أقصى اليمين.. تغيرات جذرية في المشهد السياسي بفرنسا

إسراء عبدالمطلب

قد يجلب الوضع السياسي المتغير في فرنسا تحولات جذرية في السياسة الداخلية والخارجية.


استدعى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في 9 يونيو 2024، انتخابات مبكرة بعد فشله في الحصول على دعم كافٍ في الانتخابات البرلمانية للاتحاد الأوروبي، حيث فاز اليمين المتطرف بنسبة 40% من الأصوات الفرنسية.

وتوقع ماكرون أن تحرك الانتخابات المبكرة قاعدته الانتخابية وتعزز موقفه في الجمعية الوطنية، وتوقف صعود حزب التجمع الوطني، الذي يمثل اليمين المتطرف. ولكن النتيجة كانت مفاجئة، إذ حصل التحالف الوسطي الذي يقوده ماكرون على نسبة 21% فقط وجاء في المركز الثالث.

ماكرون يوضح قراره بشأن الدعوة لانتخابات مبكرة ويهاجم اليمين المتطرف واليسار الراديكالي

أقصى اليمين

حسب مجلة فورين آفيرز، الخميس 4 يوليو 2024، استفاد التجمع الوطني، الذي لا يزال راديكاليًا، من الانتخابات بنسبة 33% من الأصوات، ما يعني أنه قد يحكم البلاد للسنوات الثلاث المقبلة. وقد يصبح رئيس فصيل التجمع الوطني، جوردان بارديلا، رئيس الوزراء القادم، وهو شاب يتمتع بشعبية كبيرة خاصة بين الشباب، حيث يجذب جمهورًا واسعًا عبر TikTok وفي المسيرات برسائل تدافع عن الحوار وحقوق الأفراد.

ويظل بارديلا، رغم شبابه وانتمائه إلى حزب التجمع الوطني، شخصية مثيرة للجدل ومحافظة على أفكار حزبه الصارمة. إذ لم يشغل أي منصب تنفيذي سابقًا ويعتبر معرفته بالقضايا الاقتصادية والمؤسسية والجيوسياسية والبيئية في فرنسا ضعيفة. ويشمل برنامجه إجراءات مثل “التفضيل الوطني” الذي يستهدف الفرنسيين فقط في الخدمات التي تمولها الدولة، مما ينعكس على نوعية المعيشة والفرص التي يمكن الحصول عليها للمقيمين الآخرين.

كما يدعم مواقف متشددة تجاه الهجرة والعلاقات الدولية، مع تأكيده على السيادة الوطنية والخروج من المعاهدات الدولية التي تتعارض مع سياساته.

تحديات كبيرة

سيواجه بارديلا تحديات كبيرة في مجال تنفيذ سياساته، خاصة مع معارضة داخلية قد تأتي من المؤسسات والقوانين الدولية التي يمكن أن تتدخل في تنفيذ بعض من إجراءاته. كما يمكن أن تؤثر مواقفه على العلاقات الدولية لفرنسا، خاصة فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي والمشاركة في الهياكل الدولية الأخرى.

وقد يجلب الوضع السياسي المتغير في فرنسا تحولات جذرية في السياسة الداخلية والخارجية، ما يعكس استجابة الناخبين للتحديات والمشاكل التي تواجه البلاد في الوقت الحالي.

مشهد متقلب

المشهد السياسي في فرنسا يبدو متقلبًا ومتشددًا، إذ يواجه حزب التجمع الوطني وبارديلا نفسه اتهامات بالانحياز والعنصرية، خاصةً في ظل استراتيجياتهم وتصريحاتهم بشأن الهجرة والسيادة الوطنية. وتسعى الجبهة الشعبية الجديدة وغيرها من الأحزاب إلى تشكيل تحالفات لمنع فوز حزب التجمع الوطني في جولات الإعادة، ما يعكس محاولات واسعة لمنع انتشار أفكارهم وسياساتهم.

ويروج بارديلا وحزبه لرؤية تشمل إجراءات مثل “التفضيل الوطني”، التي قد تزيد من التمييز ضد المهاجرين والمقيمين غير الفرنسيين، ما يثير الجدل حول المساواة وحقوق الإنسان. ورغم تأكيدهم على تمثيل جيل جديد وبداية جديدة، فإن تاريخ حزب التجمع الوطني وصلته بأيديولوجيات مثل نظام فيشي يثيران القلق بشأن مستقبل الديمقراطية في فرنسا.

ربما يعجبك أيضا