هل يرضخ المستشار الألماني لمطالب تزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة؟

جاسم محمد

رغم موافقة شولتز على شراء الأسلحة لصالح أوكرانيا من مصانع ألمانية بدلًا من مخازن وزارة الدفاع، فإن سياسات تجاه الحرب الروسية الأوكرانية ما زالت تواجه الكثير من الانتقادات


كلما كان الوضع العسكري في أوكرانيا أكثر حدة، زاد الضغط على الحكومة الألمانية في الداخل والخارج على حد سواء، ما دفع أطرافًا داخلية وخارجية لاتهام المستشار، أولاف شولتز، بالتردد، لكنه تلقى دعمًا بارزًا من الحزب الديمقراطي الحر الذي دافع نائبه، وولفجانج كوبيكي، عن سياسات شولتز تجاه الصراع الروسي الأوكراني.

وفي سياق الضغوطات، هددت المجموعة البرلمانية CDU / CSU، يوم 22 أبريل 2022، باتخاذ إجراءات في البوندستاغ “البرلمان اللماني” إذا لزم الأمر. وكتب رئيس المجموعة البرلمانية للاتحاد المسيحي، يوهان وادفول، على تويتر “نريد إن نرى دعم الحكومة الفيدرالية في هذه الأزمة” إلى أوكرانيا.

حجم المساعدات الألمانية العسكرية إلى أوكرانيا

منذ بداية الحرب، تلقت أوكرانيا من ألمانيا  ألفين و500 صاروخ مضاد للطائرات و900 قاذفة صواريخ مضادة للدبابات، مع 3 آلاف طلقة ذخيرة و100 رشاش و15 قاذفة محصنة مع 50 صاروخًا، إضافة إلى 100 ألف قنبلة يدوية وألفي لغم وحوالي 5 آلاف و300 عبوة ناسفة وأكثر من 16 مليون طلقة ذخيرة من عيارات مختلفة للمسدسات من بنادق هجومية إلى رشاشات ثقيلة.

وحسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن دوائر الحكومة الأوكرانية فإن تلك القائمة لا تشمل الأسلحة الثقيلة مثل الدبابات أو المدفعية. وتستعد الحكومة الفيدرالية لإجراء تبادل تسليم الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا. وفقًا لمعلومات من وكالة الأنباء الألمانية، من المقرر أن تسلم سلوفينيا الشريكة في حلف شمال الأطلسي عددًا كبيرًا من دباباتها القتالية الرئيسية إلى أوكرانيا وستستلم في المقابل مركبة مشاة قتالية من طراز Marder وعربة Fuchs المدرعة بعجلات من ألمانيا.

ولا تزال سلوفينيا تستخدم نسخة يوغوسلافية من دبابة القتال الرئيسية T-72 تسمى M-84 نظام الأسلحة T-72، التي تعود تاريخها إلى الحقبة السوفيتية، ويستخدمه الجيش الأوكراني بالفعل ولا يتطلب تدريبًا إضافيًا مكثفًا. وطلبت سلوفينيا أيضًا المزيد من المعدات الحديثة من ألمانيا كتعويض، بما في ذلك دبابة القتال الألمانية ليوبارد 2 ودبابة بوكسر ذات العجلات ومركبة القتال المشاة من طراز بوما التي قدّمتها برلين في البوندسوير خلف Marder الذي استخدمته لمدة 50 عامًا.

وأفادت صحيفة “بيلد” الألمانية بأن برلين قلصت قائمة الأسلحة والمعدات العسكرية التي كانت تدرس احتمال تقديمها لأوكرانيا إلى النصف. وقالت الصحيفة إنها اطلعت على وثيقة تشير إلى أن قائمة الأسلحة والمعدات التي طلبتها أوكرانيا أصلًا جرى تقليصها من 48 صفحة إلى 24 صفحة ومن 15 نوعًا من الأسلحة التي طلبتها كييف، أبقت على القائمة 3 مواد فقط، مع الإشارة إلى البديل المحتمل.

أغلبية ضئيلة لصالح تسليم الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا

وفقًا لاستطلاع للرأي أجراه موقع “فورسا” بتكليف من RTL و NTV، صوتت أغلبية ضئيلة من المواطنين لصالح تسليم الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا بـ51% وعارضها 37%. ويدعو مؤيدو حزب الخضر (44%) وأحزاب الاتحاد CDU و CSU (46%) إلى مزيد من الدعم لأوكرانيا. ويعتقد أنصار حزب البديل من أجل ألمانيا (51%) أن الحكومة قدمت الكثير لأوكرانيا.

النتائج

ـ يبدو أن المستشار الألماني يدرك جيدًا مخاطر الحرب في أوكرانيا أكثر من غيره من الأوروبيين، لذا يحاول عدم إرسال معدات ثقيلة مباشرة، ويحاول أن لا تكون ألمانيا طرفًا في الحرب. ومازال شولتز يواجه انتقادت من الائتلاف الحاكم وربما حتى من بعض أعضاء حزبه الأشتراكي رغم دعم الحزب الديمقراطي الحر.

ـ ما زالت ألمانيا تحت ضغط دول الناتو خصوصًا من أوروبا الشرقية، التشيك وبولندا إلى جانب الولايات المتحدة والانتقادات الحادة من أوكرانيا. لكن رغم ذلك يبدو أن المستشار الألماني يظهر سياسة رصينة ومتزنة رغم هذه الضغوطات، فهو لا يريد أن يخسر مصداقيته أمام الناتو والغرب، وفي نفس الوقت يحاول “فرملة” مطالب حزب الخضر والأحزاب الأخرى بشأن إرسال الأسلحة والمعدات الثقيلة إلى أوكرانيا.

إن خطة الحكومة الألمانية الحالية هي تبادل تسليم الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا من خلال تحويل سلوفينيا الشريكة في حلف شمال الأطلسي عددًا كبيرًا من دباباتها القتالية الرئيسية إلى أوكرانيا، وهذا يعني تدوير للمعدات والأسلحة الثقيلة، خصوصًا ما يتعلق بالأسلحة التي تعود إلى حقبة الاتحاد السوفياتي السابق.

تبقى الخلافات مابين المستشار شولتز وبقية الأحزاب حتى الخضر والديمقراطي الحر وغيرها قائمة، هذه الأحزاب تطالب بتسريع شحنات الأسلحة من ألمانيا الى أوكرانيا، ورغم موافقة شولتز على شراء الأسلحة من مصانع ألمانية بدلًا من مخازن وزارة الدفاع، فإنه ما زال يواجه الكثير من الانتقادات، ومن المتوقع أن تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومة الألمانية.

ربما يعجبك أيضا