يكون جديرًا بالمكانة التي حظي بها في الإذاعة.

رحلته في خدمة كتاب الله حتى وفاته

سافر الشيخ راغب مصطفى غلوش إلى معظم دول العالم، وذلك في شهر رمضان من كل عام، لأكثر من ثلاثين عامًا متتالية، كان فيها قارئًا لكتاب الله، عز وجل، حاملًا على عاتقه أمانة نشر القرآن الكريم من خلال صوته العذب الجميل وأدائه المتمكن المصقل بالدراسة والعلم.

ولقد ظل الشيخ راغب مصطفى غلوش يتلو قرآن الفجر، مرة كل شهر، بأشهر مساجد مصر، إلى أن وافته المنية في 4 فبراير 2016 عن عمر يناهز 77 سنة. وكان ذلك العمر المديد عامرا بالخير وحسن السيرة، ذلك أنه أجاد قراءة القرآن في سن مبكرة جدًّا وتمكن من قراءاته طوال عمره، حتى وافته المنية، فرحمة الله عليه.

ربما يعجبك أيضا