أمريكا توسع دائرة الضغط على طهران وأوروبا تتحصن من العقوبات الأمريكية

يوسف بنده

رؤية

بعد انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران في خطوة أثارت غضب العديد من حلفائها، تسعى الولايات المتحدة لبناء “تحالف” دولي ضد نظام طهران و”أنشطته المزعزعة للاستقرار”، حسبما قالت وزارة الخارجية الأمريكية الخميس.

وسيقوم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بتفصيل هذه الفكرة الإثنين في اول خطاب له حول السياسة الخارجية منذ توليه منصبه في نهاية نيسان/ إبريل، وسيتحدث في شكل خاص عن إيران و”كيفية المضي قدمًا”.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر ناورت، لصحافيين في واشنطن “ستعمل الولايات المتحدة بجد لبناء تحالف”.

وأضافت “سنجمع بلدانا كثيرة من حول العالم لهدف محدد هو مراقبة النظام الإيراني من خلال منظور أكثر واقعية، ليس من خلال منظور الاتفاق النووي فقط، بل من خلال كل انشطته المزعزعة للاستقرار التي لا تشكل تهديدا للمنطقة فحسب بل للعالم اجمع”.

وتابعت “هذا ليس ائتلافا معاديًا لإيران. نحن نميز بوضوح بين الشعب الإيراني” و”النظام الإيراني”، موضحة أن “الامر يتعلق بالنظام الإيراني وبأفعاله السيئة”.

وأعطت ناورت مثال التحالف الدولي ضد جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا الذي أطلق في عام 2014 ويضم حاليا 75 دولة او مؤسسة. وهذا التحالف بقيادة الولايات المتحدة يتدخل عسكريًا لمحاربة التنظيم الجهادي الذي هُزم تقريبا على الأرض. ولم تحدد ناورت ما إذا كان الائتلاف المستقبلي ضد النظام الإيراني سيكون له أيضا شق عسكري.

أنشطة تخريبية

وقالت إن وزارة الخارجية استقبلت زهاء 200 سفير أجنبي الإثنين لكي تشرح لهم قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مع إيران ومناقشة الخطوات المقبلة.

وردا على سؤال في شأن استعداد الأوروبيين للمشاركة في هذا التحالف الجديد على الرغم من خيبة املهم حيال سياسة واشنطن، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أن العديد من شركاء الولايات المتحدة “يتفهمون تماما” المخاوف الأمريكية و”لا يغضون النظر” عن الموقف الإيراني.

أوروبا تتحصن

وأطلقت المفوضية الأوروبية الجمعة الإجراءات الرسمية التي تهدف إلى تفعيل “قانون التعطيل” من أجل الحد من تأثير العقوبات الأمريكية على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران، وفقا لما أعلنه الخميس رئيس المفوضية جان كلود يونكر.

وكان هذا التشريع الأوروبي أقر في 1996 للالتفاف على العقوبات الأمريكية على كوبا لكنه لم يستخدم من قبل. وتأمل المفوضية في أن يبدأ تطبيق هذه الإجراءات مطلع آب/أغسطس مع دخول العقوبات الأولى التي أقرتها الولايات المتحدة مؤخرا حيز التنفيذ.

وكان يونكر صرح في ختام قمة أوروبية في صوفيا الخميس “علينا التحرك الآن”، بعدما لقي تأييد رؤساء دول وحكومات الاتحاد “بالإجماع”.

وقالت المفوضية إن “رفع العقوبات المرتبطة بالنووي جزء أساسي من الاتفاق حول النووي الإيراني”. وأضافت أن “الاتحاد الأوروبي يتعهد الحد من تأثير العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية ويتخذ إجراءات للحفاظ على نمو التجارة والعلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإيران التي بدأت مع رفع العقوبات”.

لا خيار إلا المواجهة مع أمريكا

ويسمح قانون “التعطيل” هذا للشركات والمحاكم الأوروبية بعدم الامتثال للقوانين حول العقوبات التي يتخذها بلد ثالث، ويقضي بعدم تطبيق أي حكم يصدر عن محاكم أجنبية على أساس هذه التشريعات داخل الاتحاد الأوروبي.

وأطلقت المفوضية أيضا إجراءات تتيح لبنك الاستثمار الأوروبي بدعم الاستثمارات الأوروبية في إيران وخصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأمام البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي (الدول الأعضاء) شهران لمعارضة هذه الإجراءات.

وقالت المفوضية انه “يمكن وقف الإجراءات إذا لم تعد الظروف السياسية تبرر تبنيها”.

وأثار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني مترافقا مع إعادة فرض العقوبات الأمريكية، فجأة مخاوف من مخاطر مالية كبرى تواجه الشركات التي أبدت رغبة في الاستثمار في إيران بعد توقيع هذه الوثيقة التاريخية في 2015.

ووقع الاتفاق النووي في تموز/يوليو 2015 بعد سنوات من المفاوضات الشاقة بين إيران ومجموعة 5 1 (ألمانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا). وقد سمح بتجميد البرنامج النووي الإيراني حتى 2025 مقابل رفع جزء من العقوبات الدولية المفروضة على طهران.

ويحاول الأوروبيون الذين يرون أن سوقا يمكن أن تدر عليهم المليارات تفلت من أيديهم، إنقاذ الاتفاق النووي والالتفاف على العقوبات ومواصلة علاقاتهم الاقتصادية مع إيران، لكن خلف هذه الوحدة الظاهرة فإن الحلول الملموسة تبدو صعبة.

ربما يعجبك أيضا