أصوات نورانية| طه الفشني.. «بشارة السماء» التي جمعت براعة التلاوة والإنشاد

محمود طلعت

الشيخ طه الفشني يعد أحد عمالقة التلاوة والتواشيح الدينية في مصر والوطن العربي، كان القارئ المفضل للرئيسين جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات.


تستعرض “شبكة رؤية الإخبارية”، في سلسلتها “أصوات نورانية” على مدار شهر رمضان، قراء القرآن والإنشاد الديني الذين حباهم الله أصواتًا ملائكية عذبة ليطربوا الآذان ويسحروا القلوب.

وفي الحلقة الـ11 من السلسلة، نسلط الضوء على القارئ والمبتهل الشيخ طه الفشني، الذي جمع بين براعته في تلاوة القرآن الكريم، وأداء الابتهالات الدينية، ويعد أول من أدخل النغم في التجويد مع المحافظة على الأحكام. وذلك بعد أنْ تعلم الموسيقى وعلم النغمات على يد الشيخ درويش الحريري.

المولد والنشأة والتعليم

ولد القارئ والمبتهل الشيخ طه الفشني في مركز الفشن بمحافظة بني سويف عام 1900م، وبدأ حياته العلمية مع كتاب الله، عز وجل، عندما ألحقه والده بكتاب القرية، بجانب دراسته في المدرسة الابتدائية، واستطاع أن يتم حفظ كتاب الله وهو في سن الخامسة عشرة من عمره.

ولقد تميز الشيخ الفشني بين أقرانه بالصوت الملائكي العذب، سواء في التلاوة أو الإنشاد، وهو ما شجع أسرته على مساعدته لتعليم فنون التلاوة وعلوم القراءات وأحكام التجويد، ثم التحق بالمدرسة الإعدادية ثم معهد المعلمين الذي حصل منه على شهادة الكفاءة عام 1919م.

بدايات الشهرة.. والانتقال للقاهرة

سافر الشيخ طه الفشني، رحمه الله، عام 1923م إلى القاهرة، والتحق بمعهد القراءات بالأزهر فتلقى تعليمه، في علوم القرآن الكريم وأحكامه وعلوم القراءات، على يد الشيخ عبد العزيز السحار، أحد علماء الأزهر آنذاك وحصل على شهادة القراءات العشر حتى تمكن من أحكام التلاوة وضوابط التجويد.

وبعد ذلك التحق الفشني بالإذاعة المصرية عام 1937 بعد اجتيازه جميع الاختبارات، وأصبح مقرئًا ومنشدًا للتواشيح الدينية بها، على مدى ثلث قرن، وكان ذلك بمثابة نقطة تحول في حياته وانطلاقة جديدة له في طريق الشهرة والتألق. ذلك أنه كان له صوت مميز ونغمة فريدة.

المناصب التي شغلها الشيخ طه الفشني

قدم للإذاعة المصرية العديد من التسجيلات لسور القرآن الكريم، بالإضافة إلى تقديمه ساعة من الإنشاد الديني يوم الأحد من كل أسبوع، وعندما بدأ إرسال التليفزيون المصري كان من أوائل المقرئين الذين ظهروا على شاشته. وبهذا ازدادت شهرته وذاع صيته في الآفاق.

وكان الشيخ الفشني، رحمة الله عليه، هو المؤذن الأول لمسجد الإمام الحسين، رضي الله عنه، سبط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعمل قارئًا رسميًّا لمسجد السيدة سكينة في عام 1940م، وتولى منصب رئيس رابطة قراء القرآن الكريم، بعد وفاة الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي.

الفشني.. صاحب النفس الطويل

اشتهر طه الفشني، بأنه صاحب النفس الطويل، فكان يستطيع أن ينشد القصيدة الواحدة لمدة أربع ساعات متتالية، وكان عشاق الشيخ طه الفشني يسهرون حتى الفجر يستمعون إليه، وهو يؤدي الابتهالات ويؤذن من مسجد الحسين، وكانوا يحرصون على الاستماع إليه وهو ينشد التواشيح في مولد السيدة زينب.

وقد لازم رائد الإنشاد الديني، الشيخ علي محمود، الذي أعجب بموهبة الفشني، وبدأ يقدمه في حفلاته الدينية، وبعد أن تعلم الموسيقى وعلم النغمات على يد الشيخ درويش الحريري، بدأ يتعامل مع كبار الملحنين، أمثال زكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب.

أشهر ابتهالات طه الفشني.. وتكريمه

من أشهر ابتهالات الشيخ طه الفشني “الأذان بمقام البياتي، الأذان بمقام الرست، الأذان بمقام الحجاز، ملكت عنان العز، آن الصوم، إلهي إن يكن ذنبي عظيمًا، يا رسول الله يا خير البرايا، يا رسول الله، إلهي أنت مولاي، مولاي الهادي، إله العرش، سبحان من تعنو الوجوه، ميلاد طه كامل، الله زاد محمد تعظيمًا، إمام المرسلين، يا أرض الحجاز، مولاي كتبت رحمة الناس عليك”.

وبعد رحلة عامرة مع كتاب الله، والكثير من هذه الابتهالات التي أبدع فيها الشيخ الفشني، أصيب الشيخ طه الفشني بمرض في القلب منعه من تسجيل المصحف المرتل كاملًا بصوته. ونظرًا لموهبته المتميزة منحته مصر نوط الامتياز في العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وكرمه العديد من الدول الإسلامية. وفي 10 ديسمبر عام 1971م رحل الشيخ الفشنى بعد حياة حافلة مع القرآن، تاركًا خلفه كنوزًا من التسجيلات.

 

ربما يعجبك أيضا